والحديث عن وجود رئيس أمريكي من أصول أفريقية في أعلى هرم السلطة بالولايات المتحدة، لا ينفي العنصرية التي باتت طابعا مميزا للمجتمع الأمريكي الأبيض ضد المجتمع الآخر لذوي البشرة السوداء، حيث تشير الإحصائيات الرسمية، الصادرة عقب الإعلان عن نتائج الانتخابات الرئاسية التي خاضها أوباما، إلى تصويت السود بأغلبية كاسحة لأوباما، الأمر الذي يدفع إلى أن الأصول العرقية هي التي تسيطر على المواطن الأمريكي في اختياراته.
وفي هذا الإطار، نشر موقع معهد "بروكينجز" الأمريكي للدراسات والأبحاث السياسية، بحثا للخبير في الشئون الاقتصادية، ريتشارد رييفيز، حيث أشار إلى أن ممارسة القتل ضد الأمريكيين السود، وما يترتب على ذلك من مظاهرات غاضبة بين السكان السود، وتكرار هذه الحالات، ما هي إلا تداعيات تظهر على السطح، بعيداً عن تلك التداعيات الاقتصادية والاجتماعية للتمييز العنصري في المجتمع الأمريكي بمفهوم أوسع وأشمل.
وأضاف الباحث الأمريكي "بالأمس "بالتيمور"، اليوم "شيكاغو"، غدا مَن يدري؟ تسليط الضوء على العرق، والفقر والسياسات الشرطية يتأرجح من مدينة أمريكية إلى أخرى، لكن في المقابل هناك اهتماما متزايدا باتجاه الفوارق العرقية المتجذرة في مناطق أمريكية".
وأوضح الباحث ارتفاع التمييز العنصري في الولايات المتحدة وفق المعايير الدولية، مشيراً إلى أن 1 من 4 أمريكيين سود، و 1 من أصل 6 من الإسبانيين يعيشون في فقر شديد، مقارنة بواحد إلى 13 من الأمريكيين البيض، وفق تقرير حديث صادر عن مؤسسة "القرن الجديد".
وأشار إلى أن البيض هم الأقلية في مدينة شيكاغو، لكن في السنوات الأخيرة هم المجموعة الوحيدة التي شهدت زيادة في الدخل بما يُقدر بنحو 52% ، ومقارنة بـ13 % في حالة السود، و15 % في حالة الإسبان، مضيفاً أن دخل الأمريكي من ذوي الأصول الأفريقية والإسبانية يشهد انخفاضاً حاداً منذ عام 2000.
ولفت التقرير إلى ثلاثة أنواع من التمييز، مشيراً إلى التداخل ما بين التمييز العرقي والتمييز في الدخل، وأن أقل من 10 % من الأسر التي تعيش في فقر بالمناطق ذات الأغلبية البيضاء، بينما أكثر من 50 % من المناطق ذات الأغلبية السوداء يعيشون في فقر.
وأضاف الباحث الأمريكي أن جذور الأزمة تكمن في الانقسام العرقي العائد إلى عقود، والناتج عادة من السياسات العامة، معتبراً أن المأساة الكبرى في مناطق "بلتيمور" و"فرجيسون" و"شيكاغو" هي أن السود والإسبان الأمريكيين في أكثر المناطق فقراً في مدن أمريكا لديهم آفاق قاتمة، متسائلاً هل سيتغير شيء في عام 2020 أو 2030؟.
ينتهي عام 2015، بينما يستمر التمييز العنصري في الولايات المتحدة، واضحة آثاره في حالة عدم المساواة الاجتماعية الاقتصادية على أساس من العراق ولون البشرة، بما يدق ناقوس الخطر، ويكشف كذب تلك الادعاءات التي تتشدق بها الإدارات الأمريكية المتعاقبة عن حقوق الإنسان، بينما تمارس أشد انواع العنصرية في حق مواطنيها.