سبوتنيك: هل تأثر الاقتصاد الإسرائيلي بالهبة الشعبية الفلسطينية؟
الرضيع: بداية هناك بالطبع تأثيرات على الاقتصاد الإسرائيلي تبعاً للهبة الجماهيرية والانتفاضة الشعبية الفلسطينية الراهنة، ولكن حجم تلك التأثيرات وتقدير حجم الخسائر مرتبط بمدى استمرار الهبة في الفترة القادمة، وخلال الأسابيع الثلاثة السابقة تأثر الاقتصاد الإسرائيلي بشكل واضح وبسبب ذلك، سيحقق نمواً سالباً في الربع الأخير من العام 2015.
سبوتنيك: ما هو حجم الخسائر التي تكبدها الاقتصاد الإسرائيلي؟ وما هي الخسائر المتوقعة في الفترة القادمة؟
الرضيع: بالحديث عن حجم الخسائر، فهي تتراوح شهرياً بمعدل 11 مليار شيكل (2.8 مليار دولار)، وفي حال استمرار الانتفاضة لشهور قادمة، فإن الاقتصاد الإسرائيلي مقبل على تحقيق معدل نمو سالب للعام 2015، وسيفقد من 15 إلى 20 مليار دولار… تحقيقه لمعدل نمو سالب يعني أنه سيفقد قرابة 6% من نموه السنوي، وسيكون هذا التراجع الأكبر منذ 2001-2002، وعليه فإن تأثيرات الهبة الجماهيرية فاقت تأثيرات الأزمة المالية العالمية عام 2008، وكذلك حروب إسرائيل في غزة 2008-2014… حيث لم يرافق تلك الحروب في غزة ولبنان تحقيق إسرائيل لنمو سالب، وبقي الاقتصاد محافظاً على نمو فاق الـ 3%، أي معدل نمو عالي قياساً بدول المركز الرأسمالي المتطور.
سبوتنيك: ما أهم القطاعات الإسرائيلية التي تكبدت خسائر مع اندلاع الهبة الشعبية؟
الرضيع: أهم القطاعات، التي تأثرت حالياً هي قطاع السياحة الداخلية، وخصوصاً في مدينة القدس حيث أن السياحة تشكل 7% من نمو الاقتصاد الإسرائيلي، الذي يبلغ ناتجه السنوي قرابة 291 مليار دولار، تأثيرات ذلك على السياحة ظهر بتراجع عدد السياح وانخفاض رواد الفنادق في البلدة القديمة من جهة، وانخفاض حجم الطلب في السوق المحلي الناجم عن بقاء الإسرائيليين في بيوتهم وحالة الذعر التي تصيب الأسر، مما أدى إلى تراجع استخدام المستهلك الإسرائيلي لبطاقات الائتمان، إضافة للخسائر في قطاع الاستثمار الأجنبي بشكل مباشر، وخصوصاً إستثمارات الأجانب في صناعات الهايتك والبرمجيات، التي تعتبر أهم مصادر النمو في الإقتصاد الإسرائيلي، وكذلك قطاع التجارة الداخلية والبورصة الإسرائيلية التي تعبر عن تقدم ودرجة الاندماج العالية لإسرائيل في عالمية العولمة.
سبوتنيك: في حال استمرار هذه الخسائر… هل سيؤثر ذلك على سلطة الحكم الإسرائيلية الحالية؟
الرضيع: لا أحد ينكر قوة تأثير الاقتصاد على أروقة القرار السياسي، فكل أزمة اقتصادية تؤثر على القرار السياسي… استمرار الانتفاضة وحالة التباطؤ الاقتصادي في إسرائيل، سيؤدي إلى تراجع أسهم الحكومة اليمنية، ما يعني اتخاذها مزيداً من السياسات المتطرفة ضد الفلسطينيين، لقمع ودأب تلك الانتفاضة… وفي حال نجح الفلسطينيون واستمروا في الهبة وتحولت إلى انتفاضة شعبية عارمة وامتدت لكل مدن وقرى الضفة الغربية والمناطق العربية في إسرائيل، فإن حكومة اليمين في طريقها للسقوط… سيؤدي ارتفاع نفقات الأمن وتراجع حصة الشرائح المجتمعية والصحة والتعليم من الموازنة لصالح الأمن على حساب رفاه المجتمع إلى مزيد من الاحتجاجات المطالبة بتقديم إعانات وغيرها… ربما يؤدي ذلك إلى توجه إسرائيل لانتخابات مبكرة ستكلفها مليارات الشواكل، بمعنى أن كل يوم انتفاضة يرافقه استنزاف ملايين الشواكل من خزينة إسرائيل، ويضغط أكثر على برامج الحكومة ويضعفها.
سبوتنيك: ما مدى تأثير المقاطعة الفلسطينية للمنتجات الإسرائيلية على حجم الخسائر؟
الرضيع: فلسطينياً، فإن استمرار الانتفاضة مع توسيع دائرة المقاطعة الفلسطينية والعالمية للمنتجات الإسرائيلية، يعني أن أهم مصادر النمو الإسرائيلي وهي الصادرات، سوف تعاني من الركود، ولهذا فإن انعكاسات كبيرة على حجم الإنتاج المحلي، وعليه فالآثار الاقتصادية واضحة الآن وتسير نحو مزيد من الخسائر.
سبوتنيك: ما هي انعكاسات الخسارة الاقتصادية على الجبهة الداخلية الإسرائيلية؟
الرضيع: بلغة الأرقام نحن أمام تراجع الناتج دون 290 مليار دولار، خلال شهور… البطالة ستفوق الـ 6%، وخسارة بعشرات المليارات من الشواكل للبورصة… هناك تراجع الاحتياطي من العملات الصعبة دون 90 مليار دولار، وتراجع الشيكل بحدود متدنية، وكذلك ارتفاع العجز في الموازنة الحكومية، وارتفاع التضخم، وتراجع متوسط دخل الفرد الحقيقي، وانخفاض مساهمة السياحة دون 7%… أيضاً انخفاض إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة بعدة مليارات، كذلك أوضح أن كل تلك الخسائر مرتبطة بمدى نجاح الفلسطينيين في هذه الانتفاضة وإرادتها بشكل سليم سيؤرق متخذ القرار السياسي والاقتصادي في إسرائيل.
(أجرى الحوار: هشام محمد)