وفقاً لتسريبات مصادر دبلوماسية غربية، من المفترض نقل الجولة القادمة من اجتماعات فيينا، الخاصة بالبحث عن حل للأزمة السورية بوسائل سياسية، إلى نيويورك في الثامن عشر من الشهر الجاري لتكون تحت رعاية مجلس الأمن الدولي، لمتابعة تنفيذ ما جرى التوافق عليه في جولة فيينا الثانية، وفي مقدمة ذلك "موافقة الأطراف على البدء بوقف لإطلاق النار في سورية، وعملية سياسية متوافقة مع بيان جنيف1 الصادر في حزيران (يونيو) 2012". لكن لم يتأكد بعد هذا الخبر من جهات رسمية دولية أو غربية.
وبافتراض صحة ما سربته المصادر الدبلوماسية الغربية، إن نقل الاجتماعات من فيينا إلى نيويورك يمكن أن تترتب عليه نتائج إيجابية، لأن تلك الاجتماعات والنتائج التي ستتمخض عنها ستحظى بمتابعة دولية حثيثة، برعاية وإشراف مجلس الأمن الدولي كهيئة جماعية، وصولاً إلى اتفاق سلام شامل ينهي الحرب، وسيكون بمتناول يد مجلس الأمن الدولي مواكبة التطورات بقرارات منه، تدعم تقدم جهود التسوية السياسية، وضمان تنفيذ ما يجري الاتفاق عليه في الاجتماعات بمشاركة جميع أطراف الأزمة الداخلية السورية.
إلا أن التعويل على نتائج إيجابية إزاء نقل الاجتماعات من فيينا إلى نيويورك يجب أن يسبقه، أو يتزامن معه، توافق كل الأطراف على تفسيرات موحدة لبنود بيان مؤتمر جنيف1، والوصول إلى وقف لإطلاق النار والعمل على خطوات بناء ثقة، لتأمين الظروف المواتية للبدء بمفاوضات حول التسوية السياسية والمرحلة الانتقالية، وينبغي للوصول إلى ذلك وحدة موقف مجلس الأمن الدولي، والتزام كل الدول الإقليمية الفاعلة بالأزمة بالعمل على دعم جهود التسوية السياسية، والمساعدة على تنفيذ ما ينتج عنها وتثبيته.
والأهم مما سبق، أو لا يقل أهمية عنه، أن تقتنع أطراف الأزمة السورية بأن حل الأزمة ممكن فقط عبر الوسائل السياسية- الدبلوماسية، وأن الحديث عن حل عسكري سيؤدي إلى سقوط المزيد من الضحايا، على جانبي الحرب، وتهجير المزيد من المدنيين وتهديم ما تبقى من البنية التحتية، وبالإجمال وضع مستقبل سورية أمام نفق مجهول يحمل مخاطر تمزيق وحدة الشعب السوري وتقسيم بلده.
فضلاً عن ضرورة وجود موقف دولي موحد تجاه كل أشكال الإرهاب، وتوحيد الجهود والإمكانيات لمحاربته التنظيمات والجماعات الإرهابية، والفرز بين تلك الجماعات وبين الفصائل المسلحة المعارضة التي يمكن أن تكون جزءاً من العملية السياسية والتسوية، بما يتوافق مع البيان الختامي لاجتماعات فيينا2، ومقررات بيان مؤتمر جنيف1 عام 2012. وهو ما يفترض أن يساهم في وضع أسسه اجتماع أطياف المعارضة السورية في الرياض، إلى جانب الاجتماع المقرر أن يستضيفه الأردن لـ"تنسيق قائمة بالمنظمات الإرهابية في سورية".
وفي حال تحققت الملاحظات المذكورة، يمكن القول إن نقل الاجتماعات من فيينا إلى نيويورك خطوة إيجابية، لأنها دليل على الاهتمام، من قبل المجتمع الدولي، لتحقيق تقدم سريع واختراق جوهري على طريق تسوية الأزمة السورية سياسياً، بينما إذا لم تتحقق تلك الملاحظات قبل جولة الاجتماعات القادمة، سواء في فيينا أو نيويورك، فلا معنى لنقل الاجتماعات.