من الملاحظ أن الإعلام الغربي قام بهجوم حاد على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي لم يُذكر اسمه في الوثائق التي سربتها شركة "موساك فونسيكا"، ولكن الصحف الغربية والوثائق تعمدت ذكر بوتين في الوثائق لإحداث ضجة كبيرة في العالم وأقل ما يقال عنها إنها وثائق "فشنك".
وقال المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف إنه على ما يبدو، بوتين غير موجود في هذه الوثائق السرية ولكن في الحقيقة هدفها هو التأثير على الاستقرار السياسي الداخلي في روسيا.
وأطلق المتحدث باسم الكرملين مصطلحا جديدا على الحملة الإعلامية الرامية إلى تشويه سمعة الرئيس الروسي، وربط هذه الظاهرة — "بوتينوفوبيا" — بنجاحات الجيش الروسي في سوريا.
واعتبر دميتري بيسكوف السكرتير الصحفي للرئيس الروسي أن مثل هذه المزاعم تستهدف، بالدرجة الأولى التأثير على الرأي العام العالمي.
وجاءت تصريحات بيسكوف ردا على ما أطلقت وسائل الإعلام عليه اسم "وثائق بنما"، وهي مجموعة من الوثائق قيل إنها تعود لشركة "موساك فونسيكا" البنمية التي تقدم الخدمات القانونية لتسجيل شركات في الملاذات الضريبية "الآمنة".
واستخدم الصحفيون الذين أعدوا التقارير حول الوثائق، اسم بوتين في العناوين الرئيسية حول الوثائق التي تظهر فيها أسماء عدد من الزعماء العالميين الحاليين والسابقين، على الرغم من أن اسم الرئيس بوتين غير وارد فيها على الإطلاق.
وعلى الرغم من عدم إبراز أي أدلة على تورط بوتين في التعاملات المذكورة في الوثائق، تركز معظم التقارير الإعلامية حول هذا الموضوع على دور "أشخاص مرتبطين بـ بوتين" في تعاملات مالية مختلفة جرت في مناطق "أوفشور".
وفي هذا السياق، قال بيسكوف إنه من الواضح بالنسبة للكرملين أن بوتين هو الهدف الأول لمثل هذه التقارير المختلفة، نظرا لاقتراب مواعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية في روسيا.
وأردف قائلا: "من الواضح أن درجات بوتينوفوبيا ارتفعت لدرجة أصبحت أي إشارات إلى نجاحات أو الحديث عنها بكلمات لطيفة، أمرا محظورة على الإطلاق".
يذكر أن العديد من وسائل الإعلام العالمية نشرت، الأحد 4 أبريل/نيسان، تحقيقا استنادا إلى 11.5 مليون وثيقة مسربة تحتوي على معلومات حول تورط زعماء حاليين وسابقين في العالم في تهريب وغسيل الأموال.
وقام الاتحاد الدولي للمحققين الصحفيين الذي يتخذ واشنطن مقرا له بإعداد هذا التحقيق على أساس ما أطلق عليها "أوراق بنما"، وهي الوثائق المهربة من شركة "موساك فونسيكا" البنمية التي تقدم الخدمات القانونية لتسجيل شركات في الملاذات الضريبية "الآمنة".
ووفقا لهذه التقارير، فإن المستندات المسربة تظهر كيف يخفي ساسة بارزون ونجوم رياضة ومجرمون كبار من مختلف أنحاء العالم ثرواتهم الباهضة.
وتشمل البيانات شركات سرية في الخارج مرتبطة بعائلات ومقربين من الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك والزعيم الليبي السابق معمر القذافي والرئيس السوري بشار الأسد.
وتوضح وثائق "موساك فونسيكا" أن رئيس الوزراء الإيسلندي سيغموندور غونلاوغسون لديه مصالح غير معلنة في بنوك البلاد التي قامت الدولة بإنقاذها.
وكشفت الوثائق أيضا شركات مرتبطة بأفراد من عائلة الرئيس الصيني شي جين بينغ.
وقال جيرارد رايلي، مدير الاتحاد الدولي للمحققين الصحفيين، إن الوثائق تغطي الأعمال اليومية في شركة موساك فونسيكا خلال الأربعين عاما الماضية.
وأكد: "هذه التسريبات ستكون على الأرجح أكبر ضربة على الإطلاق تسدد إلى الملاذات الضريبية، وذلك بسبب النطاق الواسع للوثائق" المسربة.
وعلق الموظف السابق في الاستخبارات الأمريكية إدوارد سنودن على نشر التحقيق المذكور، قائلا "لقد نُشرت بذلك أكبر كمية من الوثائق المهربة في تاريخ الصحافة، ويتعلق ذلك بالفساد".
من جهتها أعلنت شركة "موساك فونسيكا" أن نشر وثائقها يعتبر "جريمة جنائية" و"هجوما" على دولة بنما.
وقال أحد مؤسسي الشركة رامون فونسيكا إن بعض الدول منزعجة من نجاح الشركة في جذب الأموال.
وأشار التحقيق أيضا إلى أن شركات روسية ومواطنين روس تورطوا في غسيل حوالي ملياري دولار. ويقول المحققون أن هؤلاء الأشخاص مقربون من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إلا أن المحققين يؤكدون في ذات الوقت أن اسم الرئيس الروسي لم يظهر في أي من الوثائق المهربة.
وكان الكرملين قد حذّر قبل أيام من نشر التحقيق من أنه يجري حاليا إعداد "هجمات إعلامية" ضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مشيرا إلى أن هذه الهجمات تأتي في إطار حملة ممنهجة لتشويه سمعة قيادة البلاد قبيل الانتخابات البرلمانية المقررة في سبتمبر/أيلول المقبل.
وقال دميتري بيسكوف المتحدث باسم الرئاسة الروسية يوم 31 مارس/آذار: "إننا واثقون من أن هذه الحملات الإعلامية ستتواصل، لأن الحديث هنا يدور ليس فقط عن عمل صحفي بحت، بل عن حملة ترتبط بمحاولات زعزعة الوضع في البلاد وتشويه سمعة قيادتها، وبالدرجة الأولى الرئيس، بغية التأثير على الوضع وسير العمليات الانتخابية".