كشف عضو الكنيست الإسرائيلي أريئيل مرغليت، النائب في كتلة "المعسكر الصهيوني" برئاسة إسحاق هيرتسوغ، أن مسؤولين في البيت الأبيض أبدوا معارضتهم لاقتراح روسيا استضافة لقاء ثنائي بين رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ورئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، وأضاف مرغليت في تصريحات صحفية بعد لقاءات أجراها مع أعضاء في الكونغرس ومسؤولين في الإدارة الأميركية، أن "الإدارة الأميركية غاضبة على نتنياهو لأنها تعتبر هذه الخطوة، (المقصود لقاء عباس ونتنياهو في موسكو)، بمثابة مؤامرة على الولايات المتحدة".
ما كشف عنه مرغريت يفضح مجدداً الدور التخريبي الذي قامت به الإدارات الأميركية المتعاقبة، منذ ربع قرن على انطلاق انعقاد "مؤتمر مدريد" في تشرين الأول/أكتوبر عام 1991، ومازالت تلعبه حتى الآن، لتعطيل أي جهد دولي بناء يهدف إلى وضع التسوية في الشرق الأوسط على سكة إيجاد تسوية شاملة ومتوازنة، لحل الصراع العربي والفلسطيني- الإسرائيلي.
كعادتها لن تكون واشنطن قد اكتفت بالتعبير عن انزعاجها من المبادرة الروسية، وتوجيه انتقادات للاتصالات الفلسطينية والإسرائيلية مع مسؤولين روس، بل من المؤكد أنها مارست ضغوطاً متعددة على الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وبالطبع الضغوط على الجانب الفلسطيني ستكون أشد وبوقاحة، بينما يتم مزج الضغوط على الجانب الإسرائيلي مع إغراءات سياسية ومالية، وهذا أيضاً على الأغلب كان عنصراً مهماً في توقيع إدارة أوباما على حزمة المساعدات العسكرية لإسرائيل، والتي بلغت رقماً قياسياً غير مسبوق بمنح إسرائيل ما قيمته 38 مليار دولار خلال السنوات العشر المقبلة، من 2019- 2029.
مصادر أميركية قالت إن الرئيس أوباما ينوي، خلال الأسابيع القليلة القادمة، طرح "خطة سياسية جديدة على السلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية"، خطوطها الرئيسية بحث ما يصطلح على تسميته بـ"قضايا الحل النهائي"، ويندرج في عدادها ملف الحدود ومصير القدس الشرقية و"تبادل الأراضي"، على أساس "حل الدولتين".
لا يختلف اثنان على أن إدارة أوباما لن تخطو أي خطوة عملية للدفع بخطتها المفترضة، بل ستقوم بترحيلها للإدارة الأميركية التي ستخلفها، في لعبة قديمة ومكشوفة أقدمت عليها إدارة بوش الأب باكتفائها بالتقاط صور تذكارية للوفود المفاوضة، في واشنطن نهاية 1992، مع الرئيس بوش الأب، الذي كان حينها يحزم حقائبه لمغادرة البيت الأبيض، ورحلت العملية التفاوضية الفاشلة إلى جدول أعمال إدارة بيل كلينتون، التي رحلت بدورها انهيار المفاوضات في "كامب ديفيد2" إلى إدارة بوش الابن، التي أدارت عملية متراخية وفاشلة وصولاً إلى "لقاء أنابوليس" لخريف عام 2007، وسارت بعدها إدارة أوباما على الطريق ذاته.
ومن العبث الاعتقاد أن الإدارة الأميركية المقبلة، سواء كانت "ديمقراطية" أو "جمهورية" ستغير من نهج الإصرار على إدارة الصراع وليس توفير أسس حله من خلال تسوية شاملة ومتوازنة، والتغيير الوحيد الممكن يتطلب أن يتمسك الفلسطينيون برفض الاستفراد الأميركي بالعملية التفاوضية مرة ثانية، وأن تدعم البلدان العربية الجهود الروسية لإعادة بناء المفاوضات الفلسطينية- الإسرائيلية، على أساس القرارات الدولية ذات الصلة، فمن شأن الثقل الدولي الكبير الذي تتمتع بها روسيا، بالإضافة إلى مواقفها المبدئية الداعمة لحقوق الشعب الفلسطيني، خلق حالة من التوازن الإيجابي في رعاية أي مفاوضات في المستقبل.
(المقالة تعبر عن رأي كاتبها)