إعداد وتقديم نواف إبراهيم
في ظل التشابكات والتطورات الحالية بخصوص الأوضاع في سورية، ودخول إسرائيل في ظرف صعب، وبشكل عدواني كما تعودت إسرائيل على مثل هذه التصرفات الإستفزازية لسورية، في وقت تحدث فيه تطورات دراماتيكية دقيقة جدا في المشهد السوري ، ما قد يزيده تعقيدا، جاء الرد السوري ولأول مرة على الاعتداءات الإسرائيلة بإسقاط طائرتين إسرائليتين خلال اليومين الماضيين، فما الذي ينتظره المشهد السوري المتأزم بفعل التدخلات الإقليمية والدولية التي تحكمها الأجندات والمصالح الاقتصادية والجيوستراتيجية؟ وإلى أين يسير الملف السوري في خضم هذه المتغيرات الحاصلة؟
بهذا الصدد يقول الدكتور الأحدم:
ماجرى وما يجري على الحدود السورية مع الأرض المحتلة من قبل العدو الإسرائيلي، وما يجري يجب أن يدفعنا لعدم استسهال الأجوبة على الأسئلة الكبرى والمعقدة في المشهد السوري، الاستسهال يؤدي إلى شيء خطير، بمعنى وكأن الأمر هو في الداخل السوري فقط، ولا علاقة للواقع الإقليمي والواقع الدولي شأن بهذا الموضوع، لا على العكس تماماً، الموضوع الأساس في سورية هو صراع إقليمي ودولي، والجزئية التي لها علاقة بالقضية المحلية هي الجزئية الأصغر بهذا الموضوع، ولو أنها موجودة يجب علينا عدم تجاوزها على الإطلاق، وماقاله الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أن حل الموضوع السوري سوف يؤثر وسوف يشكل منعطفاً على المستوى الدولي، وهذا الكلام في مكانه وصحيح مئة بالمئة، وهو يؤسس بشكل من الأشكال إما لتفرد الولايات المتحدة الأمريكية بحكم العالم أو لمشاركة حقيقية بهذا الموضوع من قبلها، أي تنتهي أحادية القطبية بشكل لا رجعة فيه.
والذي يصعد المشهد السوري الآن أنه حتى لو كان هناك تفاهمات بين القطبين الروسي والأمريكي، ولكن هذه التفاهمات مازال أمامها تحديات كبرى وهي لم تصل إلى حد التوافق على الإطلاق، وهذه التحديات أساسها أن الطرف الأمريكي ومن يتبع له لا يريدون الاعتراف بإدارة العالم أبدا، لايقبلون أن يكون لهم شركاء ولا حتى شريك واحد، وهم لايريدون أن تتعافى سورية وأن تعود الى حضورها على المستوى الإقليمي والدولي سياسياُ واقتصاديا، لذلك نجد أن الإسرائيلي عندما يستشعر أو يشتم أن هناك رائحة تقدم ما بحل ما في مكان بهذه الأزمة، وأن هناك اختراق في الجدار الصلب فوراً يتدخل لمحاولة إبقاء شرخ في هذ القضية أو المشكلة.
وحول قدرة سورية على الصمود أمام حرب استنزاف تستمر منذ عدة سنوات وعلى من تستند سورية في صمودها يقول الدكتور الأحدم:
هذا سؤال مركزي لانك لايجوز على الإطلاق أن تدخل في صراع بهذا المستوى الدولي إلا إذا كان لديك قواعد حقيقة منهجية والتفكير وفي الأداء السياسي والاقتصادي والعسكري، سورية تستند على قواها الذاتية وعلى مؤسساتها وشعبها، وتستند على تحالفات خبرتها وعرفتها عن تجربة، تحالفات على المستوى الإقليمي مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية وعلى المستوى الدولي مع روسيا ومع الصين ومع الفضاء الدولي الصاعد المتمثل بدول بريكس، وهذا هو المسند الذي أسست عليه سورية في طبيعة تحالفاتها، والمعركة خارجية وداخلية ولايجوز لك أن تواجهها وحدك، وعندما يكون هناك أول دفعة 85 دولة وثاني دفعة كانت 110 أو 105 دول قالوا إنهم أصدقاء سورية ودفعوا بالمسلحين والإمداد المالي والتقني يجب أن تحذر وتنتبه جداً، لايجوز أن تتعاطى بخفة مع هذا الموضوع بخفة وتذهب للمجابهة لوحدك في هذا الصراع الدولي، وهذه المعركة ليست معركة سورية وحدها، وبالتالي عندما يجلس لافروف وكيري لساعات عديدة، عدا عن اللجان والهيئات المجتمعة من الطرفين، وعندما يلتقي وزيرا خارجية أقوى بلدين في العالم لمناقشة طريق الكاستيلو مالذي إذا يمكن أن نفهمه؟ كل شيء واضح هنا .
