وقعت الولايات المتحدة وإسرائيل، يوم الأربعاء الماضي، على اتفاق بخصوص حجم المساعدات العسكرية التي ستمنحها واشنطن لتل أبيب خلال عشر سنوات، ابتداء من عام 2019 حتى عام 2029، وبلغت قيمة هذه المساعدات 38 مليار دولار، وهو أعلى رقم حصلت عليه إسرائيل في تاريخ علاقاتها التحالفية الوثيقة مع الولايات المتحدة، ويعد الرقم الأكبر الذي تقدمه واشنطن لدولة أخرى في تاريخها.
يتضمن الاتفاق حصول إسرائيل على مساعدات مالية بمبلغ 3.7 مليار دولار أميركي للعام الواحد، ترفع تدريجياً كل عام حتى تصل أكثر من أربعة مليارات نهاية العقد المقبل، وهذا يعني أنْ تصل المساعدات إلى قرابة 40 مليار دولار بزيادة تقارب 10 مليارات دولار عن العقد الجاري، مقابل التزام إسرائيلي بعدم إجراء مفاوضات موازية مستقلة مع الكونغرس لطلب مساعدات إضافية.
في نهاية المطاف حصلت تل أبيب على ما أرادت ورضخت واشنطن للابتزاز، وعبّر عن ذلك وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي، غلعاد إردان، برفضه للانتقادات التي وجهت إلى نتنياهو لمماطلته بالتوقيع على الاتفاق، وقال في تصريحات لوسائل الإعلام الإسرائيلية: "لو لم ينتهج رئيس الحكومة هذه السياسة لكان حجم المساعدات العسكرية أقل بكثير..".
تل أبيب طالبت برفع المساعدات العسكرية الأميركية إلى 5 مليارات دولار سنوياً، لكنها حصلت على 3.8 مليار، بزيادة قدرها 700 مليون دولار سنوياً، ويمثل الرقم الجديد أكثر من 30% من الموازنة العسكرية الإسرائيلية المعلنة.
يذكر أن حجم المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل، وفقاً لتقرير صادر عن الكونغرس الأميركي عام 2015، يقدر بأكثر من 55% من التمويل العسكري الأجنبي الكلي للولايات المتحدة في جميع أنحاء العالم، ومع الزيادة الجديدة سيرتفع إلى ما يقارب 60%، وجاء في التقرير أيضاً: "ومنذ إنشاء دولة إسرائيل في عام 1948، أصبحت أكبر متلق للمساعدات الخارجية من الولايات المتحدة، وحصلت على ما يصل مجموعه إلى 121 مليار دولار في شكل مساعدات عسكرية".
وفي السياق ذاته أكدت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية في تقرير لها أن حجم المساعدات المالية التي قدمتها الولايات المتحدة لإسرائيل منذ عام 1962 حتى عام 2015 وصل إلى نحو 100 مليار دولار.
صحيفة "كريتسان ساينس منيتور" الأميركية نشرت في شباط/فبراير 2005 تقريراً حول إجمالي المساعدات الأميركية لإسرائيل، وحسب التقرير "كلفت الولايات المتحدة مالياً منذ العام 1973 أكثر من 1.6 تريليون دولار (1600 مليار دولار)، أي أن كل مواطن أميركي دفع 5700 دولار بناء على عدد سكان الولايات المتحدة الأميركية" ونقلت الصحيفة عن توماس ستوفار، وهو خبير اقتصادي في واشنطن قام بحساب تكلفة دعم الولايات المتحدة لإسرائيل، بأن "الرقم المذكور يمثل أكثر من ضعف تكلفة الحرب في فيتنام".
وفي محاضرة له ألقاها في جامعة ماين، قال ستوفار لدى حديثه عن المبالغ التي دفعتها الولايات المتحدة لكل من مصر والأردن مقابل التوقيع على اتفاقيات صلح مع إسرائيل ضمن تكلفة السياسة الأميركية في الشرق الأوسط إن "النفقات المعلنة لدعم إسرائيل سنوياً (أكثر من ثلاثة مليارات دولار) لا تمثل سوى الجزء الذي يعرفه غالبية المواطنين الأميركيين الذين يعتقدون أنه ينفق في موضعه لخدمة الديمقراطية والمصالح الاستراتيجية في المنطقة".
وعلى الأرجح لن ينهي التوقيع على الاتفاق الجديد الابتزاز الإسرائيلي، فالثابت الوحيد في السياسات الأميركية إزاء الشرق الأوسط "إسرائيل أولاً"، للحفاظ على تفوقها النوعي عسكرياً، ودعمها اقتصادياً، وتوفير مظلة سياسية لها، بصرف النظر عن سياساتها القائمة على استمرار احتلالها للأراضي الفلسطينية والجولان السوري، وعمليات الاستيطان، والتنكيل بالفلسطينيين.
(المقالة تعبر عن رأي كاتبها)