وإلى نص الحوار…
سبوتنيك: بداية… ما أصل المشكلة الصحية في قطاع غزة؟ ومتى بدأت؟
البرش: أصل المشكلة بالدرجة الأولى يعود للحصار الإسرائيلي على قطاع غزة، الذي امتد أكثر من سبع سنوات وشكل معاناة حقيقية بسببها يموت الناس في قطاع غزة من قلة الدواء… أوجد الحصار سياسة عامة لكي تحاصر غزة، ومنع كل ما يضمن لها الاستقرار من دواء وكهرباء والمستلزمات الطبية، وعدم توفر موازنات تشغيلية لقطاع الصحة، مما يجعل حالة الوزارة في وضع شديد الصعوبة، بعجز وصل إلى 31% في الدواء و40% في المستلزمات الطبية.
سبوتنيك: ما أسباب تكرار مشكلة نقص الدواء في القطاع بين الفترة والأخرى؟
البرش: ملف الدواء الذي كان يدار في ظل الحكومات الفلسطينية مدار بشكل مهني، لكن أصبح اليوم يواجه أزمة كبيرة، ما يجعل من خلالها المسؤول الفلسطيني مطفأة حرائق، فاستحقاق غزة من الدواء يقارب 40 مليون دولار؛ 33 مليون دولار من الدواء و7 مليون دولار من المستلزمات الطبية… ما وصل في عام 2015، هو 16% فقط من هذه المستحقات، وعندما تأتي لمكان مثل غزة يتعدى سكانه مليون و900 ألف نسمة، والمنظمات الدولية تعلم أن الاستهلاك يصل إلى 40 مليون، وما يُرسل فقط 16% من هذه المستحقات، فإن العديد من هؤلاء المرضى في قطاع غزة سيموتون من قلة الدواء، إضافةً إلى تأثر الكثير من الخدمات الطبية.
سبوتنيك: ما هي الإجراءات التي يدار من خلالها استحقاق غزة من الدواء؟ وأين يكمن العجز؟
البرش: عندما نتكلم عند الدواء، نعني مناقصة تجري، قبل بدء العام بشهرين، ولا بد أن تتوفر كمية الدواء التي يحتاجها السكان، فقبل شهرين من العام يتم إجراءات فنية من فحص وتحليل، وتأكد من جودة الصنف، حتى يستلمها المواطن في المراكز الصحية حسب المعايير الدولية، لكن في حالتنا لم يتم عمل مناقصة عامة.
ويرهن قطاع غزة لتوريد متقطع من قبل حكومة الوفاق الفلسطيني في الضفة الغربية، على هوى الوضع السياسي الفلسطيني، مما يجعل الأزمة متكررة وتتفاقم مع مرور الوقت، ولو كان هناك توريد منتظم ومستمر، فلن نلجأ لأن نقول إن هناك أزمة، وخاصة عندما نتكلم عن قطاع مثل الصحة.
سبوتنيك: برأيكم… هل يتم تعطيل إرسال الدواء والمستلزمات الصحية من قبل حكومة الوفاق؟ ولماذا؟
البرش: حكومة الوفاق الفلسطيني معترف بها من كل الأطراف، مسؤوليتها توفير الدواء لقطاع غزة، وهي تأخذ منحا وأموالا ومناقصات، وقد طلبت منا احتياجاتنا منذ بداية العام، وأرسلناها وسوقتها من أجل جلب التمويل اللازم لها… السؤال المطروح هنا، لماذا لا ترسل هذه الحكومة ما يكفي قطاع غزة من المستلزمات الطبية والدواء؟… أعتقد أن هذا جزءاً من سياسة الحصار المفروضة على قطاع غزة، فالحكومة لها سقف تتحرك فيه، في أن لا تزيد النسبة عن 16%، وأن تترك القطاع بهذه المأساة، فهذه النسب لم تتغير ولم تتبدل على مرور سنوات.
سبوتنيك: ما أكثر القطاعات الصحية تأثراً من الأزمة الصحية؟
البرش: قطاعات كثيرة تأثرت بهذه الأزمة، أهمها الغسيل الدموي للكلى لدى الأطفال والكبار، فهم يعانون من عجز كبير في فلاتر الغسيل وبعض المستلزمات الخاصة، ومنهم المرضى المزمنون الذين يتناولون أدويتهم بطريقة دورية ولم تعد متوفرة، وأصحاب الأمراض الخاصة مثل (الهيموفيليا، الثلاسيميا)، لأن لهم أدوية تكاد تكون دورية، كذلك مرضى السرطان الذي تجاوز النقص في الأدوية الخاصة بهم أكثر من 50%، ومن تبقى ينتظرون الموت أو التحويلات الخارجية، وأحياناً يتم تحويلهم لمناطق الضفة الغربية، ويعودون بدون أخذ الدواء… كذلك خدمة الطوارئ وخدمة العناية الفائقة التي تأثرت بشكل كبير، فهناك أكثر من 12 صنف دواء أساسي غير متوفر، وإن لم يتم تدارك هذا الأمر، فستنهار خدمات أساسية في وزارة الصحة.
سبوتنيك: أليس هناك أفق لحل للأزمة الصحية في القطاع؟
البرش: الحل الواقعي يكون برفع الحصار عن غزة، لأخذ مستحقات غزة من الدواء والمستلزمات الطبية، فبعد رفع الحصار، الحكومة ستقوم بدورها، والمنظمات الدولية ستستطيع أن تزود قطاع غزة بهذه الخدمات، فبعض المنظمات الدولية انسحبت من تقديم الخدمات الصحية بعد فرض الحصار على القطاع، كذلك نناشد بفتح معبر رفح البري مع مصر الشقيقة، الذي سيساعد في استقبال الأدوية وتحويل المرضى… وفي الأفق القريب نحن نقوم بالطلب الدوري الشهري للأدوية والمستلزمات الطبية من حكومة الوفاق في الضفة الغربية تحت إشراف منظمات دولية، لكن للأسف لا يلبى منها إلا نسبة بسيطة.
أجرى الحوار: هشام محمد