أنقرة — سبوتنيك
وأفاد يلدريم، بأن روسيا اتبعت نوع من السياسة الاحتواء بدلا من المواجهة العسكرية المباشرة، أو الرد العسكري ضد تركيا عقب أزمة إسقاط المقاتلة الروسية من قبل تركيا، ورأى أن هذا عامل يقف وراء سياسة التقارب التي تتبعها تركيا إزاء أوكرانيا في الفترة الأخيرة، حيث تبرز هنا سياسة "عدو عدوي هو صديقي" كعامل رئيسي في موقف تركيا من أوكرانيا.
وأوضح ان أوكرانيا بلد يقع على ساحل البحر الأسود ويملك قيادة ترغب في التقارب من تحالف شمال الأطلسي وأضاف "إذا ما قيمنا ذلك مع تصريح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي دعا إلى تحويل البحر الأسود لبحيرة حلف شمال الأطلسي، فنرى أن هناك محاولات لتشكيل تحالف بقيادة الغرب ضد روسيا في البحر الأسود، ومن هذه الناحية يبرز عنصر مناهضة روسيا وعزلها عن البحر الأسود كعنصر رئيسي حاسم في الجهود التي تبذلها تركيا من أجل تحسين علاقاتها مع أوكرانيا، بينما العنصر الثاني يتمثل في تجاوز العزلة الإقليمية وتشكيل تكتل إقليمي مناهض لروسيا انطلاقا من الأزمة الناشبة بين روسيا وأوكرانيا.
وقال إن حكومة حزب "العدالة والتنمية" ترغب في ضم الغرب إلى هذا التكتل، وتسعى إلى الترويج لهذا التكتل في الرأي العام الداخلي من خلال مسألة القرم، وأكد أن الجهود التي تبذلها حكومة حزب "العدالة والتنمية" من أجل التقرب من أوكرانيا تتفق مع مفهوم السياسة الخارجية وسياسات تحديد الحليف التي تتبناها تركيا منذ 200 عام.
وأضاف أن السياسات الخارجية التركية تُحدد وفق العلاقات مع روسيا منذ 200 عام، حيث إذا كان العدو الرئيسي هو روسيا والعلاقات معها سيئة فتسعى تركيا إلى التقارب من التحالف الغربي، وإذا كانت العداوة مع الغرب فتسعى تركيا للاتفاق مع روسيا، وقال إن حرب القرم وحرب 93 من جانب وحرب التحرر التركية والصداقة التركية السوفيتية من جانب آخر وحاليا سياسة عداوة روسيا توجه حكومة حزب "العدالة والتنمية" إلى تحالفات أطلسيه مناهضة لروسيا.
ورأى أن محاولة حكومة حزب "العدالة والتنمية" للتقارب من أوكرانيا لها معاني تاريخية ورمزية من جهة ومعاني استراتيجية من جهة أخرى عندما تؤخذ مكانة مسألتي القرم والبحر الأسود في العلاقات الروسية التركية بعين الاعتبار.
وأفاد أن العنصر التي يحدد سياسة حكومة حزب "العدالة والتنمية" إزاء أوكرانيا هو معارضة روسيا لافتا إلى أن هذه المعارضة تشكل الأرضية المشتركة للشراكة بين حكومة حزب العدالة والتنمية وأوكرانيا لافتا إلى ضرورة قراءة تطور العلاقات العسكرية بين البلدين فيالإطار اطار.
واستبعد أن تكون نتائج التقارب التركي الأوكراني سلبية على روسيا لافتا إلى احتمال أن تتخذ روسيا موقف أكثر صرامة وشدة وتلجأ إلى شن حملات جديدة كرد على التقارب بين إدارتي تركيا وأوكرانيا كما أن استمرار روسيا في تطبيق سياسة الاحتواء أمر وارد.
وحول احتمال تحسن العلاقات بين روسيا وتركيا قال إنه لا يجد أي بادرة تشير إلى احتمال تحسن العلاقات بين روسيا وتركيا على المدى القريب وأشار إلى أن تأثير تأزم العلاقات بين البلدين على الاقتصاد التركي سيظهر في فصل الصيف حيث سيشهد القطاع السياحي ومجال العمل والتوظيف انكماش نتيجة ذلك.
وقال أن ملعب حكومة حزب "العدالة والتنمية" ولاسيما في سوريا تقلص عقب أزمة إسقاط المقاتلة الروسية مشيرا إلى أن نظرية "العمق الاستراتيجي" التي تسمى "العثمانية الجديدة" التابعة لرئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو قد أفلست بعد أزمة إسقاط المقاتلة الروسية وأطلقت حكومة حزب العدالة والتنمية على إفلاسها هذا اسم "العزلة القيمة" الأمر الذي يدعو للسخرية ولكن الأمر الذي ينبغي عدم غض الطرف عنه هو أن حكومة حزب "العدالة والتنمية" هي أكثر الحكومات برغماتية في تاريخ تركيا حيث يمكن أن تلجأ إلى تغيير مواقفها بشكل غير متوقع لافتا إلى ضرورة قراءة محاولات تقاربها مع إسرائيل في الفترة الأخيرة بعد ما شهدت العلاقات بين البلدين توترا كبيرا في هذا الإطار.
وأوضح أن النهج الذي تتبعه حكومة حزب "العدالة والتنمية" في السياستين الخارجية والداخلية يتسبب بتوتر العلاقات مع روسيا و مع دول الغرب ووصف حكومة حزب "العدالة والتنمية" بـ "الحكومة الاستبدادية" في الداخل و"المنعزلة" في الخارج وقال إنها تتبع سياسة اسلاموية على أساس الاتحاد الاسلامي في الخارج والداخل لتحقق التوازن وهذا لا يشكل فرصة للتعويض كما أنه غير قابل للتحقيق.
وشدد على ضرورة تغيير مفهوم السياسات الخارجية بشكل كامل في تركيا وإعادة بنائها على أساس مفهوم سياسة خارجية إقليمية وقال إن مصير تركيا والمنطقة متداخل اليوم وينبغي تجديد مفهوم مبدأ "السلام في الوطن والسلام في العالم" وتبني مفهوم سياسة خارجية يقوم على العلمانية بدلا من الطائفية.