سبوتنيك: ما هي الصعوبات التي يعاني منها قطاع الموارد المائية (الشرب — الري — صرف صحي)، وما هي الإجراءات المتخذة من قبلكم لمعالجة هذه الصعوبات خلال سنوات الحرب؟.
الوزير: الصعوبات التي يعاني منها قطاع الموارد المائية بجميع مكوناته ناشئة بشكل أساسي من انعكاسات الحرب العدوانية التي يتعرض لها بلدنا وشعبنا، فالإرهابيون عندما استهدفوا منشآت مياه الشرب أو الري أو الصرف الصحي كانوا يقصدون من ذلك إيقاع الأذى بشكل مباشر على حياة المواطن السوري.
لقد عملت وزارتنا وأجهزتها ومؤسساتها منذ بداية الحرب وما تزال على التخفيف من آثار الأزمة على حياة المواطن، وكان ذلك من خلال إزالة آثار ونتائج الممارسات التخريبية للعصابات الإرهابية المسلحة.
مع الملاحظة بأن ممارسات هذه العصابات قد فاقت كل الحدود والتصورات، متجاوزة القيم الاجتماعية والدينية والأخلاقية وشرعية الأمم المتحدة وقد تركز عمل وزارتنا على:
الاستجابة السريعة لاحتياجات المواطنين، ولا سيما في مجال الشرب ومعالجة الاختناقات الحاصلة والناشئة بأغلب الأحيان عن انعكاسات الأزمة والتوسع بإيصال الخدمة إلى الأرياف،
وإعطاء الأولوية بالنسبة لمشاريع الصرف الصحي لتلك التي تساهم في منع التلوث عن مصادر مياه الشرب والاستمرار بتنفيذ المشاريع المباشر بها،
والاستمرار بتشغيل مشاريع الري بالرغم من الظروف المحيطة ولا سيما بالمنطقة الشرقية،
إضافة إلى الاستمرار بتشغيل السدود على نهر الفرات والمساهمة بتوليد الطاقة الكهربائية
سبوتنيك: ما هو وضع المشاريع قيد التنفيذ منذ بداية الأزمة؟
الوزير: بكل أسف فقد توقفت أغلب المشاريع قيد التنفيذ منذ بداية الأزمة، وذلك بسبب الاعتداءات المباشرة على هذه المشاريع خاصة تلك التي صادف وقوعها بمناطق ساخنة، إلا أنه وبالرغم من ذلك فقد استمرت أعمال المشاريع الواقعة ضمن المناطق الآمنة، وتم إنجاز العديد من مشاريع مياه الشرب في محافظتي اللاذقية وطرطوس، نذكر منها مشروع آبار حنجور الذي ساهم بحل مشكلة مياه الشرب بريف طرطوس.
خط الجر الثاني من نبع السن إلى مدينة اللاذقية والذي سيروي عشرات القرى والبلدات إضافة إلى مدينة اللاذقية، سد الدريكيش بمحافظة طرطوس وبطاقة تخزينية قدرها 6 مليون متر مكعب لتحسين واقع مياه الشرب
سبوتنيك: هل تأثر عمل الوزارة مع دول الجوار من ناحية الاتفاقيات المبرمة؟
الوزير: نعم لقد تأثر عمل وزارتنا ولاسيما مع تركيا، حيث لم تقم الأخيرة بتنفيذ التزاماتها بموجب الاتفاقية المؤقتة معها بتمرير (500 م3/ثا) عبر جرابلس كحد أدنى، وكان تعسف الجانب التركي واضحاً من خلال عدم انتظام الواردات، إضافة إلى أن الكميات الممررة كانت تقل كثيراً عن الحدود المتفق عليها،
ناهيك عن الدعم الذي قدمته أنقرة للعصابات الإرهابية عبر حدودها، مما مكن هذه العصابات من السيطرة على كامل مجرى نهر الفرات ابتداءً من نقطة جرابلس الحدودية وحتى الحدود العراقية عند البوكمال، إضافة إلى سيطرتها على كامل السدود المقامة على نهر الفرات.
سبوتنيك: كم تبلغ حاجة سوريا من المياه؟
الوزير: إن مجمل الاحتياجات المقدرة ما قبل الأزمة ولجميع الاستخدامات هي بحدود 17،7 مليار م3، ويبلغ حجم الواردات المتجددة القابلة للاستخدام حوالي 16،2مليار م3، أي أن العجز السنوي هو بحدود 1،5 مليار م3 وسطياً، وهذا العجز يتأثر سلباً في سنوات الجفاف، كما يتأثر أيضاً بسبب ممارسات الجانب التركي وعدم تمرير الحصة المتفق عليها بالوقت المناسب.
سبوتنيك: ماهي الرؤية المستقبلية لتطوير قطاع الري والمياه؟
الوزير: وضع خطة وطنية شاملة لإدارة الموارد المائية حتى العام 2040، وتحديد احتياجات القطاعات المستهلكة للمياه، وفقاً لخطط التنمية لكل قطاع والأولويات المعتمدة وجدولتها زمنياً وجغرافيا؛ الاستثمار الأمثل للموارد المائية المتاحة من خلال الإدارة المتكاملة للموارد المائية؛ وتطوير أنظمة الري وإعادة تأهيل مشاريع الري؛ وإعادة بناء ما تم تخريبه نتيجة الحرب التي تتعرض له سورية؛.
وتطوير مصادر مياه الشرب في كافة المحافظات؛ مع إعطاء أهمية خاصة في مناطق الأرياف وإجراء الصيانات الضرورية للمشاريع والشبكات القائمة، بما يقلل الفاقد بهذه الشبكات والتوسع بهذه الخدمة لإيصالها لأكبر شريحة ممكنة من الأخوة المواطنين.
