وهنا نرى أن الكثير من المسؤولية تقع على عاتق الطرفيين الأساسيين الراعيين لحل الأزمة في سورية، وهما روسيا الاتحادية التي تعتبر الحليف الأول والاستراتيجي الأساس للدولة السورية في مواجهة الإرهاب والضغوط الدولية والإقليمية التي تمارس ضد الدولة السورية والحكومة السورية، هذا من جهة ومن الجهة الأخرى الولايات المتحدة الأمريكية التي تعتبر الداعم الأول للأطراف التي أرادت إسقاط الدولة السورية على مدى السنوات الخمس الماضية، والتفاصيل هنا كثيرة عن مجريات الأحداث ودقائقها، لكن الأمر الأكثر خطراً هو أن الوضع لم يعد قادراً على أن تحتمل الأزمة السورية أكثر من ذلك دون الوصول إلى حل سياسي يعيد الأمن والاستقرار إلى البلاد، لابل والمنطقة كلها لأنه بحل الأزمة في سورية ستحل الكثير من الملفات والمشاكل العالقة في المنطقة، التي تمتد لتصل إلى المستوى الدولي وبالتحديد بين روسيا ودول الغرب، حول طريقة التعامل مع هكذا نوع من الأزمات الدولية.
طال الحديث عن توافق روسي أمريكي لحل الأزمة السورية، ولكن هذا التوافق ينقصه الكثير من الإيضاح والوضوح عن مجريات التوافق، التي يتم الإعلان عنها بين الفينة والأخرى، علما أن الطرف الروسي دائما يعطي الأمل في تصريحاته حول هذه التوافقات من خلال وضوح مواقفه، ليأتي فيما بعد الطرف الأمريكي فيقول ما لا يفعل ويفعل ما لا يقول وتعود الكرة من جديد إلى طريق مسدودة لفترة ما تحدث فيها أحداث تؤجل في كل مرة الوصول إلى نقاط مشتركة حقيقية يمكنها أن تشكل عجلة انطلاق الحل السياسي في سورية.
إعداد وتقديم نواف إبراهيم
أجرى الحوار: نواف إبراهيم
إليكم نص الحوار
نواف ابراهيم: سوريا تمر في مرحلة صعبة جدا هي من أدق مراحل التي مرت بها الأزمة السورية منذ بدايتها، دعنا نسألكم مباشرة عن القدرة الفعلية للحكومة الجديدة في ظل التطورات والتقلبات التي نراها على المستوى الداخلي والإقليمي والدولي؟
جبور: ليست مهمة الوزارة بالسهلة، الظروف قاسية وصعبة وتتطلب الكثير من الإنتباه والإهتمام والتحسب، والحكومة الجديدة فيها الكثير من الكفاءات الجيدة، لكن تبقى الظروف الإقليمية والدولية والمحلية هي الحاكمة العامة على أداء الوزارة وعلى قدرتها النهوض بمهمتها، وعلى الصعيد المحلي هناك بعض المناطق التي لاتسيطر عليها الدولة وهي تتقلص، وهناك العديد من أبناء سورية قد غيروا مكان إقاماتهم، بعضهم غير مرتاح في المكان الجديد الذي انتقل للإقامة لانهم لايشعرون بالأمان الذي كانوا يتمتعون به في مكان إقامتهم السابقة وغيروا مكان إقامتهم بسبب الظروف ولأسباب معروفة ، هناك اشكلات لابأس بها محلياً، وهناك عقوبات إقتصادية مفروضة على سورية والتي تساهم في إنهاك السوريين على مختلف فئاتهم ومختلف مناطقهم، واقول بكل صراحة أن هذه العقوبات التي تخالف القانون الدولي، لاتتجه نحو الإنحسار، لانني أسمع من مسؤولين أمريكين يقولون أنهم سيزيدون هذه العقوبات وسيمددونها، وبالمقابل هناك أصدقاء يقدمون الدعم والمساعدات الإقتصادية من أجل مساعدة سورية، ولكن هذا لايكفي من أجل مواجهة الأزمة الإقتصادية والحصار الإقتصادي بما ينقذ الشعب ولاتغني عن ضرورة أن يستعيد الإقتصاد السوري عافيته وأن يتحسن الدور الإقتصادي السوري الداخلي.
