إعاقتي كانت البداية
نهاد العبد الله البالغة من العمر 45عاماً، رغم إعاقتها وعدم قدرتها على المشي، بسبب إصابتها إثر قذيفة هاون سقطت على منزلها، ورغم مكوثها في البيت لسنوات، إلا أنها لم تكتف بأن تقبع بين الجدران لتنتظر نهاية حياتها.
امتهنت الخياطة في سن متأخرة مستفيدة من بعض الورشات التي قدمتها منظمات المجتمع المدني لتمكين المرأة، وفي غضون ثلاث سنوات أصبحت من أمهر الخياطات في مجالها، يقصدها النسوة في حيها بالعاصمة السورية دمشق.
تحدثت نهاد، لـ سبوتنيك، قائلة "لم أفكر أبداً بأنه بإمكاني القيام بشيء مفيد بسبب إعاقتي، ولكن كان لابد من القيام بشيء أقدمه لنفسي للاستمرار في الحياة، تعلمت الخياطة وكيفية استخدام الماكينة الآلية، وامتهنتها فيما لا يقل عن عام، والآن تتهافت عليًّ نساء الحي لأخيط لهن، وبذلك لم أعد أفكر بكيفية انتهاء حياتي بل أصبح جل تفكيري على كيفية تحسين حياتي، وما يمكنني تقديمه لعائلتي بالمال الذي أجنيه من عملي".
العودة إلى التعليم
تزوجت في السادسة عشر من رجل يكبرها بـ 10 أعوام، وعلى مدار هذه الأعوام كانت "آلة" للطبخ والغسيل والإنجاب، هذا ما ذكرته فاطمة، لـ سبوتنيك".
وأضافت، "بحلول العشرين كنت أما لطفلين، بعد أن كنت ارتدت مدرسة القرية حتى الصف التاسع، وبعدها تم تزويجي بعرف العادة، لكن ظروف الحرب فرضت علي أياما صعبة جداً، خاصة بعد استشهاد زوجي في التفجير الذي حدث عند مشفى الحياة في دمشق منذ سنوات".
وتابعت، "على الرغم من الصعوبات التي صادفتني من المجتمع المحيط بي، والذي كان مستمراً بالسخرية مني، إلا أنني حصلت على شهادة الثانوية، وأنا الآن طالبة في كلية الحقوق السنة الثانية، كسبت احترام عائلتي، ولم أعد تلك المرأة التي تشبه الآلة، بل أصبحت أساعد أطفالي في تعليمهم، وسأعمل على أن أكون سنداً لهم في بناء مستقبلهم بفضل علمي وشهادتي".
مشاريع صغيرة
في فترة الأزمة السورية ظهرت عدة منظمات وجمعيات اهتمت بتمويل المشاريع الصغيرة، وتهيئة الكوادر بالمهارات المطلوبة كالخياطة وحياكة الصوف، بالإضافة إلى الأمور المتعلقة بتزيين المرأة.
مروة اليونس من النساء التي استفادت من هذه الورشات، قالت لـ "سبوتنيك"، "بعد إصابة زوجي في حرستا، نتيجة المعارك مع العصابات الإرهابية المسلحة، كان لابد لي من إيجاد حل لإعالة أطفالي الصغار، وبعد أن سمعت بالورشات التي يتم تقديمها لتدريب النساء، أتقنت الخياطة والتجميل، وأنا الآن أدير مركز للتجميل والخياطة، وأقوم بتزويد المحلات بالبضاعة التي يتم خياطتها من قبل مركزنا، وفرت من خلاله فرص عمل لنساء أخريات، يعملن معي بنفس الورشة.
تحولت المرأة السورية في كثير من الحالات من ربة منزل إلى سوق العمل مجبرة، لا خيار، فأجرة السكن وتأمين الغذاء وشراء مستلزمات منزلية أساسية، إذ أن الكثيرات منهن أنفقن مدخراتهن كاملة حتى اضطررن لبيع خاتم الزواج، مع الأخذ بالاعتبار أن لا مشكلة في المجتمع السوري غالباً في عمل المرأة، لكن معظم النساء فوق سن العشرين اتجهن للعمل بسبب سوء الأحوال المعيشية وغلاء الأسعار وفقدان المعيل.