وجهت الجماعات الإرهابية تهديدا صريحا إلى كل الدول الأوروبية بأنها ستشهد صيفا ساخنا، وأن عناصرها المنتشرة في القارة العجوز تترقب الوقت المناسب لتنفيذ عملياتها التخريبية من دون رادع قانوني أو ديني أو أخلاقي، ويبدو أنها تنجح في ظل القصور الواضح على كافة المستويات الأمنية والاجتماعية والتعاون الدولي في مكافحة هذه الظاهرة البغيضة.
ازدواجية المعايير في تعاطي الغرب مع خطر الإرهابيين، يقف في مقدمة الأسباب الحقيقية التي تحول دون نجاح الجهود في وقف سقوط الضحايا الأبرياء في مناطق مختلفة من العالم، فالخطيئة الكبرى تكمن في تقسيم الإرهابيين ما بين معتدل ومتطرف، في تجاهل — ربما يكون متعمدا من جانب الكيانات الداعمة لهذه العناصر — بأن الإرهابي الذي لا يحمل السلاح هو نفسه الذي يدفع العناصر الأخرى إلى حمل السلاح من خلال الفكر المتطرف الذي يبث سمومه في نفوس شريحة كبيرة من الشباب.
استهداف المدنيين في "نيس" يكشف حجم القصور في آليات مواجهة الاٍرهاب، خاصة على الصعيد الدولي، والخطر الذي يواجه الحضارة الإنسانية يستحق التخلي عن الازدواجية وتنحية صراع النفوذ السياسي الذي يتبناه الغرب جانبا، والإدراك بأن التطرّف العنيف لن يستثني أحدا من ضرباته القاسية حتى هؤلاء الذين يستخدمونه كأداة لتحقيق مصالحهم الضيقة في مناطق ملتهبة من العالم.
(المقالة تعبر عن رأي كاتبها)