١
لا شك أن نتائج المباحثات التي أجراها الرئيس فلاديمير بوتين مع الرئيس السوري بشار الأسد، أكدت على ثبات الموقف الروسي من الأزمة، بينما تواصل إدارة باراك أوباما السقوط في مستنقع دعم عناصر " اللا دولة " والجماعات المتطرفة لتغيير أنظمة الحكم غير المرغوب فيها بمنطقة الشرق الأوسط.
٢
ليلة سقوط إدارة أوباما بدأت منذ سنوات بقرار دعم الفوضى وتيارات الإسلام السياسي ضد الدول الوطنية في المنطقة وبهدف تغيير أنظمة الحكم غير المرغوب فيها بما يمثل مخالفة جسيمة لميثاق الأمم المتحدة وقواعد القانون الدولي المعاصر.
فشلت سياسة أوباما في مصر التي رفع شعبها صور الرئيس بوتين بجوار الرئيس السيسي خلال الثورة على الفاشية الدينية والحرب على الإرهاب، واليوم يواجهه نفس المصير في سوريا حيث التحرك السياسي والعسكري لموسكو بهدف القضاء على بؤر التطرّف والإرهاب، والذي كشف بوضوح حجم تقاعس تحالف واشنطن، والمؤامرة على حضارة وثقافة الشعب السوري.
٣
كشف الرئيس بوتين خلال مشاركته في منتدى "فالدي" للحوار حول الشرق الأوسط، والذي عقد مؤخراً في سوتشي، عن بعض ما دار من مباحثات مع الرئيس السوري بشار الأسد، موضحاً ترحيب الأسد بتعاون موسكو مع المعارضة المسلحة في مكافحة الإرهاب، وأنه سينظر إلى هذا التعاون بإيجابية، وذلك عندما تساءل بوتين عن رأيه في حال وجدت موسكو في سوريا معارضة مسلحة مستعدة للقتال ضد الجماعات الإرهابية، وقيام روسيا بالتعاون مع هذه المعارضة في حربها ضد الإرهاب، كما تدعم القوات الروسية الجيش السوري؟
٤
ويأتي التحرك العسكري الروسي في سوريا في إطار الدور المنوط لموسكو في حماية السلم والأمن الدوليين ومحاربة الإرهاب والتطرف، وبهدف دفع الأطراف السورية في اتجاه عملية التسوية السياسية، بدعم من القوى الإقليمية والدولية الراغبة في الحل، واستبعاد تلك العناصر المتطرفة الإرهابية، التي تهدد المنطقة والمجتمع الدولي، وانطلاقاً من حق الشعب السوري في تقرير مصيره بعيداً عن التدخلات الخارجية.
٥
سقطت إدارة أوباما عندما أعلنت الشعوب العربية رفض سياستها في المنطقة، وإدراكها لمخطط نشر الفوضى الذي بدأ من أفغانستان، والتقسيم على أساس طائفي والذي تجلى في المشهد العراقي، وخلق بيئة حاضنة للإرهاب على حساب الدولة الوطنية، خصماً من رصيد الحضارة العربية الإسلامية وثقافة شعوب المنطقة، وهذا ما يفسر التأييد الشعبي للجهود الروسية والدعم الذي أكدت عليه القيادة المصرية لجهود موسكو في القضاء على التنظيمات الإرهابية في سوريا والمنطقة.
٦
وفي الوقت الذي تواصل فيه القوات الروسية ضرباتها المؤثرة على الوضع الميداني في سوريا، ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، إن الرئيس الأمريكى باراك أوباما فى موقف حرج بعد مقتل أول جندي أمريكي وجرح آخرين، في مواجهة مباشرة مع تنظيم "داعش"، بعد فشل عملية مشتركة مع القوات الكردية على سجن "الحويجة" الذي يسيطر عليه تنظيم "داعش"، والذي أدى إلى مقتل العشرات من السجناء والحراس، ورغم ما أعلن عن تحرير ٧٠ من الرهائن.
ونفى البيت الأبيض أن يكون الرئيس الأمريكي وقع قراراً بتنفيذ العملية العسكرية المشتركة مع قوات كردية وعراقية، أو أن يكون قد وجّه بتحرير سجناء لدى تنظيم "داعش" الإرهابي، محملاً "البنتاغون" المسئولية عن العملية والتي جاءت وفقا لمعلومات استخباراتية.
٧
وتواصل الإدارة الأمريكية وحلفاؤها سياسة التضليل عندما تمارس ضغوطها على الحكومة العراقية لرفض التعاون مع روسيا في محاربة الإرهاب، وترويج وسائل الإعلام والإعلاميين الذين يتبنون سياسة واشنطن، بأن روسيا مهددة بمن يصفوهم بـ"المجاهدين الروس"، متجاهلين أن الجماعات الإرهابية تضم خليطا من العناصر الأجنبية من مواطني الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا ودول عربية وآسيوية، وأن العائدين من سوريا يشكلون خطراً على المجتمع الدولي بأكمله، وليس على روسيا فقط.
٨
محاولات الجماعات الإرهابية في سوريا، وبدعم من البنتاغون ودول إقليمية، توحيد صفوفها، وإعلان وزير خارجية قطر عن استعداد بلاده للانخراط في عمل عسكري في الأراضي السورية، وبدء شبكات التنظيم حول العالم في استقطاب مزيد من العناصر، برصد ١٠آلاف دولار لكل عنصر يرغب في الانضمام إليه، واستمرار إمداد الإرهابيين داخل سوريا بالمال والسلاح المتطور، وتصريحات وزراء خارجية السعودية والولايات المتحدة وتركيا عقب محادثات فيينا حول الرئيس بشار الأسد، كل هذا يضع العديد من التساؤلات حول نوايا تحالف واشنطن من الحوار الذي يستثني قوى إقليمية مؤثرة مثل مصر وإيران والأردن، وفي ظل التقدم الذي تحققه القوات الروسية ضد مواقع الجماعات الإرهابية.
٩
يتواصل سقوط الإدارة الأمريكية التي تحاول تحقيق أهداف سياسية وإنجازات محددة على أجساد وأرواح شعوب المنطقة، فخسرت الأغلبية في مجلسي التشريع الأمريكي ـ النواب والشيوخ، وأصبحت "بطة عرجاء"، ولم يعد أوباما قادراً على اتخاذ قرار سيادي أو رسم استراتيجية محددة خارجية أو داخلية خلال العام الأخير من عهده في الحكم، وربما يكون السقوط الأكبر في خسارة الديمقراطيين للانتخابات الرئاسية المقبلة بسبب سياسات وأخطاء إدارة باراك أوباما
(المقالة تعبر عن رأي كاتبها)