وما هي أسباب تباعد مواقف الأطراف المنخرطة في عملية التسوية، ولماذا تتعاظم قوة الجماعات الجماعات الإرهابية بالانتشار في المنطقة وبدأت تسهدف مصالح الغرب الذي يتحمل المسؤولية في تصاعد خطر تلك العناصر؟
لا شك أن السياسة الأمريكية في سوريا لا تختلف كثيرا في أهدافها عن تلك التي مارستها في العراق والتي تقوم بتنفيذها في ليبيا، وفشلت في مصر، وتواصل العبث في اليمن، وحققت أهدافها في السودان، ومن هنا فإن الإدارة الأمريكية وكافة الدول الإقليمية التي دعمت تلك السياسات تتحمل كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية والتاريخية أمام الشعوب، تجاه ما يجري في المنطقة، وخسائر الأرواح والدماء التي أهدرت في البر والبحر، فضلا عن محاولات طمس ثقافة وحضارة شعوب المنطقة وإعادة تشكيلها في إطار عرقي وطائفي لم يشهده المجتمع الدولي من قبل.
عندما يصبح المتطرف معتدل
منذ البداية رفضت الولايات المتحدة تبادل المعلومات مع روسيا حول تحديد أماكن تمركز الجماعات المتطرفة في سوريا خاصة عناصر "داعش" و"جبهة النصرة" فضلا عن تحديد أماكت تمركز من تصفهم واشنطن بـ "المعارضة المعتدلة" حتى يمكن تجنب ضربات القوات الروسية التي تحارب الإرهاب في سوريا استجابة لطلب الحكومة السورية، والتي اسفرت عن اضعاف قدرات التنظيمات الإرهابية.
واللافت في المشهد السوري الراهن، إعلان "جبهة النصرة" الإرهابية انفصالها عن تنظيم "القاعدة" وتغيير الاسم إلى "جبهة فتح الشام" بينما تقف الاستخبارات الأمريكية خلف كل هذه التغيرات ومحاولة رسم دور للعناصر الإرهابية في مسار التسوية السياسية ضمن من تقول عنهم "المعارضة المعتدلة" في حين أنهم قتلوا ودمورا وخربوا وشردوا الملايين من الأبرياء، ويستحقون ومن يدعمهم من كيانات مختلفة جزاء المفسدين في الأرض.
ليس معنى انخراط تركيا ـ بحكم الجوار الجغرافي ـ في الأزمة السورية، أنها قادرة على وضع تسوية نهائية أو التعامل مع تصريحات المسؤولين الأتراك على أن أنقرة تملك مفتاح الحل، وتلاشي المشهد الدموي الذي ساهمت في ظهوره.
تجنب قيام دول كردية بالقرب من حدودها، هو كل ما تريده تركيا، بمعنى آخر تخشى "تركيا أردوغان" سيطرة حزب "الاتحاد الديمقراطي الكردي" على المنطقة المتاخمة للحدود مع سوريا، كذلك كيف يمكن للعالم أن يتصور تخلي تركيا عن سياسة حلف شمال الأطلسي الساع لخلق الذرائع للتدخل في شؤون الدول المستقلة.
موقف روسي واضح
الدول المؤثرة في الأزمة السورية معروفة إلى جانب تلك المتداخلة بحكم الدور الإقليمي، وبالتالي فإن الحديث عن تسوية سلمية للأزمة في سوريا يجب أن يضم كافة الأطراف المعنية إقليميا ودوليا فضلا عن تلك المعارضة السياسية التي لم ترفع السلاح في وجه المواطنين الأبرياء ولم تكن سببا في استمرار نزيف الدم السوري، ولا يمكن ان يكون الإرهاب والتطرف العنيف جزء من حل الأزمة.
في حين تتخبط الأطراف الأخرى أمام العجز والفشل في مواجهة "داعش" واتسمت سياسته بالتقاعس الذي منح الإرهابيين مساحة للتحرك والامتداد في المنطقة وتدمير المعالم الثقافية والحضارية والتهجير القسري للأقليات، في ظل رفض شعبي لسياسة الفوضى الخلاقة في المنطقة ومواجهة مخطط التقسيم الطائفي، ودعم جماعات "اللادولة" والعناصر الإرهابية التي تريد أن تنقلها إلى مربع ما تقول عنه "المعارضة المعتدلة".
الخلاصة
تسوية الأزمة السورية يتتطلب الاتفاق على مفهوم موحد للإرهاب والعناصر الإرهابية، والابتعاد عن ازدواجية المعايير في هذا الشأن، والتوصل إلى تفاهم من خلال الحوار بين الأطراف في إطار من القانون الدولي المعاصر وميثاق الأمم المتحدة.
(المقال يعبر عن رأي صاحبه)