ويبدو أن السعوديين سوف يتذكرون عهد الملك عبد الله باعتباره فترة ازدهرت باستقرار مضمون، بينما حكم الملك سلمان سوف يكون مرتبطاً ــ على ما يبدوــ بالاضطراب السياسي وعدم الاستقرار الاقتصادي والعنف الطائفي، كما جاء في مقال كاثرين شاكدام، المدير المساعد في مركز بيروت لدراسات الشرق الأوسط، على "نيو إيسترن أوتلوك" (New Eastern Outlook).
ومع ذلك، فإنه ليس في الواقع سلمان بن عبدالعزيز آل سعود الذي ساهم في "السيولة" السياسية الراهنة.
وتؤكد كاثرين:
"في الواقع، الذي يمكن أن يغلق نافذة الفرصة الملكية هو (ابن الملك) الأمير محمد بن سلمان".
واللافت أن "لعبة العروش" السعودية هي عبارة عن القمار أكثر من المحاسبة الباردة.
أشار المحلل السياسي السوري غسان قاضي أن "الأمير السعودي محمد بن سلمان، البالغ من العمر ثلاثين عاماً، ارتفع إلى الصدارة بمحض الصدفة"
وذكر قاضي أن الأمير القوي بندر بن سلطان قد بذل ذات مرة كل جهد ممكن لتولي العرش".
وأضاف:
"لقد كانت لديه اتصالات جيدة جدا، ومؤثرة وفعالة جدا، وفوق كل شيء، هو نجل الأمير (سلطان) الذي كان من المفترض أن يصبح ملكا".
وقال القاضي:
"للأسف، عاش الملك عبد الله أكثر من كل من أخويه: أخيه الشقيق سلطان وأخيه غير الشقيق نايف. ونتيجة لذلك، صعد الأمير سلمان على العرش في عام 2015. ومن ثم سلمان كان، 79 عاماً، كان يعاني بالفعل من مرض الزهايمر".
"ومن المرجح أن سلمان هو سوف يلجأ قريباً إلى تغيير وصيته وتعيين ابنه محمد وليا للعهد بدلا من محمد بن نايف. في الواقع، [محمد بن سلمان] يتصرف بالفعل كما لو أنه الملك".
وأفاد المحلل:
"لقد شهد محمد بن سلمان سقوط بندر ورأى أخطاءه. وقد تعلم أنه لا يمكن الاعتماد على أمريكا كحليف مكافئ. ومن الواضح أنه يعلم أن العصر الذهبي لآل السعود قد انتهى. وهو يعلم أيضاً أن ما بدا وكأنه ثروة لا نهاية لها منذ عقود قليلة قادمة إلى زوال مفاجئ، وأسرع مما كان يُعتقد…وهو يدرك تماماً، ومن العلامات المبكرة لذلك، أنه يريد أن يفعل شيئا حول هذا الأمر، وسواء سيكون ناجحاً أم لا، فهذه قصة أخرى".
ولا تزال هناك عقبات في طريق حلم الأمير محمد. وهو لا يزال نائباً لأمير ولي العهد، وإذا توفي والده فجأة، فإن ابن عمه ولي العهد الأمير محمد بن نايف، وزير الداخلية السعودي، سوف يرث المملكة.
كارين إليوت هاوس من كلية كينيدي بجامعة هارفارد أشارت في تقريرها لمركز "بلفر" للعلوم والشؤون الدولية أن الكثير من السعوديين يعتقدون أنه بعد تولي محمد بن نايف للعرش فإنه "سوف يضيَع وقتا" قبل إزالة ابن عمه من السلطة.
لذلك، ما هي الخيارات المتاحة أمام محمد بن سلمان؟
ووفقاً لشاكدام، فإن شبح "انقلاب خفيف" يجوب في أنحاء القصر.
وقالت إنها تسترعي الانتباه إلى تقرير نشرته قناة تلفزيونية "بريس تي فب" يوم 1 يونيو(حزيران).
وبحسب التقرير الذي نشر في صحيفة منار الفلسطينية الإلكترونية، يوم الأربعاء، نقلاً عن مصدر للصحيفة، جاء:
"لقد أصدر وزير الدفاع السعودي ونائب ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أوامر إلى المحكمة السعودية تحظر بأي طريقة لقاء الملك نظراً لإصابته "بتلف الدماغ". الحرمان من حقوق الزيارة شمل جميع أعضاء العائلة المالكة وكبار الشخصيات الأجنبية".
وتعتقد شاكدام أن ذلك يعني أن الأمير بن سلمان راهن دعواه على العرش الملكي "بصوت عالٍ جداً".
ولا يزال "الأمير الشاب، عديم الخبرة، العدائي، محمد بن سلمان ليس خيار الجميع — لا في المملكة، ولا في أنحاء المنطقة، ولا في المجتمع الدولي"، وتؤكد مضيفة "أن الأمير قد حتى يواجه مقاومة من رجال الدين في المملكة الوهابية".
وتؤكد أنه حتى في حال أتى ولي العهد إلى السلطة، فإن مستقبل المملكة السعودية ضبابي.
موافقاً لرأي شاكدام، المحلل السياسي السوري قاضي يقول:
"يحاول محمد بن سلمان أن يرسم نفسه، وخاصة أمام الشباب السعودي، كقائد مصلح وطني مخلص، ولكنه يعرف القليل حول أن بناة الأمة يتوجب عليهم أن يعملوا…بالنسبة له، القيام بذلك، يحتاج ليس فقط للقيادة، ولكن أيضاً إلى دعم شعبي. والدعم الذي يحظى به هو أكثر قليلاً من الرغبات الحسنة، والأداء الذي يستعرضه، هو أكثر قليلاً من المراهنات الفاشلة".