واليوم وبعد مرور 56 عاماً أصبحت "أوبك" عاجزة عن تبني سياسة واحدة لضبط الأسعار، وتحتدم الخلافات بين الدول الأعضاء، وهذا كان عنوان الاجتماع الذي عقد مؤخراً لمجلس محافظي المنظمة بمشاركة مندوبي الدول الأعضاء، واستضافته مدينة لندن، ظهرت بوضوح الخلافات التي وصلت إلى مستوى التوتر بين الدول الأعضاء حول ضرورة مواصلة التمسك بسياسة استهداف مستويات للسعر، بينما ممثل المملكة العربية السعودية يرى أن السوق شهدت تغيرات هيكلية يجعلها "تنافسية وليست احتكارية".
استمرت الرياض لسنوات عديدة تتبنى مستوى محدد من الأسعار، وكانت بالتعاون مع الدول الأعضاء تقرر إما خفض أو زيادة الإنتاج لتحقيق التوازن المطلوب في الأسواق في إطار
أهداف "أوبك"، لكنها اليوم تتخلى عن هذه السياسة، بسبب الضغوط التي تمارسها السعودية، والنتيجة أنه لم يعد لـ "أوبك" أي تأثير على الأسواق سواء من حيث الإنتاج أو الأسعار، وبالتالي فقد أصبحت والعدم سواء.
السعودية التي تملك أكبر احتياطي من النفط العالمي، ويقترب إنتاجها اليومي من 11مليون برميل، تبرر سياستها الراهنة بمواجهة النفط الصخري الأمريكي، من خلال التمسك بحصتها السوقية وسط توقعات ببداية عصر جديد لسياسة النفط السعودي محفوفة بالمخاطر، لاسيما مع تراجع استكشافات الاحتياطيات الجديدة في العالم إلى مستوى 2.8 مليار برميل من خام النفط بالمقارنة بالعام الماضي، وهو أدنى مستوى لها منذ أكثر من 60 عاما، وحيث تشير تقديرات المؤسسة العالمية "آي إتش إس" للاستشارات، إلى نقص محتمل في المعروض من النفط خلال السنوات العشر المقبلة، ويعكس "تباطؤ في نشاط الاستكشاف إذ تسعى شركات النفط التي تعاني من ضغوط شديدة للحفاظ على السيولة النقدية.
لم يعد للمنظمة أي تأثير على الأسواق العالمية، بعد أن أصبحت أداة سياسية للمملكة العربية السعودية، في محاولة لإعادة التمركز أو صياغة تحالفات جديدة في المنطقة، ومع وجود دول مثل إيران وفنزويلا والجزائر تعارض رؤية المملكة، فلم يعد للمنظمة أي وجود حقيقي ومؤثر في أسواق النفط العالمية، مما دفع بعض ممثلي أحد الدول الأعضاء خلال الاجتماع الذي عقد مؤخرا في لندن إلى القول "وماتت أوبك".
المقالة تعبر عن رأي كاتبها