بروكسل — سبوتنيك
وقال غروشكو للصحفيين في أعقاب اجتماع مجلس روسيا — الناتو على مستوى المندوبين في بروكسل: "أولا يتخذ الناتو قرارا حول التوسع وقبول أعضاء جدد، ومن ثم يبدأ باستيعاب أراضي الدول الأعضاء الجدد من الناحية العسكرية — التقنية، ونشر قوات إضافية عليها بذريعة أنه من الضروري توفير الحماية لها. ويؤدي كل ذلك إلى أننا قد نجد أنفسنا في دوامة سباق تسلح لا يريده أحد".
وأكد غروشكو أن حلف الناتو يحول دول أوروبا الشرقية إلى "رأس جسر" لنشر القوات، ويدخل بعدا عسكريا على علاقات روسيا مع تلك الدول. وقال في هذا الشأن إن "الخطر يتمثل في أن سياسة المجابهة المبنية اليوم على أساس الخطر الوهمي من قبل روسيا، تتحول إلى تخطيط عسكري وتحضيرات عسكرية على حدودنا. وتتحول أراضي الدول الشرقية في حلف الناتو، التي أعلنت نفسها على خط الجبهة، إلى رأس جسر لنشر القوات وممارسة الضغوط السياسية — العسكرية على روسيا".
وأضاف: "يتم إدخال بعد عسكري على علاقاتنا مع دول شرق أوروبا، لم يكن موجودا في أي وقت مضى".
وأشار المندوب الروسي إلى أن موسكو لا يمكنها تجاهل الواقع العسكري الجديد في شرق أوروبا، مشيرا إلى أن الناتو يدفع روسيا لتكييف بنيتها العسكرية، مؤكدا اتخاذ روسيا التدابير اللازمة لأمنها.
وقال غروشكو: "هل يمكن لروسيا ألا تولي اهتماما للواقع العسكري الجديد؟ هذا غير ممكن، في العقود الأخيرة، الجهة الغربية كانت الأكثر هدوء، نحن لم نغير تكوين قواتنا، ولكن الآن الناتو يجبرنا بأفعاله على تكييف بنية قواتنا العسكرية مع الوضع الأمني الجديد ".
وأضاف الدبلوماسي: "هذا ليس خيارنا البتة، ولكن من جانبنا، سوف نفعل كل ما هو ضروري لضمان قدرات بلادنا الدفاعية بشكل جيد في هذا الاتجاه".
وشدد غروشكو على أن التغيير في وثيقة فيينا، الذي يصر عليه الناتو لن يسهم في الأمن الأوروبي في حال وجود مواجهة عسكرية. وأوضح: "نحن نعتقد أنه أولا وقبل كل شيء، عندما نواجه هذا النوع من المواجهة والمنافسة من الناحية العسكرية، هذه التدابير الإضافية، مثل تحسين وتحديث وثيقة فيينا، لن تعمل. نحن ننتظر من حلف شمال الأطلسي، على الأقل، التوقف والبدء في التحرك بالاتجاه المعاكس، للحد من النشاطات وإرجاع القوات إلى أمان انتشارها في زمن السلم".
وأكد المندوب الروسي قائلا: "نحن ننطلق من أن السبيل لتحقيق الاستقرار، ولتحسين الوضع، يكون ليس من خلال وضع بعض التدابير التجميلية لبناء الثقة، بل بالدرجة الأولى من خلال تجميد هذا الانتشار العسكري، الذي تقوم به دول الناتو اليوم بالقرب من الحدود الروسية، والحد من تلك الأنشطة العسكرية، ولاحقا سحب الوحدات المنشورة بالفعل إلى أماكن انتشارها الدائم".
وتعليقا على القمة الأخيرة لحلف الناتو في وارسو، قال غروشكو إن التدابير التي اتخذها الحلف تحمل طابع المواجهة، وتشبه أنماط الحرب الباردة، ولكن روسيا ليست تهديدا لحلف شمال الاطلسي.
وقال: "نحن نعتقد أن هذه التدابير هي زائدة عن الحاجة، وهي غير بناء، وتحمل طابع المواجهة، وتضعف الأمن الإقليمي وفي عموم أوروبا، وتعيدنا إلى خطط ضمان الأمن أيام الحرب الباردة ".
وأكد غروشكو أن روسيا لا تشكل خطرا على أعضاء الحلف وليس لها مصلحة في نموذج علاقات المواجهة الذي يفرض عليها.
كما أكد المندوب الروسي استعداد موسكو للعمل على على تفادي وقوع حوادث عسكرية خطيرة، قائلا: "نحن منفتحون على الحديث عن التخفيف من مخاطر وقوع حوادث ذات طابع عسكري".
