في لقاء أجرته "سبوتنيك" مع محمد جلبوط، مدير مؤسسة "جفرا" للإغاثة والتنمية، وهو أحد العارفين بشكل دقيق بما يجول في المخيم، والمطلعين عن كثب بملف المخيم وأهله، أكد أن مخيم اليرموك غير معني بشكل مباشر بالاتفاق الذي يقضي بخروج عناصر "داعش" من جنوب العاصمة، إنما سيتأثر بالاتفاق المعقود برعاية مكتب المبعوث الدولي لحل الأزمة السورية في دمشق ستيفان دي مستورا، وبالتالي سيخرج عناصر التنظيم من الحجر الأسود والتضامن والأجزاء التي يحتلونها من اليرموك.
الواقع يخالف الصورة ولا عودة في المدى المنظور
وفي تفاصيل الحديث عن الاتفاق، لا يبدو أن الحل النهائي لإعادة تحييد المخيم عمّا يجري في سوريا سيكون على المدى المنظور، حيث أن الجهة الوحيدة المشمولة، في ما تم الاتفاق عليه والتفاهم بشأنه حتى الآن، هي تنظيم "داعش" الإرهابي فقط… أما باقي التنظيمات المسلحة في المخيم، بدءاً من "جبهة النصرة" وغيرها، فلا علاقة لها بالاتفاق… أي أن وضع المخيم سيعود إلى الحالة التي كان عليها بوجود المسلحين قبل دخول "داعش".
وهنا فتح المتحدث الباب لعدة سيناريوهات واضحة، حسب تعبيره، بدأها بما هو أقرب… وبإشارة مباشرة منه إلى خروج تنظيم "داعش"، وفي هذه الحال ينوه إلى أن عناصر من "جبهة النصرة" لم يبايعوا التنظيم لدى دخوله المخيم، إضافة لألوية وميليشيات أخرى صغيرة، منها "أبابيل حوران" و"شام الرسول"، ومجموعات فلسطينية صغيرة مسلحة تتمركز في المخيم، منذ بداية أزمته.
وأكد أن هؤلاء جميعهم مناوئين للدولة السورية وللتنظيمات الفلسطينية التي تقاتل من أجل استعادة المخيم.
وما يزيد الأمر تعقيداً، برأي مدير مؤسسة "جفرا"، هو بدء تغلغل ما يسمى بـ "لواء أحرار الشام" في منطقة الحجر الأسود المجاورة، بالتزامن مع أنباء اقتراب خروج عناصر "داعش"، ليخلص هنا للقول بأن الوضع النهائي لبقية المسلحين، سيظل مُبهَماً على المدى المنظور.
أما بشأن محاربة هذه التنظيمات، في حال اختارت متابعة القتال في المخيم، فأكد أن الدولة السورية لن تدخل المخيم بجيشها، على اعتبار إدراكها أن دخولها العسكري إلى مخيم، هو فخ سياسي تنتظره كثير من الدول… وبالتالي لن تُقْدم على هذه الخطوة، تاركةً المجال للفصائل الفلسطينية.
فصائل فلسطينية بدون غطاء سياسي
وفي غمار حالة الاستعداد عند كثير من المجموعات المسلحة والتنظيمات الإرهابية لإعادة تموضعها في المخيم بعد خروج "داعش"، تتجهز فصائل من منظمة التحرير الفلسطينية، للقيام بخطوة مقابلة من أجل استعادة المخيم، ولكن هناك مشكلة كبيرة أمامهم، رغم استعداد كبير أبدوه لتشكيل قوة شرطية تحفظ أمن المخيم بعد إخلاءه من المسلحين.
والمشكلة، حسب جلبوط، تكمن بمنع الغطاء السياسي عنهم من قبل السلطة الفلسطينية، وهذا المنع أكده وفد حضر من رام الله اجتماع الفصائل الفلسطينية في دمشق برئاسة أحمد مجدلاني.
وفي هذه الحالة، لن يتمكن سوى العدد ذاته من الفلسطينيين الساعين لاستعادة المخيم، من استئناف ما بدأوه، منذ سنوات ثلاث، من عمل عسكري يواجهون فيه المسلحين.
وفي ما يخص المسلحين المتبقين داخل المخيم، نوه مدير مؤسسة "جفرا" إلى عرض عسكري قامت به كتائب "أكناف بيت المقدس"، مؤخراً، حيث توعدت بمحاربة إرهابيي "داعش"، في حال لم يخرجوا من المخيم.
هذا من جهة، ومن جهة مقابلة، أشار إلى عمليات استقطاب عدد من الألوية المسلحة وتشكيل مجموعة جديدة تتبع لـ"لأحرار الشام" ستتمركز جنوبي العاصمة، وهنا بوادر القتال تبدو واضحة.
استعداد مؤسسات المجتمع المدني
وأكد في المقابل استعداد على أعلى مستوى من قبل مؤسسات المجتمع المدني للتدخل بعملها في مخيم اليرموك، وعلى رأسها مؤسسة "جفرا"، وأهم هذه الأعمال وضع خطة محكمة لحماية المدنيين، وتقديم كافة أعمال الإغاثة اللازمة، وتشمل جميع النواحي الصحية والطبية والخدمية للسكان المدنيين داخل المخيم، في حال عودة السكان، أو في حال بقاء توزعهم في المناطق المحيطة بالمخيم.