أحيا اليابانيون ذكرى ضحايا الهجوم النووي الأميركي على مدينة ناغازاكي عام 1945، بالوقوف دقيقة صمت على أرواح 74 ألف مدني قضوا في الهجوم، وحث جيل الشباب على الاستماع إلى روايات الناجين منها (هيباكوشا)، وانتقاد سياسات الحكومة اليابانية الحالية، برئاسة رئيس الوزراء شينزو آبي، الرامية إلى زيادة الإنفاق العسكري وتوثيق العلاقات العسكرية مع الولايات المتحدة.
الحكومة اليابانية كانت قد أجازت في العام الماضي قراراً يعيد تفسير الدستور السلمي لليابان، الذي أعد مسودته الأميركيون بعد الحرب العالمية الثانية، ويقض التفسير الجديد بأنه من المسموح للحكومة "ممارسة حق الدفاع عن النفس بشكل جماعي أو الدفاع عن حليف يتعرض لهجوم"، أي السماح بمشاركة الجيش الياباني في نزاعات خارجية، وأثار مشروع قانون للأمن طرحته الحكومة اليابانية مؤخراً على البرلمان جدلاً واسعاً في الداخل، إذ لا يستبعد هذا المشروع "نقل الجيش الياباني أسلحة نووية لقوات أجنبية"، والمقصود هنا بالتحديد أسلحة نووية للولايات المتحدة الأميركية، ومما لا شك فيه أن صيغة مشروع القانون مبهمة وحمالة للأوجه وتثير التباساً يتعارض مع تعهد اليابان بعدم امتلاك أسلحة نووية ومنع انتشارها.
ومن حق رئيس بلدية ناغازاكي القول: "نشعر بالقلق لأن الوعد الذي قطعناه قبل سبعين عاماً، ومبدأ السلام في الدستور، يبدو معرضاً للخطر"، فالسياسية الدفاعية اليابانية في عهد حكومة شينزو آبي تنحرف عن المبادئ التقليدية للسياسة الدفاعية اليابانية بعد الحرب العالمية الثانية. ولذلك على كل محبي السلام في العالم أن يضموا صوتهم إلى جانب صوت رئيس بلدية ناغازاكي الذي قال في كلمة ألقاها بالمناسبة: "أوجه نداء للشبان: أصغوا لما يقوله القدامى، وفكروا بما تستطيعون فعله أنتم من أجل السلام"، وبالطبع الدعوة لا تقتصر على الشبان اليابانيين بل كل شبان العالم، وكل أبناء البشرية المحبين للسلم والساعين نحو مستقبل مشرق للإنسانية.
على سبيل التوكيد بهذه المناسبة، إن احترام أرواح ضحايا ناغازاكي وهيروشيما، والحيلولة دون تكرار هذه المأساة، يملي على البشرية جمعاء الاستماع جيداً إلى روايات الناجين من المأساة، وروايات أبنائهم وأحفادهم عن العذابات التي حاقت بهم، والأخذ بنداءاتهم الداعية إلى تخليص البشرية من أسلحة الدمار الشامل، ومن نافلة القول، ثمة مسؤولية خاصة تقع على عاتق اليابان، بأن تكون في مقدمة صفوف الساعين، بكل طاقة ممكنة، من أجل منع امتلاك أو إنتاج أو تطوير أسلحة نووية أو انتشارها.
(المقالة تعبر عن رأي كاتبها)