كذلك حذرت روسيا من عواقب ارتداد سلوك الإرهابيين على المجتمع الدولي، في الوقت الذي تشير فيه كافة الدلائل والوقائع على تورط تركيا ودول أخرى بالمنطقة في دعم الجماعات الإرهابية.
1
استبقت روسيا الجميع بالدعوة إلى ضرورة تجفيف مصادر تمويل الجماعات الإرهابية، خصوصاً تلك التي تأتي من خلال مبيعات النفط وتهريب الآثار وتجارة المواد المخدرة، وأقر مجلس الأمن الدولي في فبراير/شباط ٢٠١٥، مشروع القرار الروسي الذي يقضي بتجفيف منابع تمويل تنظيم "داعش" وغيره من التنظيمات الإرهابية من مبيعات النفط والآثار، وتجريم كل من يشتري النفط من "الدولة الإسلامية" وأيضا من جماعة "جبهة النصرة" وغيرهما ، واعتباره متورطاً في العمليات الإرهابية.
ويطالب نص القرار من الدول أن تقوم بالخطوات اللازمة لقطع الطريق أمام الاتجار بالآثار التي لها قيمة دينية أو تاريخية أو ثقافية أو علمية والتي تم تهريبها من العراق منذ تاريخ 6 أغسطس / آب 1991 ومن سوريا منذ مارس/آذار 2011، كذلك التصدي لمحاولات توريد الأسلحة للعناصر الإرهابية.
2
دور تركيا في دعم الجماعات المتطرفة في سوريا، تدركه كافة الأطراف الإقليمية والدولية، فقد أعلن نائب الرئيس الأمريكي جوزيف، بايدن، خلال لقاء طلاب جامعة هارفارد، في أكتوبر/تشرين الأول من العام ٢٠١٤، عن مصادر تمويل الإرهاب، وذكر عدد من الدول في مقدمتها تركيا أردوغان، وقال بايدن "مشكلتنا الكبرى كانت حلفاؤنا في المنطقة، الأتراك أصدقاء كبار لنا (…)، لكن همهم الوحيد هو إسقاط الرئيس السوري بشار الأسد لذلك شنوا حربا بالوكالة بين السنة والشيعة وقدموا مئات الملايين من الدولارات وعشرات آلاف الأطنان من الأسلحة إلى كل الذين يقبلون بالمواجهة المسلحة مع الأسد".
3
تقارير صحفية تركية كانت قد تحدثت عن دعم بالسلاح والمال، يقدمه أردوغان للعناصر المتطرفة والمعارضة في سوريا، وأن الحدود التركية تستخدم لنقل الأسلحة ومرور العناصر الإرهابية، وتناولت وثيقة مسربة كشفت النقاب عن كمية ضخمة من الأسلحة كانت في طريقها إلى سوريا تحت زعم المساعدات الإنسانية، وأن قضية الشاحنات التي اعترضتها أجهزة الأمن في بلدة "جيهان" وصفها أردوغان — آنذاك — بـ "الخيانة" وأن ما كانت تحمله الشاحنات هو من "أسرار الدولة" ولم تكن إلا مساعدات إنسانية إلى التركمان في سوريا، و انتقد أردوغان المحاكم التركية التي أطلقت سراح ضباط جنود الشرطة الذين شاركوا في ضبط هذه الشاحنات كما تم لاحقا نقل وكلاء النيابة الذين أمروا باعتراض الشاحنات من مناصبهم إلى مناصب أقل نفوذا، كما تم إجراء تعديلات قانونية بحجة تنظيم أنشطة جهاز المخابرات التركي تسمح بتحصين المسئولين في الجهاز من المحاكمات، ورهن التحقيق في المخالفات بموافقة رئيس الوزراء.
4
وكشف تقرير لمركز الأبحاث الكندي "جلوبال ريسيرش" مع بداية الأزمة السورية وتمدد تنظيم داعش في سوريا والعراق، عن أن تنظيم داعش يحصل على إمداداته من بيع النفط، ومن الأموال التي يتحصلون عليها من الفدية التي تدفع للرهائن، إلى جانب مليارات الدولارات من الإمدادات التي تأتي عبر الحدود المشتركة لسوريا مع تركيا الدولة العضوة في حلف "الناتو" عبر مئات الشاحنات يوميا.
وأضاف المركز في تقريره أن تقرير الإذاعة الألمانية "دوتشيه فيله" تحت عنوان "قنوات الأمداد عبر تركيا" يؤكد ما ذكر من قبل المحللين المتخصصين في وقت مبكر عام 2011 — قائلين إن تركيا عضو حلف شمال الاطلسي قد سمحت بسيل في الإمدادات، والمقاتلين، والأسلحة بالعبور عبر حدودها دون مقاومة لإمداد داعش داخل سوريا.
5
في جلسة شهيرة للبرلمان التركي السباق والذي كان يسيطر عليه حزب أردوغان، كشف عضو البرلمان عن حزب الشعب الجمهوري المعارض "أردال أسونجار" عن وجود مجموعات تابعة لتنظيم "داعش" بمنطقة "عومرلي" في إسطنبول تدعو المواطنين للجهاد، وطالب بالتحقيق حول تجمع مجموعات تنظيم "داعش" الإرهابي، في المدينة إسطنبول والتعرف عن مصدر القوة التي يتمتع بها التنظيم داخل تركيا وقال
"عناصر داعش" يتحركون بكل حرية داخل البلاد، ويخططون لعملياتهم، ويجمعون "المجاهدين"، ويؤسسون مواقعهم الإخبارية الخاصة بهم، في ظل غياب وصمت مريب من الدولة والسلطات التي تكتفي بالالتزام موقف المتفرج والمتابع للأحداث، مضيفا أن وسائل الإعلام والصحافة نشرت معلومات عن وجود ما يقرب من 3 آلاف مواطن تركي داخل تنظيم "داعش".
وتابع "تنظيم داعش يقوم بتدريب العناصر المسلحة التابعة له في المعسكرات الخاصة به التي تمكن من تأسيسها ببلدة "قزيل تبه" التابعة لمدينة "مردين" جنوب تركيا، والسلطات لم تقدم أي توضيح أو رد مقنع".
واشار إلى رجل أعمال من دولة عربية خليجية يعتبر من أكبر الممولين لتنظيم داعش، يقوم بتأسيس منظمات مجتمع مدني بهدف دعم وتقوية التنظيم بالمنطقة، مستغلا علاقته برئيس الوزراء أردوغان، قد يجعل تركيا في ظل صمت السلطات أن تصبح مركزا للعمليات الإرهاب الدولية.
6
كل هذه الوقائع والأحداث تشير إلى تورط تركيا في دعم الجماعات الإرهابية في المنطقة، وأن ما تحققه القوات الروسية من تقدم في مواجهة التنظيم الإرهابي في سوريا، من شأنه إفشال مخطط السلطان العثماني الجديد في التوسع، ومحاولات نشر العنف والفوضى في المنطقة في إطار استراتيجية غربية خضعت لها تركيا أردوغان، التي سلمت نفسها إلى البيت الأبيض وحلف الناتو، حتى باتت شريحة كبيرة من الأتراك تتساءل عمن يحدد سياسة ومصالح بلادهم هل هي انقرة أم واشنطن الساعية إلى خلق واقع جديد بالمنطقة يسير في اتجاه معاكس لرغبة الشعوب، وينشر التطرف والعنف والطائفية.