بدأت قصة "عبد الله" بعد دخول تنظيم "داعش" لمدينته الصغيرة وممارستهم جميع أنواع التعذيب والظلم على أهالي المدينة، حيث قام التنظيم بالتهجم على منزله في العام الماضي، ما أدى إلى فقدانه أهله ومنزله.
استطاع عبد الله وأخوته فؤاد ومريم الذين نزحوا مع عائلة عمه إلى دمشق، النجاة من تنظيم "داعش " بأعجوبة، فالقدر كان معهم ليبقوا على قيد الحياة.
لا استطيع التذكر..
عندما تسأل الطفل "عبد الله" عن الأمر، يشيح بنظره في الفراغ مقطبا حاجبيه، محاولا التذكر، ولا يستطيع.
لا يعرف شيئاً عن والديه، لا يقول إنهما ماتا، فهو لم يشاهد جثتيهما، أو أي أثر لهما منذ تلك الحادثة، آخر ما يتذكره أن والدته كانت تعد طبخته المفضلة " مقلوبة رز بالبازيلاء "، وطلبت منه أن يشتري لها علبة لبن من دكان أبو خالد.
بينما كان والده مستلقياً على فراش أرضية يتابع الأخبار وسيجارته معلقة في طرف فمه، وأخواه فؤاد يلعب مع أولاد الجيران في الحي.
نجا الأخوة بأعجوبة بعد اعتقال والده والدته بتهمة تعاملهم مع الحكومة السورية على إنهم موظفين بالدولة ويتقاضون رواتب شهرية من عملهم، وأخذهم عمهم إلى بيته لرعايتهم.
يقول عبد الله: "طلب عمي، أن نعمل في بيع البسكويت، والعلكة، كانت معاملته جيدة، ولكن لا يستطيع أن يصرف علينا، لذلك قررت العمل من أجل الاستمرار والعيش أنا وأخوتي ولو مقابل مردود مادي قليل جداً.
نمت على الطريق..
يتابع عبد الله أتذكر مرة، أنني نمت في الطريق لأن المبلغ الذي جنيته لا يحضر لنا ثمن الخبز، فسعر ربطة الخبز من الميادين تساوي خمسة أضعاف من سعرها الحقيقي، لذلك كان علي أن أعمل بكل عزم وإلا حرم أخوتي من الطعام والشراب.
يقول عبد، وهو يرسم بسمة صغيرة على وجهه الطفولي كانت زوجة عمي تهددنا عندما لا نخرج للعمل سأبيعكم مقابل ستة آلاف ليرة سورية، لذلك كان الحل الوحيد لنا افتراش الأرصفة دون أن يجدو شيئا ليلتحفوه، فحتى سماء الدير تمطر رصاصا، فكروا في العودة إلى أنقاض منزلهم، لكن الخوف منعهم. خمسة أيام قضوها في الشوارع باحثين عن بقايا الأكل.
في سجن داعش..
إلى أن ألقت الهيئة الشرعية في مدينة الميادين القبض عليهم، وبقوا في سجنها مدة ثلاثة أشهر، تعرفوا خلالها على الكثير من الأطفال بأعمارهم وأصغر، وبعد التحقيقات والتحريات من قضاة الهيئة لم يثبت عليهم أي تهم.
يقول عبد الله: "كنت سعيدا بخروجي من السجن، بعدما الذي رأيته في السجن حيث حكموا على العديد من الأطفال بالإعدام بتهم مختلفة منها النهب والسرقة والكفر بالآلهة.
مضيفاً، قرر عمي النزوح مع عائلته إلى دمشق بعدما كثرت الأعمال التي ترحم البشر أو الحجر، فطلبت منه أن يأخذنا مقابل جميع الأموال التي أملاكها، ووعدته بأن أضاعف عملي في دمشق، ولكن رغبتي الحقيقة هي أن أتطوع مع الجيش السوري فهدفي هو قتل من قتل والدي، مع ذلك حزنت كثيراً، لأن عمري صغير ولا أستطيع التطوع قبل سن القانوني وهو الثامن عشر.
ما بين الفرح والحزن
من جهة أخرى وصفا مريم ومحمد مشاعرهما، فهما سعيدان لإكمال الدراسة والعمل، وحزينان بسبب ترك بلدتهم وقتل والديهما على يد تنظيم "داعش".
تقول مريم لحظة وصلنا إلى دمشق أحضر لي أخي عبد الله لعبة فاستيقظت لدي شعور الطفولة والبراءة وضاع الحزن بين ابتساماتي.
تضيف مريم: "صحة أخي عبد الله سيئة، عومل في السجن معاملة الجناة، ضرب وعذب، قبع بغرفة مغلقة لا تدخلها الشمس، حتى أن الصغير فؤاد لا يستطيع المشي الصحيح بسبب طول مدة جلوسه.
همي الوحيد..
يعود "عبد الله" ليختتم لمراسل "سبوتنيك" جلّ همي اليوم أن أنسيهم ما مضى وأن أستطيع بناءهم مجدداً، سأبقى أعمل من أجل أن يتابعوا تعليمهم عل الزمن أن يكون كفيل بنا، همي اليوم هي أختي مريم فهي صغيرة اليوم ولكن بعد عدة أعوام ستصبح صبية راشدة وهنا ستكون المسؤولية أكبر علي ، أقول لهم دائماً "من ضعفنا نستمد قوتنا" علينا أن نكون يد واحدة في كل شيء لكي نقف بوجه الظلم الذي خلفه الإرهاب علينا وعلى الكثير من العائلات في سوريا.