دمشق — سبوتنيك — ديالا حسن
بكحل أسود قاتم وأحمر شفاه وردي وطلاء أظافر أحمر، تبدأ سوسن يومها، وهي الطالبة في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق، والتي حرقت الحرب أجمل مراحل حياتها… ودأبت سوسن، يومياً، على الاعتناء بمظهرها واستخدام مستحضرات العناية بالبشرة بشكل دوري، لتواجه الحياة ومصاعبها بإطلالة جميلة.
لجوء سوسن إلى الاهتمام بمظهرها، جاء كردة فعل على ما عاشته من أيام قاسية أثرت على حالتها النفسية.
وقالت سوسن، لـ"سبوتنيك"، "استطاعت الحرب أن تجعلنا نبدو أكبر من أعمارنا، فما واجهناه على مدى خمس سنين كفيل بتحطيم نفسيتنا، لذلك قررت اللجوء إلى الاهتمام بمظهري الخارجي، لأن ذلك يعيد ثقتي بنفسي ويعطيني شعور بالراحة… طالما افتقدته في السنوات الماضية".
شغف الأناقة والجمال لا يتأثر في فترة الحروب كما يظن كثيرون، بل يزداد الطلب على العمليات التجميلية، وهذا ما أكده الدكتور حيدر حسن، الأخصائي في طب الجلد والتجميل وزراعة الشعر.
وفسر الطبيب السوري ذلك بأن النفس البشرية عندما تشعر بالخطر والتهديد، تلجأ إلى التعبير عن الرغبة في البقاء وزيادة الثقة بالنفس، من خلال اللجوء إلى ما يحسّن المظهر الخارجي.
واعتبر حسن أن الواقع الحالي يتناسب مع نظرية "قلم الحمرا"، التي توصل إليها صاحب إحدى الشركات الكبرى لمستحضرات التجميل، عندما لاحظ أن مبيعات أحمر الشفاه ازدادت 11%، خلال الأزمات الاقتصادية.
وعن العمليات التجميلية الأكثر طلباً، قال الدكتور حسن، "حقن المواد المالئة (رقائق السيليكون)، هو الإجراء التجميلي الأكثر طلباً… حيث أن 40% من زائرات العيادة لهذا الغرض… أما الجراحة التجميلية المطلوبة من قبل معظم السيدات، فهي نحت الجسم بالليزر وشفط الدهون… فالمرأة السورية قادرة على الاستغناء عن الكثير من احتياجاتها الأساسية، في سبيل الحفاظ على طلتها والظهور بعمر أصغر".
قبل الحرب، حصلت الأدوية السورية على سمعة عالمية، وكانت تسد حاجة 93% من احتياجات السوق المحلية، وكانت سوريا تصدّر لحوالي 60 دولة في العالم، ونافست مثيلاتها في أغلب الدول العربية والغربية، من حيث الجودة و التكلفة القليلة.
ومع بداية الحرب السورية والعقوبات الاقتصادية، ارتفعت تكاليف الصناعة الدوائية وتوقفت العديد من الشركات المصنعة للدواء عن العمل، عدا عن المعامل التي دُمرت، كل ذلك أجبر الأطباء على استيراد الأدوية الأجنبية المرتفعة التكاليف، بحسب سعر صرف الدولار، وانسحب ذلك على المواد المستخدمة في العمليات التجميلية.
ارتفاع تكاليف الأدوية وغياب قوانين ضبط الجودة دفع بعض التجار الى الغش، عبر استخدام مواد سيئة وغير صالحة في صناعة ما يلزم العمليات التجميلية.
لذا اتجه أغلب الأطباء، ولضمان النتيجة المرجوة من العلاج ولكسب ثقة المريض، إلى شراء دواء أجنبي بسعر يقارب 18 الف ليرة سورية، أي مايعادل 45 دولار، وهو ما كان يباع قبل الحرب بـ 400 ليرة سورية، أي ما يعادل دولاراً واحداً فقط!