وحول آفاق الحالة السورية وإلى أين يتجه الملف السوري في ظل الظروف الحالية والتطورات بشكلها العام وعلى كافة الصعد والمستويات يقول الدكتور علي الأحدم:
الموضوع هنا يجب تقسيمه إلى أكثر من مستوى، أولا، الاعتقاد بأننا دخلنا الحل ليس صحيحاً من جانب، ومن جابن آخر نعم هناك ميولة من قبل الدول الكبرى أن لا يكون هناك اصطدام بالأصالة بدل ما هو إصطدام بالوكالة بين عملاء الولايات المتحدة كما سميتهم، وبالمقابل هناك رغبة من الغرب أن لا ينجح هذا الموضوع، وبالتالي أن لا تكون هناك دولة مركزية ولاحتى دولة، واذا كانت هناك دولة فستكون إما مقسمة وإما فاشلة، وخاصة الآن الصراع بيبيضة القبان في حلب وأن لا تكون سورية قابلة للتقسيم وأن لا يكون عليها سيطرة من الجائحة الإرهابية، بحيث تكون هناك ليس حكومة وطنية إنما ما يسمى حدود الدم وحكومات محاصصات ميلشياوية، والصراع الآن في سورية لأن لا يكون المشهد ميلشياوي، بل أن يكون المشهد اللاحق مشهد دولة حقيقية كما كانت في السابق وأقوى، قادرة بغض النظر طبعا عن النظام السياسي الذي سيختاره الشعب السوري، بمعنى أن يكون النظام السياسي القادم قادراً على الفعل التمنوي ولابد من حالة استقرار لتحقيق هذا النظام السياسي الذي يعنى بالتعليم ويعنى بالصحة، وبناء دولة لها حضور على المستوى المحلي والإقليمي، دولة منتجة بكل معنى الكلمة وشعبها شعب خلاق.
ويختتم الدكتور الأحدم حديثه قائلاً:
هناك تفاصيل لاحقة خطيرة للغاية يعتبرونها بسيطة لكنها تؤسس لمرحلة صعبة بهذا الصراع إما أن نستسلم ونوقع لهم على صك المحاصصة تحت تسمية حكومة وحدة وطنية يختلف أعضاءها فيما بينهم حتى على أسفل مستوى على رفع القمامة مثلا وعلى المواضيع الكبرى، وحتى على التاريخ ، وبالتالي تؤسس لاحقا لمرحلة وجود أو عدم وجود الدولة، لذلك الصراع الآن على المستوى المحلي أن تكون هناك دولة سورية حقيقية وفيها مشروع ناهض بكل معنى الكلمة، ويؤسس لدولة المواطنة وفيه حقوق حقيقية على أسس سياسية وليس على الأسس التي يريدون أن يكون فيها نوع من أنواع المحاصصات وأنا أؤكد على هذه الكلمة فلا أكثريات ولا أقليات في تأسيس وبناء الدولة لأنه توجه يؤسس لدولة فاشلة كما يحدث في محيطنا.
التفاصيل في الحوار التالي مع المستشار السياسي لوزير الإعلام السوري وعضو أكاديمية الأزمات الجيوسياسية الروسية الدكتور علي الأحدم