تشكلت لجنة حقوق الانسان عام 1946، لوضع وثيقة "الاعلان العالمي لحقوق الانسان" وتم إقرارها عام 1948 إلى جانب عهدي الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية عام 1966.
ومع كل هذه المبادئ الواردة في المواثيق الدولية والتزام كافة الدول بما جاء فيها، فإن هناك من يسعى إلى تسييس التقارير المتعلقة بملف حقوق الإنسان والحريات في دول العالم بازدواجية في المعايير، واستغلال تلك التقارير للتأثير على التوجهات السياسية للدول، وتبني مواقف محدد تتعلق بقضايا إٌقليمية و دولية اقتصادية وسياسية وأمنية، وبينما يتشدق الغرب بشعارات حماية حقوق الإنسان، لا تلتفت حكوماته إلى ما يجري على أراضيه من انتهاكات تصل في كثير من الحالات إلى درجة العنصرية.
وسياسات الغرب تساهم بشكل كبير في تصاعد نزعات التمييز العنصري والكراهية, بتجاهل الطابع الثقافي للشعوب ومبادئ العلاقات بين الدول على قدم المساواة وعلى أساس احترام السيادة، في الوقت الذي تسعى إلى تحقيق مصالح جيوسياسية، من خلال الضغط السياسي بملفات حقوق الإنسان و التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى دعم محاولات تغيير الحكومات الشرعية.
هناك من يسعى إلى استهداف بعض الدولة خصوصا تلك التي ترفض سياسات الغرب، بالترويج بانتهاك الحريات والتضييق على نشاط ما يعرف بـ "العمل الحقوقي" أو الجمعيات الناشطة في مجال حقوق الإنسان، والهدف هو خلق الذرائع للتدخل في شأن دول ذات سيادة بهدف حماية من هم يعملون لتحقيق مصالحهم دون مراعاة القواعد والقوانين المحلية المنظمة لعمل هذا النشاط وتمويله سواء من الداخل أو الخارجي في إطار من الشفافية في تحقيق تنمية مستدامة والمساهمة في استقرار وأمن المجتمعات.
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي أكد على كافة الحقوق والحريات، هو نفسه الذي أجاز في المادتين 29 و30 بأن تخضع هذه الحريات لقيود محددة، بهدف تأمين حقوق وحريات الآخرين والنظام العام للمجتمع والعدالة الأخلاقية، كذلك سمح بتقييد هذه الحريات في حالات الطوارئ المعلنة رسمياً لحماية المجتمع من خطر يهدد حياة الناس، مشترطاً أن تكون في أضيق الحدود وطبقاً للقانون، وفي إطار من المواثيق الدولية والمعاهدات التي صادقت عليها الدول الأعضاء في المجتمع الدولي.
الغرب لا يرى سوى مصالحه، وما يجري في العراق، سوريا، اليمن، ليبيا ومصر، ومن قبل عدد من دول الاتحاد السوفيتي السابق، وفي المجمل ما أطلق عليه وصف "الربيع العربي" أو" الثورات الملونة" بدأ باسم الدفاع عن الحقوق والحريات حتى وإن كان على حساب النظام العام واستقرار الدولة والمجتمع. وقد دأب الغرب على تناول ملف حقوق الإنسان بازدواجية فاضحة، واستغلاله التقارير المدعومة من مؤسساته ضد الدول المنافسة و تلك الرافضة لسياسات التوسع ورؤية الهيمنة والسيطرة على مقدرات الشعوب، بينما يتجاهل الانتهاكات التي تقوم بها الولايات المتحدة، في حالات الاعتقال والتعذيب التي تجري في معتقل "غوانتانامو" وقمع الشرطة للمتظاهرين المحتجين على الممارسة العنصرية للشرطة تجاه المواطنين من ذوي البشرة السوداء.
(المقال يعبر عن رأي كاتبه)