وقال أبو زيد، في بيان الخارجية المصرية، إن المجلة عمدت إلى تجنب أي مظهر من مظاهر التحليل الموضوعى، وتجاهلت العديد من النجاحات والانجازات، واهتمت بتوجيه إهانات لشخص الرئيس المصري، حيث اتهم ملف الإيكونوميست بأنه قائم على التحليل الركيك والقراءة السطحية للاقتصاد المصري وطبيعة التحديات التي تواجهه.
وأكد المتحدث الرسمي باسم الوزارة، على أن اتهام الرئيس عبد الفتاح السيسي بعدم الكفاءة في إدارة السياسات الاقتصادية في مصر، يتجاهل أن هذه السياسات تستند إلى مشورة مجموعة من الخبراء الاقتصاديين البارزين، "المجموعة الاقتصادية" ومؤسسات راسخة في الدولة.
وأكد بيان الوزارة، أن "ادعاء المجلة أن الاقتصاد المصري يعتمد على مساعدات أمريكا والخليج، أمر أبعد ما يكون عن الحقيقة، فالمجلة لم تلحظ انخفاض المساعدات الأمريكية خلال السنوات الأخيرة، كما أننا لا نعول على مساعدة من أي طرف.. وبالرغم من إدراكنا لحجم الصعوبات الاقتصادية والتحديات الهيكلية التي تواجهها مصر، إلا أن أي تحليل موضوعى يجب أن يأخذ بعين الاعتبار الأزمة الحادة التي مرت بها البلاد منذ يناير/ كانون الثاني 2011، وما خلفته ولا تزال من تداعيات مالية".
وفيما يلي نص البيان
"لقد صدمت وفوجئت لقراءة العدد الأخير من مجلة "الإيكونوميست"، الذي تضمن سلسلة من المقالات حول مصر تحت عنوان "تخريب مصر". لقد كان من المنتظر أن تقدم مجلة رائدة في التحليل الاقتصادي والمالي كـ"الإيكونوميست" تحليلا موضوعيا ومستنيرا، يركز على تقييم خصائص السياسات الاقتصادية في مصر خلال الأشهر القليلة الماضية، إلا أن المجلة عمدت في المقابل إلى تجنب أي مظهر من مظاهر التحليل الموضوعى، واهتمت بتوجيه إهانات لشخص الرئيس المصري.
إنه لمن المؤسف، بل ومن المشين، أن تلجأ مجلة محترفة إلى أساليب غير موضوعية ومهينة وذات دوافع سياسية، لتوصيف السياسات الاقتصادية لمصر، ونسبها إلى شخص واحد هو رئيس الدولة، ناهيك عن التحليل الركيك والقراءة السطحية للاقتصاد المصري وطبيعة التحديات التي تواجهه.
وإنه لمن المؤسف أيضا أن العبارات المهينة والأوصاف، التي استخدمتها افتتاحية المجلة، لا تتسق مع مجمل البيانات المذكورة في صلب المقالات الواردة في ذات العدد من المجلة، الأمر الذي يظهر توجها مؤسفا نحو رسم صورة نمطية عن المنطقة ومصر، على أنها تعاني من الفوضى، دون إيلاء أي اعتبار للحقائق والتقدم المحرَز على الأرض.
وتماشيا مع هذه الصورة النمطية المتحيزة، تزعم المجلة أن الرئيس السيسي جاء إلى السلطة عبر "انقلاب"، وهو زعم يستخف بشكل كامل بإرادة المصريين، سواء الملايين الذين تظاهروا من أجل إزاحة رجل الإخوان محمد مرسي، أو الملايين الذين صوتوا بأغلبية كاسحة لانتخاب الرئيس. فالمقال يتهمه بـ"عدم الكفاءة" في إدارة السياسات الاقتصادية في مصر، ويتجاهل أن هذه السياسات تستند إلى مشورة مجموعة من الخبراء الاقتصاديين البارزين "المجموعة الاقتصادية" ومؤسسات راسخة في الدولة.
إننا يمكن أن نتفهم وجود عدم الاتفاق أو حتى اختلاف شديد حول ماهية السياسيات الاقتصادية المطبقة في مصر، بل ونرحب بذلك في إطار من النقد البناء المستنير، فحتى الخبراء الاقتصاديون يختلفون حول طبيعة السياسة الاقتصادية المطلوبة في مرحلة بعينها. ولكن للأسف، فإن مجلة "الإيكونوميست" لم تبذل الجهد من أجل تقديم تحليل معمق أو حتى إشارة مبسطة لتلك السياسات، لتقفز إلى استنتاج متسرع بعدم الكفاءة.
ومن هنا، ومع ترحيبنا بأي رأي بناء، فأود إعادة تأكيد أن الحكومة المصرية المشكلة من مجموعة وزراء على درجة عالية من الاحترافية، هى المعنية بوضع السياسات التي تراها الأنسب في مصر، حيث إن رئيس الجمهورية لا يتولى الإدارة الجزئية لمؤسسات الدولة ولا يتبني سياسيات اقتصادية من فراغ،
فهو محاط بمؤسسات ومستشارين وبنك مركزي مستقل، فضلا عن حكومة من المحترفين معنية باتخاذ القرار ومسؤولة أمام البرلمان والشعب، الذين لديهم القول الفصل في تحديد ما إذا كانت السياسة المتبعة صحيحة أم تتسم بـ"عدم الكفاءة". إن ملاحظات مجلة "الإيكونوميست" المغلوطة والمبتذلة تعكس تجاهلا كاملا لطبيعة عملية صنع القرار الاقتصادي والمالى في مصر.
