وصلت الأوضاع على الحدود السورية التركية الى حالة يتضح من خلالها أن الأمور تتجه الى تصعيد جدي قد يؤدي الى مواجهة حقيقية بين سوريا وتركيا. ولكن بالمقابل ظرف الدولتين لا يساعد أبداً على حل الأزمات في البلدين بهذه الطريقة، بل يأخذهما الى ماهو أسوأ. فهل يتصرف الجانب التركي بقرارة نفسه أم ان هناك تنسيق ما بهذا الخصوص بين تركيا وروسيا على الأقل وبعلم الحكومة السورية التي ترفض علناً هذه التحركات والعمليات التركية على الحدود السورية؟ وهل بالفعل ستكون هذه العملية فيما اذا لعبت روسيا دوراً مهما في ترطيب الأجواء بين الطرفين عقب الرسائل التركية الودية تجاه الدولة السورية؟ وتكون بالفعل مرحلة المخاض الحقيقي للانتقال الى الحل السياسي في سوريا بعد أن كشفت أوراق الجميع وعلى رأسهم الولايات المتحدة التي تخلت عن أردوغان بلحظة؟ ما دفعه الى التقرب من الطرفين الروسي والسوري وبدأ بمسرحية مكافحة الإرهاب.
في هذا الصدد يقول ضيف حلقة اليوم الدكتور محمد خير العكام: ما يجري على الحدود السورية التركية سواء في جرابلس أو في الحسكة يأتي في إطار التنافس التركي الأمريكي على استخدام الأكراد، الولايات المتحدة تريد استخدام ورقة الأكرد ضد سوريا، وتركيا تخاف من هذا المشروع، لذلك هذا هو الهاجس الذي يحرك كل العملية التركية على الحدود السورية، وعندما تتذرع تركيا في مكافحة داعش بين هلالين، تركيا لم تكن صادقة الآن ولم تكن صادقة سابقاً، لكن تريد أن تبعث رسائل حسن نية الى الحكومة السورية، وضمن القانون الدولي كل ما يجري في الشمال السوري سواء الأمريكي في سماء الحسكة وما يقوم به التركي الآن فهو خارج إطار قواعد القانون الدولي، ورغم رسائل حسن النية التي يحاول إرسالها التركي في التصريحات طالما لا يريد صراحة التنسيق مع الجيش السوري ولو كان لمحاربة داعش، فإنه لابد من أن تأخذ موافقة الحكومة السورية وأن ينسق مع الجيش السوري حتى تكون العملية ضمن قواعد القانون الدولي. وهذا لا يغير شيئا من الحقيقة سواء من قبل التركي أو الأمريكي حول اننا موافقون على ما يقوم به الطرف التركي نحن نعتبره اعتداء على السيادة السورية، ونحن نذكر عندما وصل الجيش السوري الى مقربة من الحدود السورية التركية اعتبرت تركيا ذلك تهديدا لها، والحكومة التركية لا تعتبر وجود تنظيم داعش والمجموعات الإرهابية التي تسيطر على بعض المعابر على الحدود تهديدا لها، وحتى الآن لا يوجد تنسيق مع سوريا وطالما لا يوجد تنسيق مع الحكومة السورية فهذا يخالف القانون الدولي.
ومافائدة العملية في جرابلس وحول جرابلس وفي منطقة تسمح المخابرات التركية وصول السلاح منها الى المجموعات الإرهابية، ما هذا المبدأ الذي لا يفرق بين من هو إرهابي ومن هو ليس إرهابياً، وحول الوساطات يمكن أن يكون هناك تنسيق بين الجانب الروسي والتركي بهذا الشأن، والرئيس بشار الأسد تكلم صراحة في عدة لقاءات عدة مرات بأنه مستعد أن يتعاون مع أي كان لمحاربة الإرهاب، وإن كان هناك تنسيق وإن حدثت ووافقت تركيا على مطالب سوريا، والمطلب الأول هو إغلاق الحدود؛ حينها يمكن أن يكون مفتاح التنسيق ونحن لن نقبل بأقل من ذلك. لأن تدفق الإرهابيين يأتي عبر الحدود الشمالية الى سوريا من الطرف التركي، وعلينا أن نتعامل مع أردوغان بحذر شديد وأن ننتظر أفعال ومواقف الحكومة التركية وليس الأقوال التي نسمعها يوميا ،علما أن الأقوال تشي بتغيير مهم ومفصلي في موقف الحكومة التركية، ولو كان تدريجيا لأن تجربتنا مع حكومة أردوغان غير طيبة في تعاملها مع سوريا وعلينا أن نكون حذرين جدا.
أنا أعتقد ما تقوم به روسيا مهم جداً على المدى المتوسط، ماجرى في تركيا سابقا وما يجري على الحدود سوف يكون هناك فيتوهات تدريجية تركية ومنها حول الأكراد ومشاركتهم في جنيف، وهذا ما كان يطلبه الروسي لمشاركة الأكراد وهذا ما سنراه في الأيام القادمة، والحضور الروسي السياسي لا يقل عن الحضور في الميدان، وأكبر مثال هو الاتفاق الذي تم توقيعه أمس في قاعدة حميميم وهذا ما يقلق الولايات المتحدة جداً.
التفاصيل مع أستاذ القانون في جامعة دمشق وعضو الوفد الحكومي السوري الى محادثات جنيف، عضو مجلس الشعب الدكتور محمد خير العكام