وعلى وجه التحديد، أشار غروشكو إلى أن العسكريين الروس خلال اجتماع روسيا — الناتو في بروكسل أكدوا تأييدهم لخطة الرئيس الفنلندي ساولي نينيستو بشأن أمن الطيران فوق البلطيق، واستعداد روسيا للدخول في مشاورات جدية مع الناتو بهذا الصدد.
وأضاف: "تقدمنا بمقترح معين، واعلننا أن طيراننا مستعد لأن يقوم بتحليقات مع أجهزة بعث وقبول إشارات عاملةوعلى خطوط سير محددة. وبالطبع نحن نعول على أن بلدان الناتو ستكون على استعداد لذلك أيضا. والحديث يدور ليس فقط عن بلدان الناتو، وإنما عن كافة الدول التي تقوم بنشاط عسكري في هذه المنطقة".
وأشار إلى أنه من شأن الاتفاق بشأن التحليقات بأجهزة إرسال الإشارات العاملة أن يكون خطوة هامة للتخفيف من التصعيد. ودعا إلى أن يرسل حلف الناتو خبراء عسكريين للمشاركة في المشاورات بشأن هذه القضية، مشيرا إلى "أننا ننطلق من أنه إذا كانت بلدان الناتو بالفعل معنية بتحسن الوضع الأمني في منطقة البلطيق، فعليها أن توافق على هذا المقترح وتكلف عسكرييها بالمشاركة في مثل هذه المشاورات".
وأكد مندوب روسيا الدائم لدى الناتو كذلك أن موسكو حذرت في اجتماع مجلس الناتو — روسيا من الآثار السلبية التي يمكن أن تخلفها نشاط الحلف العسكرية في منطقة البحر الأسود. وقال: "لقد ناقشنا هذه المسألة، وبحثنا البحر الأسود. نحن قلنا أننا نعتقد أن أي زيادة في النشاط العسكري لدول حلف شمال الاطلسي في منطقة البحر الأسود، سوف تزعزع الوضع، ولن يسهم في ضمان الأمن في المنطقة".
وبشأن الأزمة الاوكرانية، أشار غروشكو إلى أن المشاركين في اجتماع المجلس أجمعوا على أنه لا يوجد بديل للتسوية السياسية للأزمة، وأنه من الضروري بذل كل الجهود من أجل تنفيذ اتفاقيات مينسك.
وذكر المندوب الروسي أن روسيا أشارت خلال اجتماع مجلس روسيا — الناتو إلى أن مساعدات الناتو لأوكرانيا تحفز "التوجهات الانتقامية" في كييف. وقال بهذا الصدد: "أشرنا إلى أن بلدان الناتو، من خلال تقديمها الدعم لسلطات كييف، تشجع في جوهر الأمر "صقور الحرب" في كييف وتحفز التوجهات الانتقامية. وما يثير قلقا خاصا لدينا، هو أن وحدات القوات المسلحة الأوكرانية التي قام بتدريبها مدربون من الولايات المتحدة وكندا، يتم نقلها إلى منطقة النزاع".
كما أعرب المندوب عن الأسف لإنهاء التعاون بين روسيا والناتو في أفغانستان، مشيرا إلى أن الوضع في هذه البلد يتطلب تضافر جهود المجتمع الدولي.
وقال غروشكو: "أشرنا إلى أن الوضع في أفغانستان يتطلب تضافر جهود المجتمع الدولي، وأعربنا عن أسفنا إزاء حقيقة أنه في الآونة الأخيرة كان لدينا تعاون مثمر جدا في أفغانستان. وهناك عدد من المشاريع التي قمنا بتنفيذها في إطار مجلس الناتو — روسيا، كان لها أثر إيجابي ليس فقط على الوضع في أفغانستان ولكن كان أيضا لها مساهمة حقيقية في أمن الروس والأوروبيين".
وفي معرض حديثه عن الاجتماع في بروكسل بشكل عام، أشار غروشكو إلى أن "خصوصية هذا الاجتماع هو أنه فيه للمرة الأولى بعد فترة انقطاع طويلة يشارك العسكريون".
يذكر، أن اجتماع مجلس روسيا — الناتو عقد بعد 4 أشهر من الاجتماع الأخير في نيسان/أبريل الماضي، الذي، بدوره، انعقد بعد فترة انقطاع دامت سنتين. وكان الاجتماع يتمحور حول الأزمة الأوكرانية وضرورة تنفيذ اتفاقيات مينسك للتسوية، مع التركيز على الشفافية والتخفيف من المخاطر، بالإضافة إلى الوضع الأمني في أفغانستان.
وكانت وزارة الخارجية الروسية قد أعلنت أيضا أمس الثلاثاء، أن أحد المواضيع الرئيسية سيكون قرارات قمة الناتو الأخيرة في وارسو بشأن زيادة النشاط العسكري للناتو على "جناحه الشرقي"، وتداعياتها على الأمن الأوروبي.