سبوتنيك: رئيس الوزراء المُقال أكد في كلمته أمام البرلمان أن الهدف من مبادرة الرئيس التونسي بات "تغيير رئيس الحكومة"، وأوضح أنه تعرض لضغوط لحمله على الاستقالة، منددا بالعمل على التخلص منه في تلميحات واضحة إلى خلافات مع الرئيس التونسي باجي قايد السبسي هي التي قد تكون أطاحت بحكومته…ما حقيقة هذه الخلافات؟
الجبالي: على العكس، ففي حقيقة الأمر، إن خطاب رئيس الحكومة أمام البرلمان كان يحمل موقفا إيجابيا، حيث قضى أكثر من 20 دقيقة خلال خطابه مركزا على مدح مبادرة الرئيس، كما أكد على مساندته لرئيس الجمهورية في كل قراراته التي اتخذها، لكنه في تصريح صحفي معروف له — يسبق وقوفه أمام البرلمان- قال فيه إنه لم يكن على علم بمبادرة الرئيس بشأن حل الحكومة، ولم تتم استشارته فيها.
والإجابة على هذا التناقض تتلخص في أن رئيس الجمهورية له الحق الدستوري في إطلاق مثل هذه المبادرة، ولا يوجد النص الدستوري الملزم له بالتشاور مع رئيس الحكومة في هذا الشأن، لذا ففي اعتقادي سلامة موقف رئيس الجمهورية من الناحية القانونية والدستورية.
سبوتنيك: العديد من النواب خلال جلسة سحب الثقة أشادوا بـ"نزاهة" الصيد، لكنهم في الوقت نفسه وجهوا انتقادات حادة لحكومته، برأيك ماهي أبرز الإخفاقات التي أطاحت بحكومة الصيد؟
الجبالي: يشهد بالفعل للحبيب الصيد بالنزاهة والجدية والتفاني وطهارة اليد، وهذا أمر لا يختلف عليه اثنان، لكنه كان مطالبا بنتائج، وكان قد قدم تعهدات، لكنه أخلّ بها ولم ينجزها، وأكثر النقاط السلبية التي تم توجيهها له، عدم وفائه بتعهده بشأن حلّ "النيابات الخصوصية" — وهي تعني بالمفهوم العام المجالس المحلية، أو المجالس البلدية- والدستور التونسي يولي أهمية كبرى للحوكمة البلدية، لأنها ستكون نواة التسيير المحلي، والتي من شأنها، أن تجنب تونس العديد من الإشكاليات، خاصة فيما يتعلق بنظافة البيئة، وغيرها من المشاكل التي قد تواجه المواطن التونسي بصفة يومية.
بالإضافة إلى عدة إخفاقات كبرى تعرضت لها حكومة الصيد، كضرورة تحقيق السلم الاجتماعي، والتي كانت في مواجهة موجة المطالبات من النقابات وغيرها، والتي لم تفلح حكومة الصيد في مواجهتها، أو الحد منها.
لكن وسط تلك الإخفاقات، لا يمكننا أن ننكر التقدم الإيجابي والتقدم الكبير، الذي حققته حكومة الصيد في مجال مكافحة الإرهاب، والفترة التي عاشتها تونس في استقرار نوعا ما، والحبيب الصيد نفسه افتخر بهذا الإنجاز، حينما قال: "لم يسقط شهيد واحد من الشعب، وإنما كل من سقطوا كانوا من أفراد الأمن والجيش الوطني".
سبوتنيك: هل ستنجح حكومة الوحدة الوطنية المزمع تشكيلها في تجاوز تلك الاخفاقات؟
الجبالي: اعتقد أن هناك عدة أسباب تكفل النجاح لهذه الحكومة، خصوصا اتفاق عدد كبير من الأحزاب والمنظمات الوطنية العريقة على تنفيذ برامج وأولويات، فاليوم، لن يكون الحديث عن أشخاص بعينهم بقدر ما هو حديث عن برامج وأولويات تكفل التقدم الاقتصادي والاجتماعي، ونجاح سبل الإعاشة للمواطن التونسي.
سبوتنيك: الأنباء الواردة من تونس تشير إلى اتجاه داخل الائتلاف الحاكم بتشكيل حكومة حزبية من داخل الائتلاف…إلى أي مدى ستنجح هذه الحكومة في مواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية والسياسية التي تواجه تونس؟
الجبالي: الاتجاه إلى تشكيل حكومة حزبية من داخل الائتلاف، اعتقد أن فيه جانب من الصحة، إلا أن الأمر لم يحسم بعد بصفة نهائية، وفي حقيقة الأمر، أن من ضمن الأسباب القوية التي واجهت الحبيب الصيد أنه لم يكن " متحزّبا"، وفي ذات الوقت كان مطالبا بتنفيذ برامج الأحزاب، وبخاصة البرنامج الاقتصادي والاجتماعي لحزب "نداء تونس"، لكنه لم يلتزم بذلك، فكانت من النقاط التي حُسبت ضده، فاليوم الحكومة الجديدة مطالبة بتنفيذ برامج الأحزاب، وفق مصالح عليا، وأولويات أساسية، وفي اعتقادي أن الحكومة السياسية ستكون هي الحل.
سبوتنيك: اعتبرت بعض الصحف التونسية الصادرة، يوم أمس السبت، أن الخوف الأكبر اليوم هو الفراغ السياسي، أي فراغ سياسي ذاك الذي تخشاه تونس؟
الجبالي: لا اعتقد أن رحيل الصيد سيشكل نقطة فارقة، خصوصا على الناحية السياسية، بل على العكس تماما، وفي اعتقادي أن هذه مجرد تخوفات سابقة لأوانها، وليست في محلها، وانطلاقا من اليوم، وفي خلال 10 أيام قادمة، سيقوم السيد رئيس الجمهورية باختيار خليفة الحبيب الصيد لرئاسة الحكومة، وكل ما نأمله هو استكمال مسيرة الديموقراطية في تونس ونجاح تلك المسيرة.
أجرت الحوار: دارين مصطفى