العملية التي قامت بها القوات المصرية التي تخوض معارك شرسة ضد عناصر التنظيم في المنطقة منذ الإطاحة بنظام حكم الإخوان المسلمين في 30 يونيو/حزيران 2013، استرشدت بمعلومات استخباراتية دقيقة عن معاقل التنظيم ومكان تواجد زعيمه المعروف باسم "أبو دعاء الانصاري" وعدد من مساعديه البارزين، فضلا عن مخازن الأسلحة، فحققت العمليات هدفها بتصفية العشرات من قيادات التنظيم وتدمير مخازن السلاح الذخائر والمتفجرات التي يستخدمها في عملياته الإرهابية.
تنسيق وتشاور
العلاقات الثنائية بين القاهرة وموسكو كانت قد دخلت مرحلة جديدة بعد انتخاب الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي وضع التعاون الاستراتيجي مع روسيا في مقدمة أولويات سياسته الخارجية، كما أن المباحثات التي أجريت بين المسؤولين كشفت عن إرادة سياسية لتطوير التعاون في المجالات المختلفة، خصوصا مكافحة الإرهاب الذي يهدد أمن واستقرار الشعبين الصديقين.
ومشاورات مستشار الأمن القومي المصري، السفيرة فايزة أبو النجا، وسكرتير عام مجلس الأمن القومي الروسي، نيكولاي باتروشيف، تسير في إطار استمرار التنسيق والتشاور من خلال آلية منتظمة تعقد اجتماعاتها الدورية بالتناوب بين البلدين لمواجهة التحديات والتهديدات التي تهدد مصالح البلدين.
أكدت روسيا على الدعم الكامل لمصر في الحرب على الإرهاب، باعتبار القاهرة ركيزة أساسية لتحقيق الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط التي تشهد انتشارا للجماعات الإرهابية واتساع رقعة التطرف العنيف، وتعزيز التعاون الأمني في ضوء اتفاق الرؤى حول القضايا الإقليمية والدولية ومواجهة التحديات المشتركة وضرورة القضاء على بؤر التوتر بالمنطقة كأحد أسباب التطرف والإرهاب.
التعاون يتم بين البلدين من خلال تبادل المعلومات بين الأجهزة المختصة، والاستفادة من الاستراتيجية الروسية التي ساهمت في الحد من خطر الجماعات الإرهابية ومحاصرة أنشطة العناصر المتطرفة، فضلا عن التدريبات المشتركة لرفع مستوى القوات باستخدام التقنية المتطورة.
الوفاء بالوعد
تخوض القوات المسلحة المصرية حربا شرسة في مواجهة التنظيمات الإرهابية، ووعدت القيادة المصرية بتكثيف العمل على اجتثاث دابر الإرهاب من شبه جزيرة سيناء، بينما أكد وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، خلال زيارته إلى القاهرة في نوفمبر/تشرين الثاني من العام 2015، على زيادة التعاون في المجالات العسكرية والفنية والتدريبات المشتركة بين البلدين ليشمل العديد من المجالات، وعلى الدعم الكامل لمصر والتعاون معها في الحرب على الإرهاب في سيناء.
وعندما كشف رئيس جهاز الأمن، ألكسندر بورتنيكوف، عن سبب تحطم الطائرة الروسية فوق سيناء، طالب الرئيس فلاديمير بوتين الأجهزة الخاصة بتركيز البحث عن المسؤولين عن تفجير الطائرة، والتعاون مع شركاء روسيا للبحث سويا عن المسؤول عن هذا العمل الإرهابي والقصاص منهم، قائلا "هذا الحادث لن يمنعنا من العثور على المجرمين ومعاقبتهم… علينا القيام بذلك بدون تأخر وتحديد هويتهم، وسنعثر عليهم أينما كانوا في العالم وسنعاقبهم".
أفق جديدة لمكافحة الإرهاب
ويرى رئيس المركز الوطني للدراسات الأمنية، العميد خالد عكاشة، في حديث لـ "سبوتنيك" اليوم السبت، أن التغير الكبير لعمل تنظيم "أنصار بيت المقدس" كان مع مبايعته لتنظيم "داعش" الإرهابي وتغيير اسمه إلى "ولاية سيناء" وأنه فرع من فروعه، الأمر الذي منحه زخما جديدا وأدخل نفسه في فلك التنظيمات الإرهابية الدولية والعابرة للحدود، ومنذ الإعلان عن سبب الحادث المأساوي للطائرة المدنية الروسية، اتجهت الأنظار إلى التنظيم الإرهابي في سيناء باعتبار أنه الوحيد الذي يملك القدرة للدخول على خط تنفيذ مثل هذه العمليات.
ويرى عكاشة أن الأيام القادمة وفي ظل التطور الملحوظ في التعاون المصري الروسي، يمكن أن تشهد أفقا جديدا للتعاون بين البلدين يتمثل في إعادة تدريب وتأهيل ونقل الخبرات الخاصة بمكافحة الإرهاب بين الأجهزة المختصة، إلى جانب التدريبات والمناورات خلال القترة القادمة، خاصة ونحن نتحدث عن منطقة تموج بالمخاطر والإرهاب فيها يعلن عن تطوره بقوة.
وأضاف أن الدعم الذي تقدمه روسيا إلى مصر في مجال التسليح يأتي في إطار التحالف الاستراتيجي المفيد للجانبين، خاصة أنه ينقل الكوادر المصرية نقلة متقدمة جدا وبشكل إيجابي للغاية في مجال مكافحة الإرهاب وتعزيز قدرات مصر العسكرية.
الخلاصة
توافق الرؤى بين مصر وروسيا والمعايير الثابتة في تصنيف الجماعات الإرهابية، يساهم في تعزيز التعاون وتحقيق الهدف من محاصرة العناصر الإرهابية والقضاء على البؤر المتطرفة التي تهدد أمن واستقرار الشعوب، على خلاف الغرب الذي يصنف التنظيمات وفق معايير مزدوجة ظهرت بوضوح في عجز العمليات العسكرية التي تقوم بها قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في القضاء على "داعش"، بينما نجحت القوات الروسية في تكبيد التنظيم خسائر فادحة، وكشفت للشعوب العربية حقيقة مخطط نشر الإرهاب والفوضى والتطرف في المنطقة.
(المقالة تعبر عن رأي كاتبها)