سبوتنيك: ما هي أولويات عمل الوزارة؟
الوزير: إن تأمين مياه الشرب الآمنة والنظيفة لكافة المواطنين تعتبر الأولوية المطلقة بالنسبة إلينا في ظروف الحرب والعدوان التي يتعرض له بلدنا، وإن العمل من أجل رفع المعاناة عن المواطنين وإبعاد وتخفيف آثار الأزمة عنهم هو النهج الذي سارت وتسير عليه وزارتنا، ويمكن تلخيص أولويات العمل بشكل فعال لتلبية احتياجات المواطنين من مياه الشرب بالرغم من ظروف الأزمة والمفاجآت الناجمة عنها.
سبوتنيك: ما هو وضع المحطات المستثمرة؟
الوزير: لدى وزارتنا عدد كبير من محطات ضخ المياه سواء مياه الشرب أو مياه الري، وتقوم أجهزة الوزارة والمؤسسات بتشغيل هذه المحطات بشكل طبيعي، إلا أن ذلك لا يعني غياب الصعوبات بهذا المجال بسبب اعتداءات المجموعات الإرهابية على هذه المضخات وخطوط نقل الطاقة التي تمنع تشغيل هذه المضخات أحيانا.
وهنا لابد أن نشير إلى آثار الحظر الظالم المفروض على بلدنا من الدول الغربية المؤيدة للعدوان، حيث هناك صعوبات بتأمين قطع التبديل وكذلك المشتقات النفطية.
أما بالنسبة لمحطات الصرف الصحي، فقد عصفت اعتداءات الإرهابيين بأهم محطتي معالجة لدينا وهما محطتي عدرا قرب دمشق، ومحطة معالجة حلب حيث كان التدمير شبه كامل، والوزارة حالياً بصدد دراسة إعادة تأهيلهما نظراً للضرورات الصحية والبيئية في أكبر مدينتين في سوريا.
سبوتنيك: ما هو موقف الوزارة لضمان سلامة السدود؟
الوزير: هناك نوعين من المخاطر التي تهدد السدود حالياً
— مخاطر ناجمة عن الأمور الفنية
— المخاطر الأمنية الناجمة عن اعتداءات المجموعات الإرهابية المسلحة
بالنسبة للمخاطر الفنية: فإن أجهزة الوزارة والجهات المستثمرة على السدود تقوم بكافة المراقبات الضرورية والإجراءات الاحتياطية، وذلك بما تسمح به الأوضاع الأمنية السائدة في المنطقة
بالنسبة للمخاطر الأمنية: فإن قوات الجيش العربي السوري تقوم بما هو مطلوب منها بهذا المجال…
لقد تعرضت العديد من السدود إلى اعتداءات من العصابات المسلحة وبأشكال مختلفة مثل فتح البوابات لتفريغ السدود منها بدون أي حاجة فنية كما حصل في سدود المنطقة الجنوبية، قصف مواقع السدود أو تعطيل استثمارها كما هو حاصل في سدود الفرات حالياً (البعث — سد الفرات)
إن جيشنا الباسل مدعوماً بجماهير شعبنا كفيل بتحرير مواقع السدود وإعادتها إلى عملها بشكل طبيعي لتوظيفها في إطار الخطة التنموية لبلدنا.
سبوتنيك: تعرضت العديد من المحافظات السورية لانقطاع الماء بشكل مفاجئ ودون سابق إنذار نتيجة أعمال الإرهاب… كيف تم تدارك الأمر؟
الوزير: نعم إن الانقطاعات المشار إليها كانت ناجمة عن الاعتداءات الهمجية للعصابات الإرهابية المسلحة وهي تجاوزت كل الحدود بهذا المجال
لقد عملت وزارتنا ليل نهار لتلافي هذه الانقطاعات وتقليل آثارها بأشكال مختلفة، ووفقاً لكل حالة على حدة ووفق المنهجية التالية:
1) إزالة أسباب الانقطاع ومعالجة ما أمكن بشكل فوري.
(2وضع خطط طوارئ لتأمين مياه الشرب بالكميات الممكنة لكافة التجمعات السكانية لا سيما المدن الكبرى في حالات انقطاع المياه من المصدر الرئيسي لهذه التجمعات وتمت المباشرة فعلاً بتنفيذها.
3) وضع برامج تقنين دقيقة تراعي إمكانية توزيع المياه المتوفرة بشكل عادل على جميع المشتركين
4) نقل المياه بالصهاريج إلى مناطق الاختناقات
5) عمل برامج توجيهية إعلامية للمواطنين من أجل ترشيد استخدام المياه المتاحة وعدم الإسراف فيها
إننا نعيش حالة حرب على الوطن والمواطن وقد هيأنا أنفسنا لمواجهة هذه الحرب ونتائجها، ورغم أن الاعتداءات على مياه الشرب ومنشآتها فيه تجاوز لكل القيم الدينية والاجتماعية وشرعية الأمم المتحدة، وأننا هيأنا أنفسنا لمواجهة هذه الاعتداءات.
سبوتنيك: هل يوجد تعاون مع المنظمات المانحة؟
الوزير: نعم هناك تعاون مع هذه المنظمات وذلك في إطار خطة عامة للاستجابة الإنسانية الموقعة مع حكومة الجمهورية العربية السورية
طبعاً من جانبنا نشكر هذه المنظمات على ما تقدمه، بالرغم من احتياجات الشعب السوري بهذه الأزمة تفوق كثيراً ما يتم تقديمه.
إننا مستمرون طبعاً بالتعاون مع هذه المنظمات ولنا أمل كبير في أن يتسع حجم المساعدات ونطاقها.
دمشق — "سبوتنيك"، أجرى الحوار نور ملحم