ويعاني قطاع غزة من حصار إسرائيلي خانق منذ أكثر من تسع سنوات، أدى إلى تدهور البنية التحتية وتفاقم الأزمات والمشاكل في حياة سكان القطاع.
وفي مشهد متكرر يصطف عشرات المواطنون منذ ساعات الصباح الأولى أمام محطات تعبئة أسطوانات غاز الطهي، آملين في الحصول على كميات قليلة حتى يتمكنوا من تسيير أمور حياتهم، خاصة مع الانقطاع الكبير الذي يشهده التيار الكهربائي.
واشتدت أزمة الغاز في القطاع نتيجة التقنين في الكميات الواردة عبر معبر كرم أبو سالم التجاري مع الجانب الإسرائيلي، وزيادة الطلب على الغاز في فصل الشتاء، مما أدى إلى اضطرار محطات التعبئة إلى تخفيض الكمية المعبئة إلى 6 كيلو بدلاً من 12 كيلو للأسطوانة الواحدة.
وأكد محمود الشوا رئيس جمعية شركات الوقود في قطاع غزة، أن حل أزمة غاز الطهي في غزة يكون من خلال سماح الجانب الاسرائيلي بمد خط ثاني للغاز للقطاع، مشيراً إلى أن جهوداً لحل لاحتواء الأزمة تتم بالتواصل مع مكتب هيئة البترول ووزارة الاقتصاد في غزة لإنهائها.
وأشار الشوا، في حديث لـ"سبوتنيك"، إلى وعود إسرائيلية لمد قطاع غزة بخط غاز جديد ينهي الأزمة بشكل كامل، مضيفاً أنه "تم التواصل مع إدارة المعابر الفلسطينية الإسرائيلية، والاتحاد لأوروبي، الذين وعدوا بمد خط ثانٍ للقطاع".
ونوّه الشوا إلى أن تركيب الخط الثاني سيعمل على مضاعفة كمية غاز الطهي التي تدخل القطاع لتصل إلى 400-450 طنا بدلاً من 250 طن، التي لا تكفي حاجات سكان غزة.
وبيّن أن زيادة كمية سحب الغاز في الفترة الحالية يرجع لزيادة السيارات التي تعمل على غاز الطهي بدلاً من الوقود، إلى جانب احتياجات مزارع الدواجن والمطاعم والمخابز التي تتضاعف في فترة الشتاء.
ويحتاج قطاع غزة يوميا من 450 إلى 500 طن يومياً من غاز الطهي فيما تورد سلطات الاسرائيلية من 230 إلى 250 طن يوميًا.
بالإضافة إلى الأزمة الخانقة في قطاع غاز الطهي، يعاني قطاع غزة من نقص حاد في ساعات تمديد الكهرباء، الذي أثر بشكل كبير على كافة القطاعات وعلى حياة المواطنين الاعتيادية، خاصة مع دخول فصل الشتاء وحاجة الناس المتزايدة للكهرباء.
الخبير الاقتصادي ماهر الطباع يقول، لـ"سبوتنيك"، إن قطاع غزة يعاني من أزمة طاحنة في إمداد الكهرباء، حيث وصلت ساعات القطع إلى ما يقارب 12 ساعة في بعض المناطق.
وأشار الطباع إلى أنَّ قضية الكهرباء أصبحت أكبر من التجاذبات الداخلية السياسية الفلسطينية التي تؤثر على برنامج تمديد الكهرباء وليس على القدرة التشغيلية، موضحاً أن "هناك عجزاً في الطاقة الكهربائية في غزة، نتيجة لعدم تطوير البنية التحتية لقطاع الكهرباء منذ عشر سنوات مع بداية الحصار الاسرائيلي".
ونوّه إلى أن عدد سكان قطاع غزة مع بداية الحصار الإسرائيلي وصل إلى مليون 450 ألف نسمة، في حين وصل عدد السكان في عام 2015 إلى 2 مليون نسمة، مؤكداً عجز محطة توليد الكهرباء عن توفير الكهرباء لكافة سكان القطاع لمدة 24 ساعة، حتى مع توفر الوقود.
وعن سبل الخروج من الأزمة لفت الطبّاع إلى أنَّ "هناك عدة حلول مطروحة السريع منها والبديل هو تسديد العجز في الطاقة الكهربائية من الجانب الاسرائيلي للوصول إلى حالة الاستقرار، كذلك هناك حلول طويلة الأمد يمكن العمل عليها مثل تحويل محطة توليد الكهرباء للعمل على الطاقة الشمسية أو الغاز وهذا ما سيتطلب وقتا طويلا وبنية تحتية غير متوفرة بسبب الحصار".
وأضاف، "إعفاء كهرباء غزة من ضريبة (البلو) من قبل الحكومة في رام الله سيساعد على التخفيف عن المواطنين حتى في جدول متقطع من الكهرباء، لأن الأوضاع آخذة بالانحدار وذاهبة إلى الهاوية والحل الوحيد هو بإنهاء الانقسام الفلسطيني والعمل الموحد من أجل حل الأزمات".
وكانت سلطة الطاقة الطاقة والموارد الطبيعية بغزة قالت، إنها تواجه صعوبة كبيرة في السيطرة على برامج التوزيع بسبب فقدان أحد الخطوط الإسرائيلية، مشيرة إلى أن شدة استهلاك الكهرباء من المواطنين في ظل الأحوال الجوية الباردة، يزيد من صعوبة السيطرة على برامج توزيع الكهرباء.
على صعيد آخر احتج العديد من تجّار قطاع غزة على فرض سلطات حركة "حماس" في غزة مزيداً من الضرائب على البضائع المستوردة، والمحلات التجارية، الأمر الذي يزيد من أعباء القطاع المنهك.
وتسيطر حركة "حماس" على قطاع غزة منذ العام 2007، وتتهمها حكومة التوافق الفلسطينية برفض تسليم السلطة في القطاع، إلا أن "حماس" ترفض هذه الاتهامات.
وبدأت حركة "حماس" بفرض المزيد من الضرائب على سكان قطاع غزة، بعد رفض حكومة التوافق الفلسطينية دفع رواتب الموظفين الذين عينتهم "حماس" خلال فترة سيطرتها على القطاع.
ويقول التاجر علاء محمد من قطاع غزة، إن "الحكومة في غزة فرضت ضريبة جديدة على سعر الضريبة الأصلية على بعض البضائع المستوردة".
وبيّن محمد أن "التجار سيعملون على وقف عملية الاستيراد، احتجاجاً على الضريبة الجديدة"، موضحاً أنَّ "هذه الضرائب جاءت بأعباء جديدة على التاجر والمواطن الذي سيتحمل غلاء الأسعار بسببها، مما سيؤدي إلى عزوفهم عن الشراء".
وأكد أن "هذه الضرائب غير قانونية، وستدمر قطاعات مهمة في حياة الناس، كما ستزيد من أعباء التجار الذين يعانون بسبب الأوضاع الاقتصادية السيئة وقلة عملية البيع والشراء".
وفي مخيم النصيرات وسط قطاع غزة نظم أصحاب المحلات التجارية قبل أيام إضراباً رفضاً لقرار وزارة المالية في غزة، التي تسيطر عليها "حماس"، فرض ضرائب عليهم.