نواف ابراهيم: من هي الوزارات التي يقع عليها الحمل والثقل الأكبر بغض النظر عن وزارة الإقتصاد ـ ونحن نرى تحولات جذرية نحو حل الأزمة السورية، وأنت سيادتك ذكرت فقط الجانب السلبي، هناك جوانب إيجابية من خلال التوافق الروسي الأمريكي والحديث عن خطة مشتركة لحل الأزمة السورية سياسياً حتى أواخر شهر آب لعقد الجلسة الأخيرة من جنيف ثلاثة.
جبور: والله أنا أقول لك بوضوح أرتاح للتصريحات الروسية، ولكن عندما أستمع الى التصريحات الأمريكية عن هذا التوافق أرى أنها تقلل من شأنه كثيراً وهذا أمر خطير، وأنا تسائلت في مقابلات إعلامية كثيرة أنه أليس من الأفضل أن يكون لدينا بعد كل إتصال بين الرئيسن بوتين وأوباما أو بين الوزيرين لافروف وكيري، ويصدر بيان مشترك بمعنى أن الطرفين اتفقا على كذا واختلفا على كذا، وبحثا كذا، الآن كل طرف يقول من جانبه مافهم من المحادثة، وعندما نرى موقف الطرفان أو نطلع على مافهم الطرفان نجد أنهما لايتحدثان لغة واحدة، تلك نقطة خطيرة وقد أثرتها مرات وأثيرها الآن عبر قناتكم الكريمة لعله يكون لها أثر، التوافق الروسي الأمريكي ينبغي له أن يكون مشهراً معلناً واضحاً وبالتأكيد هذا سيساعد السوريين على المزيد من الشعور بالإستقرار والأمن ويساعد الوزارة الجديدة على تنفيذ مهماتها الموكلة إليها.
نواف ابراهيم: أنا اوفقكم الرأي دكتور أنا سعيد جداً ان استطعت أن استنبط بعض التكتم الذي يتجه نحو الغموض بما يخص التوافق الروسي الأمريكي، الآن لكي نزيل هذا الغموض هنا لابد من دور كبير يقع على عاتق الطرف السوري من أجل أن تجبر الطرفان سواء أكان حليف أو عدو على وضع نقاط حقيقة على الحروف، والدولة السورية والحكومة السورية قدمت الكثير من التضحيات والتنازلات والصمود والتنازلات التي قدمتها لطرف الولايات المتحدة الأمريكية ومن معها من الحلفاء الإقليميين والمجموعات المسلحة، يعني هنا الآن الجميع على المحك، وعلى طرف أو حافة الهاوية، لا رجوع الى الوراء ولابد من حل يتم من خلاله القفز فوق الهاوية التي قد يسقط فيها الجميع.
جبور: أحسنت، أنا أوافقك في كل كلمة قلتها في هذا المجال ،بالفعل على الحكومة السورية أن تلعب دوراً أكبر، وهذا الدور الأكبر هي لم تهمله واذا كانت الظروف لم تساعدها، فهذه الظروف تساعدها أكثر مماكانت عليه في السابق، الآن ثمة مجال لعمل سوري أوسع عسكري ودبلوماسي وداخلي، لا، ثمة اتضاحاً عاما بأن الحكومة السورية هي الطرف الوحيد المسؤول بين أطراف الأزمة في سورية وأقصد هنا الأطراف السورية، وهكذا فإن مسؤولية الحكومة السورية كثيرة وكبيرة والظروف الحالية تسمح لها بممارسة هذه المسؤولية.
نواف ابراهيم: سورية سابقاً مرت بأزمات كثيرة، هل ترون هذه المرحلة شبيهة بمرحلة سابقة مرت بها سورية سابقاً، وأنتم عاشرتم أزمات كثيرة في عهد الرئيس الراحل حافظ الأسد، ام أنها جديدة على الساحة الإقليمية من خلال الأدوات الجديدة المستخدمة والآلة الإعلامية والقوى الحية في تحقيق أجندات ومشاريع مسبقة الصنع للولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها، يعني هل يمكن أن نعذر بعض الضعف للدولة السورية أو القيادة السورية أحياناً في مواجهة بعض المواقف الميدانية أو السياسية رغم أن الصمود واضح تماماً للدولة والقيادة والحكومة السورية.
