ففي السابع من يوليو/ تموز عام 2014 شنت إسرائيل حرب مدمرة على قطاع غزة استمرت مدة 51 يوماً، راح ضحيتها أكثر من 2000 قتيل فلسطيني من بينهم حوالي 550 طفلاً، و300 امرأة، فيما بلغ عدد الجرحى أكثر من 10000 إصابة، في حين دمرت وهدمت القوات الإسرائيلية 31974 منزلاً وبناية سكنية.
أبو صلاح أبو ريدة من سكان بلدة خزاعة جنوب قطاع غزة، أكد أن أجواء الحرب وويلاتها لا زالت حاضرة حتى اليوم في بلدته وفي مناطق كثيرة، بسبب بقاء العديد من العائلات بلا مأوى، إضافة إلى مقتل العديد من أبنائهم مما قتل أي فرصة للفرح في داخلهم.
وأوضح أبو ريدة الأب لسبعة أطفال في حديث لـ"سبوتنيك"، أن منزله تعرض للقصف الإسرائيلي خلال الحرب، وبعد مرور عامان لا زال ينتظر إعادة إعماره في ظل تنصل العديد من الهيئات وتأخرها في تنفيذ مخططات إعادة الإعمار في غزة.
وأضاف، "عشت في الكرفانات الحديدية لأكثر من عام وكانت الحرارة تقتلنا والبرد يتفشى في أضلاعنا، وبعدها انتقلت للعيش بالإيجار لكنني لم أستطع تحمل التكاليف بعد توقف دفع التعويضات لنا، وها أنا أنتقل من منزل إلى آخر على أمل أن يصل دورنا في البناء، مع العلم أن الكثير من سكان البلدة تم إعادة إعمار منازلهم".
الجدير بالذكر أنه وبعد توقف الحرب، وفي 12 تشرين الأول 2014 عقد مؤتمر لإعادة إعمار غزة في القاهرة برعاية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وبمشاركة خمسين منظمة وحكومة، وتعهدت الدول المشاركة بتقديم 5.4 مليارات دولار، نصفها لإعادة إعمار القطاع الذي لحق به دمار واسع.
وبحسب تقرير الحكومة الفلسطينية، فإن الدول المانحة التي تعهدت بالمساهمة في إعادة إعمار غزة، دفعت 40% فقط من التزاماتها، وبلغت نسبة أضرار قطاع البنية التحتية حوالي 88 مليون دولار تم انجاز 24% منها.
وفي ذات السياق قال صالح النجار أحد مصابي الحرب الإسرائيلية، إن "المتابعة الطبية والنفسية للمصابين جراء الحرب الإسرائيلية بطيئة وتكاد تكون معدومة في بعض الأحيان".
وأضاف النجار في حديث لـ"سبوتنيك"، تعرضت لإصابة بشظية صاروخ إسرائيلي في قدمي مما اضطر الأطباء إلى بترها، وبعد معاناة طويلة تم تحويلي إلى الخارج من أجل تركيب طرف اصطناعي، لكنني أعاني من آلام كبيرة جداً، والفحص الطبي والمتابعة في غزة ليست على المستوى المطلوب ".
وتابع، "هناك الكثير من المصابين في الحرب لم يستطيعوا الحصول على فرصة في العلاج، ومنهم من توفي بعد أكثر من عام من إصابته بسبب عدم قدرته على السفر للخارج، أو عدم توفر العلاج والمتابعة الطبية المناسبة له في غزة، ولا زال الأمر على ما هو عليه حتى اليوم".
وشدد على أن التأثير النفسي للتأخير في العلاج يعمل على قلة فرص الشفاء، مطالباً "الحكومة الفلسطينية وجميع الهيئات والمؤسسات المسؤولة على جعل المصابين أولويةً لهم من أجل تخفيف آلامهم التي لا تتوقف منذ نهاية الحرب".
وكشف تقرير جمعية أطباء من أجل حقوق الإنسان، وهي المنظمة التي رافقت مبتوري الأطراف نتيجة لعدوان 2014 على قطاع غزة، النقص الحاد في الأسرّة التأهيلية وخدمات التأهيل العلاجي في القطاع، والقيود التي تفرضها إسرائيل على خروج الجرحى من غزة بهدف تلقي العلاج الطبي.
لم تقتصر معاناة الحرب على الأفراد فقط، بل امتدت للمنشآت التجارية والصناعية التي أصبحت خاوية بعد تدميرها في الحرب، وعدم تعاطي أي من المؤسسات الدولية مع أصحاب هذه المنشآت من أجل إعادة إعمارها.
وقال محمد أبو دقة، صاحب مصنع للحديد جنوب قطاع غزة، أن "المصنع تحول بعد تدميره من القوات الإسرائيلية إلى خرابة، وقطعت أرزاق أكثر من 20 عاملاً فيه، ولم يتم تقديم أي تعويضات لنا حتى اليوم".
ولفت أبو دقة إلى أن "العديد من الهيئات الدولية وعدت بإعادة إعمار البنية التحتية لقطاع غزة بما فيها المنشآت الصناعية، لكن هذه الوعود كلها أو معظمها لم تنفذ، مما زاد من أعباء المواطن الفلسطيني الذي يعيش حياة مأساوية في الأساس".
وتقدر الخسائر الاقتصادية المباشرة وغير المباشرة التي لحقت بالقطاع الاقتصادي في قطاع غزة جراء الحرب بنحو 3 مليار و6 مليون دولار.