الولايات المتحدة تبحث عن مصالحها حتى لو اختلفت، وبالتالي فإن الإدارة الأمريكية لن تترد في اتخاذ ما تراه مناسبا لنجاح سياستها واستراتيجيتها في المنطقة، خاصة وأنها تبحث عن انجاز سياسي آخر بعد الاتفاق النووي مع إيران وهي على اعتاب الرحيل من البيت الأبيض.
1
وما بين تغير الموقف الأمريكي الراهن، والموقف الروسي الثابت، فإن تركيا أردوغان باتت مرتبكة، وعاجزة عن قراءة المشهد الحقيقي للوضع بالمنطقة، وعليها ان تواجه عواقب سياستها الفاشلة في الداخل فيما يتعلق بالتسوية السياسية للأكراد وأزمات المنطقة خاصة الأزمة السورية وعلاقاتها المتوترة مع دول الجوار.
أكدت روسيا في أكثر من مناسبة أن حزب "الاتحاد الديمقراطي" الكردي، يلعب دورا مهما في محاربة تنظيم "داعش" الإرهابي، وهو جزء مهم من التسوية السياسية في سوريا.
تعيش السياسة الخارجية التركية حالة من الارتباك بسبب مساع النخبة الحاكمة التي تقود حزب "العدالة والتنمية" الحفاظ على مصالحهم الشخصية خصماً من مصالح الشعب التركي واستقرار وأمن منطقة الشرق الأوسط.
2
وفسر استاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، حسن نافعة، في حديث له مع "سبوتنيك" الموقف الأمريكي من الأكراد، موضحاً أن "داعش" أصبح يمثل بالنسبة للأمريكيين الخطر الأكبر، وأنه إطار ترتيب الأولويات فإن كل القوى القادرة على القضاء مرحب بها من جانب واشنطن.
ويرى استاذ العلوم السياسية أن الولايات المتحدة معنية في المقام الأول بعدم إرسال قوات برية، وبالتالي فإن أي قوة مستعدة لمقاتلة "داعش" قتالاً حقيقياً ستعمل الإدارة الأمريكية على مساندتها وتقديم الدعم اللازم.
ولم يستبعد نافعة أن يكون هناك قدر من التنسيق للحفاظ على النظام السوري في إطار استراتيجية جديدة تجاه الأزمة السورية، ولن تتردد في تقديم الدعم بشكل غير مباشر للنظام باعتباره قوة مهمة ضد التنظيم الإرهابي.
3
لفت نافعة إلى أن الأمر يتعلق بإعادة ترتيب أولويات التهديدات بالنسبة للمصالح الأمريكية في المنطقة، مشيراً إلى أن "داعش" اكتسبت من القوة والأرضية ما يجعلها قوة مستقلة عن كل الأطراف وقادرة على أن تتعايش وتشكل الخطر الأكبر لأنها تنهل من نفس المعين الذي نهلت منه "القاعدة".
وأشار استاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إلى أن الولايات المتحدة تملك الكثير من الأوراق للمناورة والضغط على تركيا، وأن المصالح الأمريكية يمكن أن تختلف مع تركيا، وهي تدرك رغبة أنقرة في الاستمرار بعضوة حلف شمال الأطلسي، وتريد أن تلحق بأوروبا، وبالتالي لن تخسر الولايات المتحدة حتى لو اتخذت مواقف سياسية لا ترضى عنها خصوصاً ما يتعلق بالموقف من الأكراد.
4
القرار الأمريكي ربما يربك السياسة التركية تجاه الأزمة السورية، مشيراً إلى أن تركيا تبدو قريبة من السعودية التي تبتعد عن الولايات المتحدة، منذ إبرام الاتفاق النووي مع إيران.
ويرى أن السعودية تسعى إلى إغراء الولايات المتحدة بالتدخل في سوريا بأنها عل استعداد أن تقوم بتزويدها بالقوات البرية، منوهاً إلى أن الإمارات العربية المتحدة أشارت إلى أنه في حال وافقت واشنطن على قيادة القوات البرية فهي مستعدة للمشاركة، وهذا يعني أن هذه الدول أدركت أن الولايات المتحدة لن ترسل قوات برية.
5
وأضاف أن الموقف الأمريكي من الأكراد ربما يشكل عامل ضغط على تركيا لمحاربة "داعش" بشكل أكبر، لان انقرة متهمة بإمداد التنظيم بالسلاح، وهي لا تزال بعيدة عن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد "داعش"، كما أن الأولويات تجاه الأزمة السورية أصبحت مختلفة بين الجانبين، فواشنطن لم تعد تتحدث عن مصير الرئيس بشار الأسد، وأن الأولوية باتت محاربة التنظيم الإرهابي، على عكس الحكومة التركية.
6
يتسم الموقف الروسي منذ بداية الأزمة السورية بالقوة والثقة الثبات، كما أنها تدير حوراً متوازناً مع كافة الأطراف، مع الرئيس بشار الأسد والولايات المتحدة والسعودية ودول عربية أخرى، بمصداقية البحث عن حلول سياسية للأزمة بعيدا عن الحرب من واقع الفهم الحقيقي للأزمة والتقييم الموضوعي لسبل التسوية بما يحفظ سيادة وحدة الأراضي السورية والقضاء على الإرهاب والتطرف.