جبور: تعرضت سورية في تاريخها لأزمات كثيرة، لكن لم تكن أي من هذه الأزمات تضاهي هذه الأزمة التي نحن فيه الآن، فلنقل أن حجم الكارثة في سورية كبير، الذين اضطروا لترك منازلهم سواء الى داخل سورية أو خارجها كبير جدا والتدمير كبير ، الوضع الإقتصادي لاريب أنه دقيق الى حد تصعب معه على كثير من العائلات السورية أن تشعر بقدرتها على الإستمرار بالحد الأدنى من المعيشة التي هي فيها، في كل حال لاينبغي علينا أن نعود الى الماضي ونتحدث في السبب لما وصلنا اليه، الأمر الأهم هو أن نتجه الى المستقبل، واذا نظرنا الى المستقبل نجد أن ثمة فسحة أمل للسوريين نتيجة نوع من التوافق ولعله هش وليس قوياً بما فيه الكفاية بين روسيا وأمريكيا، ونرجوا لهذا التوافق ونرجوا خاصة من الجهة المؤيدة للحكومة السورية وللشعب السوري ان تطمئن غالبية السوريين، وهي الحكومة الروسية بأن تحاول وضع مزيد من النقاط على الحروف في توافقها مع مريكا، لكي تكون لدينا خطة واضحة للخروج من الأزمة قبل أن يخرج الرئيس أوباما من الحكم، بمعنى أنه علينا أن نتوقع تطورات جديدة بعد خروج أوباما من الحكم، الأفضل أن نكون الآن على دراية بالشكل الذي يمكننا أن نستفيد به من استمرار فلنقل موقف أوباما الراهن من الأزمة السورية، وهو موقف يطالبه فيه الكثيرون أن يكون أكثر استعمالا للقدرة العسكرية.
نواف ابراهيم: يعني اذا ما سار الجميع في هذا التوجه الذي تفضلتم به، هل ترون أنه بالفعل سوف ينعكس إنعكاساً ايحابيا على تحقيق السلام والأمن والإستقرار ليس في سورية فقط ، خصوصاً في ظل التطورات الجديدة للمواقف التركية والسعودية وحتى مصر، ودول الإتحاد الأوروبي في ظل الحديث عن محادثات أوروبية سورية لإعادة المياه الى مجاريها وكان آخرها وفد إيطالي يزور سورية ورفع العقوبات عن سورية ، وحتى وجود محادثات سورية أمريكية من تحت الطاولة عبر أكاديميين ومسؤولين أمريكيين وسوريين ولكنها لم ترشح عن شيء؟
جبور: أنت تفضلت و قلت أنها لم ترشح عن شيء، في الحقيقة تعبير اتصالات ومفاوضات من تحت الطاولة لاتبعث كثيرا على الإطمئنان، الإطمئنان يكون فقط لما يحدث من فوق الطاولة.
