أخذنا هذا التساؤل للبحث عن أحد هذه النماذج التي قد تكون أنهت فترة اعتقالها لتفك لنا هذا اللغز، وتشرح لنا الصور التي تم التقاطها، حتى وصلنا إلى الفتاة المقدسية لطيفة عبد اللطيف، التي أخذت صورتها وهي مبتسمة وقوات الجيش الإسرائيلي تعتقلها، رواجاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي.
#صور| لحظـة اعتقال قوات الاحتلال الطفلة شيماء أحمد 15 عاماً، خلال تظاهرة بمدينة الناصرة بالداخل المحتل
Posted by Shehab News Agency on Thursday, October 8, 2015
ورداً على سؤال حول ابتسامتها، قالت لطيفة عبد اللطيف، لـ"سبوتنيك"، إن "الشرطة الإسرائيلية كانت حريصة أثناء اقتيادي إلى مركز الشرطة، على عدم حديثي مع أحد، وبالتالي كانت ابتسامتي رداً واستهزاءً بهذا الاعتقال، وتأكيداً بأنه لن يثني عزيمتنا كمقدسيين".
وأوضحت أنها كانت تتعمد النظر في الكاميرا أثناء اعتقالها لالتقاط هذه اللحظة، لافتةً إلى أن "الجيش الإسرائيلي لا يريد سوى زرع الخوف في نفوسنا، ومهما كان سيجري بعد اعتقالي من ضرب وإهانة، إلا أنني استطعت أن أظهر الفلسطينيين في أبهى صورة، رغم كل الانتهاكات بحقهم".
وأشارت إلى أن الشرطة الإسرائيلية تعمدت اعتقالها، نتيجة إلحاحها على البقاء في المسجد الأقصى، مشيرةً إلى أنه قد تم توجيه العديد من التهم لها، كان أبرزها الاعتداء على مستوطن يهودي والمشاركة في أحداث شغب في المسجد الأقصى، بهدف إبعادها عن المسجد.
الأسير ماهر الهشلمون أثناء وجوده في محكمة الاحتلال الذي أصدرت حكماً بالسجن لـ200 عام وهدمت أجزاء كبيرة من شقته في الخليل، الليلة
Posted by Shehab News Agency on Monday, October 19, 2015
ويتعرض العديد من المقدسيين للمضايقات والاعتقال أو الإبعاد عن المسجد الأقصى من قبل الشرطة الإسرائيلية، نتيجة تصديهم لاقتحامات المستوطنين والتظاهر ضدهم أو الإصرار على البقاء داخل باحات المسجد.
لطيفة عبد اللطيف كانت نموذجاً خلد لحظة اعتقالها بابتسامةٍ أو فعل يستهزئ ويسخر به من هذا الاعتقال.
وفي إطار بحثنا عن نماذج أخرى، قابلنا المصور المقدسي عبد الله محمد، الذي التقط العديد من الصور المشابهة.
#صورة | أحمد مناصرة الطفل الذي نُشر له تسجيل مصور، أثناء الاعتداء عليه وشتمه من قبل المستوطنين، في مستوطنة "بسجات زئيف" بالقدس المحتلة، خلال جلسة محاكمته اليوم..
Posted by شبكة قدس الإخبارية on Sunday, October 25, 2015
وقال محمد، لـ"سبوتنيك"، "كمصورين نترصد لحظات التماس أو الاعتقال التي تحدث في مدينة القدس، ومن أغرب وأقوى ما قمت بتصويره هو الابتسامات، التي يطلقها المعتقلون وهم بين يدي الشرطة الإسرائيلية".
وتساءل محمد "كيف لشخص ذاهب للعقاب والإهانة والضرب أحياناً، أن يبتسم ملء وجهه بطريقة ساخرةٍ هكذا"، مضيفاً، "التقطت أنا والعديد من الزملاء ما يقارب من 10 حالات كهذه، كان منهم الشباب والأطفال والنساء".
وأضاف، "ما زالت عالقة بذهني صورة لطفل مقدسي في شوارع البلدة القديمة، حين كانت تطارده الشرطة الإسرائيلية، وكان يضحك طوال فراره منهم وحتى حينما تم اعتقاله، أيقنت حينها أن القوة لا تنتصر دوماً، فهناك أشياء كثيرة أقوى من السلاح وهذا ما صرت أبحث عنه في زوايا القدس".
لم تقتصر الابتسامة على الأحياء فقط، لكنها تعدت ذلك لتكون هي آخر لحظة لبعض من يقبلون على تنفيذ عمليات طعنٍ ضد قوات الجيش الاسرائيلي والمستوطنين، أو خلال المواجهات المندلعة فيما يسمى الإنتفاضة الثالثة — "إنتفاضة القدس".
أحد هذه النماذج كان الشاب ضياء التلاحمة الذي قُتل برصاص القوات الإسرائيلية في 21 سبتمبر/أيلول من العام الحالي.
وقال محمود التلاحمة، وهو شقيق ضياء، لـ"سبوتنيك"، "إن ضياء لم يستطع أن يصبر على الاعتداءات الإسرائيلية والتدنيس في المسجد الأقصى، فأخذ على عاتقه أن يتصدى لهذه الاعتداءات بروحه".
وعن سر ابتسامة ضياء في آخر لحظاته التي بقيت عالقة على وجهه حتى بعد مماته، أشار التلاحمة إلى أن شقيقه "كان صادقاً مؤمناً بما يقوم به، ونيته خالصة لله، فهو كان جميلاً في حياته، واختتمها بجمال كذلك لا يضاهى بتلك الابتسامة".
وأضاف، "ضياء كان واثقاً أنه سيذهب ولن يعود، وكان يعلم أنه ذاهب بعد موته لمكان أفضل وأعلى، لذلك لم يكن خائفاً وكان وجهه مبتسماً ضحوكاً كما كان في حياته".
"الابتسامة المقلقة"… هكذا تناولت بعض الصحف الإسرائيلية هذا الأمر، طارحةً الكثير من الأسئلة حول إقدام الشباب على الابتسام وحريتهم وحياتهم تسلب منهم.
من جهته، قال الأخصائي في الصحة النفسية سمير زقوت، إن الإنسان في بعض الأحيان يصل إلى حالة من التساوي بين الحياة والموت من شدة الصدمة التي تجعله يدخل في حالة من الإنكار تسمى "إنكار الموقف"، مشيراً إلى أن ذلك يفسر سبب الابتسامة عند بعض المعتقلين والمقبلين على تنفيذ عمليات ضد إسرائيل.
وأوضح أن التهديد الذي تتعرض له هذه الفئة عند أسرهم أو تهديدهم بالسلاح، مما يجعلهم يمرون عندها بحالة توتر عالية تجعلهم يستسلمون للموت أحياناً بالابتسام والإنكار، مضيفاً بأن"الابتسام يعني الفرح، والأسير في أعلى درجات الحزن، فالابتسام مناقض للموقف، لذلك سميت بحالة الإنكار".