يحتفل العمال في الشرق الأوسط بالعيد وهم في حالة انقسام بسبب الانتماءات السياسية فتعددت النقابات ما بين موالية للحكومات وأخرى مستقلة ومعارضة، مما كان له بالغ الأثر على وحدتهم وتضامنهم ومواصلة الكفاح للحصول على حقوقهم، ووقف آلة الرأسمالية التي تتركهم يحصدون مرارة تلك الحروب التي لا ناقة لهم فيها ولا جمل.
الإضرابات لم تعد مؤثرة كوسيلة ضغط لتحسين اوضاع العمال، والتشرذم السياسي بات متصدرا المشهد في كثير من المناطق، انعكست آثاره على طرح رؤية واضحة لمطالبهم، ووضعهم في موقف الضعيف أمام تحد اكبر في ظل التطور العلمي والصناعي والتكنولوجيا الحديثة؛ فضاعت المعايير وتاهت الخطوات في تحديد تصور شامل يحمي حقوق الطبقة العمالية، ما بين أفق سياسي اشتراكي تقليدي، و أخر رأسمالي غليظ القلب، يستفيد من النعرات الطائفية والحروب وتفشي الفساد والمحسوبية.
المشهد العام للعمال في المنطقة تخيم عليه اجواء من البطالة والفقر والجهل والمرض، ومع انتشار العنف والتطرف والاٍرهاب، واندلاع الحروب الطائفية، تشتد الآلام، وتتصاعد حدة الغضب المكبوت، في صفوف هذه الطبقة التي تمثل الشريحة الأكبر في تلك المجتمعات التي تعيش على فوهة بركان، سوف تنال حممه المندفعة من الجميع إذا لم ينتقل الخطاب الرسمي إلى مرحلة الشراكة في مواجهة تحديات الحياة اليومية وغلاء المعيشة.
التراجع في حقوق الطّبقة العاملة، واتساع الهوة بين تلك الحقوق ومطالب و أسس النظام الرأسمالي الذي يسيطر على اقتصاديات الشعوب؛ لا يحتمل الشك، والواقع المرير الذي تعيشه الطبقة العمالية، لا يمكن تجاهله في ظل تردي الأوضاع المعيشية للعمال في اغلب دول المنطقة، بالتزامن مع حالة الركود الاقتصادي وتوقف كثير من المصانع عن العمل، فضلا عن معناة العمال المهاجرين بحثا عن الامن والاستقرار.
لعل الاول من مايو/آيار 2016 فرصة جديدة حتى تعكس الاحتفاليات التي تجوب كل بقاع الارض مطالب العمال في إطار التّغيرات التي طرأت على المجتمع الدولي والآليات الحديثة في التعبير عن الحقوق والحريات من واقع عملي ملموس، وتجاوز الخلافات والاختلافات في المواقف السياسية تجاه ما يجري من احداث إقليمية ودولية لها تأثير سلبي على اقتصاديات الدول وبالتالي على مستقبل الطبقة العمالية التي تحترق بنار الطائفية وظلم وطغيان العولمة.
المقال يعبر عن رأي الكاتب