وفي ذات السياق، تفترض "الإيكونوميست" وبسخافة أن الاقتصاد المصري يعتمد على التدفقات النقدية من الخليج والمساعدات العسكرية الأمريكية، وهو أمر أبعد ما يكون عن الحقيقة، فالمجلة لم تلحظ انخفاض المساعدات الأمريكية خلال السنوات الأخيرة، كما أننا لا نعول على مساعدة من أي طرف. وبالرغم من إدراكنا لحجم الصعوبات الاقتصادية والتحديات الهيكلية التى تواجهها مصر، إلا أن أي تحليل موضوعى وذى مصداقية يجب أن يأخذ بعين الاعتبار الأزمة الحادة التى مرت بها البلاد منذ يناير 2011، وما خلفته ولا تزال من تداعيات مالية.
إن إقامة نموذج اقتصادي جديد ليس بالأمر السهل، ويستغرق وقتا طويلا. ومن الضرورى كذلك الإشارة إلى أن الحكومة قد وضعت خطة شاملة لمعالجة الاختلالات الاقتصادية، وإعادة الاقتصاد المصري إلى المسار الصحيح، فضلا عن وضع أساس لنمو شامل ومستديم بحلول عام 2030، وهى الخطة التى أقرها البرلمان وفقا للإجراءات المنصوص عليها في الدستور المصري الجديد، الذى يعد الأكثر تقدما في تاريخ البلاد.
كما أن الحزمة الاقتصادية الجارى التفاوض بشأنها مع صندوق النقد الدولى، والتى وللمفارقة تقلل "الإيكونوميست" من شأنها، تثبت سلامة المسار الاقتصادي في مصر، وتؤكد أن قرارات صعبة وضرورية يتم اتخاذها، فبعد مفاوضات شاقة، تعتبر هذه الحزمة بمثابة شهادة مباركة لمستقبل الاقتصاد المصري، فضلًا عما تقدمه من ضمان وحافز للمستثمرين الأجانب.
هناك قائمة طويلة من الإنجازات وقصص النجاح في العديد من القطاعات الاقتصادية على مدي العامين الأخيرين لا يستطيع أن ينكرها أحد، ولكن يبدو أن مجلة "الإيكونوميست" لا تعترف بها. فعلى الرغم من الاضطرابات غير المسبوقة في المنطقة، والتراجع في الاقتصاد وحجم التجارة الدولية، والأحداث الأخيرة التى ألقت بظلال كثيفة على السياحة والاستثمار، فقد تمكنت الحكومة المصرية من مواجهة تلك التحديات، وتم إطلاق عدد من المشاريع الضخمة كثيفة العمالة لوضع أساس صلب للنمو الاقتصادي.
كما تم تبني "رؤية 2030" للتنمية المستدامة ووضعها موضع التنفيذ، بالإضافة إلى الطفرة التى تحققت في مجال توليد الطاقة وسهولة الوصول إليها، وهو أمر محل اعتراف وتقدير كبير من جانب المصريين، كما تم اتخاذ قرارات صعبة وجريئة لإصلاح سياسات الدعم وأسعار الطاقة. ومع ذلك، فمن المهم أن ندرك أن الخطة الاقتصادية في مصر لن تجني ثمارها بين عشية وضحاها، حيث إن فوائدها تتخطى مجرد تحقيق عوائد اقتصادية بحتة، حيث تؤخذ الأبعاد الاجتماعية والسياسية في الاعتبار، فلا بد من مراعاة دروس الماضى للتأكد من أن النمو سيصل لجميع المصريين، وليس مجرد عدد قليل منهم، وذلك للحفاظ على سلامة خطة الإصلاح من الزاوية السياسية. إن التزامنا الصارم بمبادئ اقتصاد السوق يقتضى أيضا أن نوفر الضمانات بألا يقع عبء إصلاحات الاقتصاد الكلى على عاتق من لا يستطيعون تحمله، وذلك لحماية محدودي الدخل.
إن مصر وهى تواجه كل هذه الصعوبات، بات واضحا تماما لها من هم الأصدقاء، ومن يمكن الاعتماد عليهم. ويبدو أن مجلة "الإيكونوميست" اختارت أن تقف مع من يتخذون موقفا متحيزا ضد مصر، إلا أننا نأمل أن تحافظ المجلة على ما تتمتع به من مصداقية وسمعة وكفاءة مهنية، بحيث تبتعد عن التحليلات الاختزالية والمتحيزة مستقبلا، كما أنه في غاية الأهمية أن يدرك شركاؤنا أن المصريين لا ينتظرون وصاية من أحد، ولا يتقبلون إهانة اختياراتهم.