لم يأت الاتصال بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأمريكي باراك أوباما عبثاً، في وقت بات من الصعب على المجتمع الدولي أن يغض الطرف فيه عن تمدد خطر الإرهاب في كل مكان في العالم، وخاصة بعد أحداث التفجيرات الإرهابية في تركيا والعراق.
عدا عن الأحداث الجارية في سورية بفعل تمدد التنظيمات الإرهابية، التي تصر الولايات المتحدة وبعض حلفائها الإقليميين على تسميتها بالمعارضة المسلحة المعتدلة. ولم يأت حديث الرئيسين من فراغ أو على حين غرة، بل هو نتاج لكل ماذكرناه آنفاً، ونتاج المشاورات شبه اليومية بين قيادتي البلدين حول سبل حل الأزمة السورية، بالأخص حول سبل تصنيف المعارضات السورية بين معتدلة، وإرهابية مسلحة، وهذه النقطة كانت من أهم نقاط الخلاف بين الجانبين طوال الفترة الماضية.
ومن هنا نرى تأكيد الرئيس بوتين خلال حديثة مع الرئيس أوباما على أهمية استئناف المحادثات السورية تحت إشراف دولي، والأهم قبل ذلك الإسهام في فصل المعارضة السورية المعتدلة كما يسمونها عن تنظيم "جبهة النصرة" الإرهابي، الذي يعلن مسؤوليته عن الكثير من الأعمال الإرهابية التي وقعت مؤخراً في سورية وفي دول مجاورة جنباً الى جنب مع تنظيم "داعش" الإرهابي ومن يتبع لهما من المجاميع الإرهابية المسلحة الأخرى.
من هنا نرى أهمية وحساسية المرحلة في ظل عدم التوصل الى إتفاق دولي على تعريف الإرهاب، وتحديد التنظيمات الإرهاية التي يجب بالفعل مواجهتها، بالتوازي مع السير في خط تطبيق خارطة الطريق للحل السياسي، التي تأتي من خلال تطبيق قرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة وعلى رأسها القرار رقم 2254 الخاص بحل الأزمة السورية سلمياً.
هذا عدا عن تسريبات يلفها الغموض حول توصل الطرفين الروسي والأمريكي الى اتفاق جدي لتسوية الأزمة السورية بشكل سلمي، والسير باتجاه عقد الجلسة الأخيرة من محادثات جنيف ثلاثة حتى نهاية شهر آب القادم. دون أن يؤثر هدير المعارك على الجبهة الشمالية على الحدود مع تركيا، التي باتت يوماً عن يوم تعطي الإشارات بأنها جاهزة للتقيد بقرارات الشرعية الدولية، والسير نحو تقديم كل الإمكانات لمحاربة الإرهاب وتحسين العلاقة مع دول الجوار.
فهل بات حل الأزمة السورية قاب قوسين أو أدنى؟ أم أن هذه التطورات هي عبارة عن فقاعة صابون كنا نراها في كل مرة عندما تشتد الأحداث القتالية في سورية، وتتمدد الأعمال الإرهابية أكثر، ثم تعود وتخمد نارها ويعود الجميع إلى المربع الأول. أم أنه بالفعل لم يعد هناك خيار أمام أي طرف من الأطراف سواء داخل سورية، أو على المستويين الإقليمي والدولي، ولم يعد الملف السوري يحتمل تأجيلاً أكثر من ذلك.
إعداد وتقديم نواف إبراهيم