إن سياسات واستراتيجيات الولايات المتحدة تجاه منطقة الشرق الأوسط، كلفت المجتمع الدولي الكثير، وساهمت بشكل مباشر في تنامي ظاهرة الإرهاب الدولي بداية من أفغانستان إلى سوريا، مروراً بالعراق وليبيا واليمن، ودفعت بالمنطقة إلى أتون صراع طائفي وعرقي، وأشعلت نيران الغضب وسط الأقليات الدينية والعرقية، و توسعت الجماعات الإرهابية كالنار في الهشيم، لتنشر رؤيتها المتطرفة للإسلام، وسعت في المنطقة فساداً وتدميراً، فظهرت مشكلة اللاجئين، التي أربكت أوروبا والمجتمع الدولي.
وفي هذا السياق، لا يمكننا تجاهل ما أكده وزير الدفاع الأمريكي خلال غزو القوات الأمريكية للعراق، دونالد رامسفيلد، في حديثه لصحيفة "التايمز" البريطانية مؤخراً "أن الولايات المتحدة والأمم المتحدة والمجتمع الدولي ارتكبوا كماً هائلا من الأخطاء ساهمت في خراب الشرق الأوسط، وأن الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش، سعى عن طريق الخطأ إلى إرساء الديمقراطية بعد الإطاحة بصدام حسين من السلطة في العراق".
وأضاف " لا أعتقد أن نموذجنا الخاص بالديمقراطية مناسب للبلاد الأخرى في كل لحظة من لحظات تاريخها، إن فكرة قدرتنا على تشكيل ديمقراطية في العراق بدت لي غير واقعية، لقد شعرت بالقلق عندما سمعت هذه الكلمات للمرة الأولى" وأوضح أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما، فشل في إظهار أي نوع من القيادة على الساحة الدولية.
كما أكدت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كونداليزا رايس، خلال تصريحات لصحيفة "واشنطن بوست" عام ٢٠٠٥ أن " الفوضى، التي تنتجها عملية التحول الديمقراطي في البداية، هي فوضى خلاقة، ربما تنتج في النهاية وضعاً أفضل من الذي تعيشه حاليا"، كاشفة عن نوايا تقسيم المنطقة على أساس ديني وطائفي وتفتيت الدول العربية والاسلامية إلى دويلات وتشكيل ما يعرف في استراتيجية واشنطن بـ"الشرق الأوسط الكبير".
ويرى المفكر الإسلامي المصري، الخبير في الجماعات الإسلامية، ناجح ابراهيم، في حديث لـ"سبوتنيك"، حول انتشار الجماعات المتطرفة وتصاعد التنظيمات الإرهابية، أن "الغرب يسوق الإسلاميين جميعاً إلى تحقيق مصالحه"، مشيراً إلى أنه ساقهم إلى افغانستان، ثم غدر بهم ولاحقهم في كل مكان، واليوم يسوقهم إلى سوريا حتى تدهور الوضع وتزايد القتلى والمشردين والنازحين واللاجئين، بهدف تمزيق وتفتيت سوريا.
تعاني شعوب المنطقة من عدم الاستقرار بسبب سياسات الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها، والتي جعلت من المنطقة مرتعاً خصباً للإرهاب والتطرف، دفع بالملايين من سكان المنطقة إلى الخروج لاجئين في دول الجوار خوفاً من ممارسات الرعب والموت التي تمارسها عناصر تنظيم ما يعرف بـ " الدولة الإسلامية"، والذي ولد من رحم تنظيم " القاعدة"، ويسير على طريق نشر الفوضى والعنف، وحتى تكون هناك ذريعة لاستمرار القواعد العسكرية الأمريكية في المنطقة بحجة مواجهة الإرهاب.
لا توجد لدى القوات الأمريكية المنتشرة في المنطقة و لا دول التحالف، الذي تقوده واشنطن، إرادة حقيقية لمكافحة التنظيم الإرهابي، الذي يتوسع في سوريا والعراق، مستهدفاً حضارة وثقافة وتاريخ الشعوب، و أجبر السكان على الهجرة من بيوتهم وأراضيهم، فلم تحقق ضربات التحالف الوهمية أي تأثير علي قدرات تنظيم "داعش"، والنتيجة مزيد من الفوضى والتدمير، وتزايد اعداد اللاجئين، وسط مخاوف دول المنطقة من وجود سياسة غربية ممنهجة لتفريغ سوريا من سكانها وخلق واقع جديد له بعد طائفي وديني.