نواف ابراهيم: نعم عذراً على المقاطعة، حتى نكون منصفين الرئيس الاسد تحدث عدة مرات انه طالب الاوربيين والغربيين وتحديدا الامريكيين ان تكون المحادثات اوالتواصل من فوق الطاولة علنية وجهاراً لكنهم رفضوا؟
جبور: نعم هذا صحيح، الحكومة الأمريكية تحاول دائما أن توحي أن هناك أتصالات من تحت الطاولة، أو ثمة تبادل معلومات استخبارية من تحت الطاولة والى أخره، لست على اطلاع في هذا شأن، لكن المفروض في العلاقات بين الدول أن تكون العلنية هي الأساس، هذا ماعرفناه من نقاط الرئيس ولسون الشهيرة عام 1918 ، هذا ماعلمتنا أياه الثورة الشيوعية عام 1917 حين اذاعت الإتفاقات السرية، وكانت أول من تحدث أول الإتفاقات السرية، وتبعها الرئيس الأمريكي ولسون وأصدر عن نقاطه الشهيرة ، لكن لنعد الى مافيه نحن الآن، بفضل السياسة الروسية ثمة ليونة في الموقف التركي، والموقف التركي كان أكثر المواقف سوءاً من بين دول الجوار ازاء الوضع في سورية، هذ الليونة ينبغي أن نأخذها الى مداها الأقصى، وهناك ثمة ليونة في الموقف السعودي وأيضا بفضل السياسة الروسية الحكيمة، وهناك ثمة شيء من الليونة في الموقف الأردني وهذا يعود الى عوامل كثيرة، لكن فنقل أنه من المناسب أن يكون هناك تركيز على مايمكن أن يكون جدول أعمال واضح بين الدولتين العظميين الكبيرتين بين حكومتي موسكو وواشنطن، توافق معلن وربما أن يكون له جدول زمني
لا أكتمك منذ أن صدرت أو سربت مذكرة الدبلوماسيين الأمريكيين أتحدث في كثير من المناسبات أتحدث عن امكانية عقد مؤتمر دولي للأمن والتعاون في الشرق الأوسط والمتوسط
نواف ابراهيم: هذا ماطرحه الرئيس بوتين نعم
جبور: هذا أمر هام لانه حين يكون لدينا مؤتمر ولديه جدول اعمال ولديه مدعوون ولدى كل واحد منهم وجهة نظره حول ذلك
نواف ابراهيم: يمكن حينها على الأقل تعريف الإرهاب.
جبور: نعم بالضبط الموضوع الأول الذي يجب وضعه على جدول الأعمال هو موضوع مكافحة الإرهاب، ومكافحة الإرهاب تتطلب التعريف، وتتطلب الإشارة الى الهيئات الإرهابية
نواف ابراهيم: وانتم تذكرون أن الرئيس الراحل حافظ الأسد قد طالب بتعريف الإرهاب في ثمانينيات القرن الماضي وعقد مؤتمر دولي لمكافحة الارهاب لكن لم يتحرك أحد
جبور: صحيح أنا ارى أن مجموعة فينا المجموعة الداعمة لسورية والتي تشرف على تطبيق القرارين 2253 و2254، مجموعة ملتبسة لم تقم بشيء يجدر الإهتمام في جديته، يمكن أن تتطور هذ المجموعة الى مؤتمر للأمن والتعاون في الشرق الأوسط والمتوسط، بالطبع هذه الفكرة يجب الدعوة اليها من موسكو وواشنطن، وأنا متأكد أن الرئيس بوتين يفكر بهذه النقطة، حين أطلق تصريحاته عن أمكانية عقد مثل هذا المؤتمر، كن السؤال الأهم هنا من هي الدول التي ستحضر، وكيف للدول العربية أن تحضر مع وجود دولة قائمة بالإحتلال، هل من الممكن استبعاد اسرائيل، وانا أقول لما لا، على كل حال ثمة تفاصيل كثيرة يجب أن تبحث، لكن أن نضع على جدول الأعمال معلناً عقد مؤتمر دولي للأمن والتعاون في الشرق الأوسط ومنطقة المتوسط، امر مفيد يفتح الأمل أمام السوريين وامام اهالي المنطقة.
نواف ابراهيم: ومن هنا نعود الى مسألة منظمة البحار الخمسة التي اقترحها الرئيس بشار الأسد سابقاً، والتي نعتقد أنها سرعت من تنفيذ مخطط مايسمى بالربيع العربي ،هذا موضوع شائك وطويل ونظراً لضيق الوقت لانستطيع الحديث بشكل مفصل هنا قد نتابع هذه المسألة في حلقة خاصة قادمة.
جبور: نعم نعم هذا صحيح أنا سعيد بإتصالك وسعيد بأنني عبرت عن كثير من الأراء التي كنت حتى الآن أحتفظ بها لنفسي، وتحدثت اليكم نظراً لما لمسته في قناتكم من قدرة على التعامل الموضوعي مع الأراء التي تصل اليها.