لم تمر كلمات ترامب مرور الكرام، فقد تصدرت عناوين الصحف، لكن الأخطر من ذلك أنها باتت حديث الشارع المؤيد له، الذي بات متوجسا بالفعل من إمكانية التلاعب بالنتائج، لكن لماذا هذا الخوف؟
في عام 2000، كانت المنافسة حامية بين المرشحين الديمقراطي آل غور، والجمهوري جورج بوش الابن في فلوريدا، تلك الولاية التي تملك 25 مندوبا في المجمع الانتخابي في انتخابات الرئاسة عام 2000، لكن مشكلة في أجهزة التصويت قلبت الموازين رأسا على عقب، وأخرجت العملية الانتخابية من مراكز الاقتراع إلى ساحات المحاكم.
فقد أدت أخطاء في عد الأصوات، وأعطال في أجهزة إحصاء البطاقات في بعض مقاطعات الولاية إلى إهدار عشرات الآلاف من الأصوات، ومعها طفت على السطح اتهامات بالتلاعب في فرز الأصوات وتزوير الانتخابات، وحتى إعادة الفرز بشكل كامل لم تحسم الأمر، وإنما قرار من المحكمة العليا.
ومنذ ذلك الحين طال الشك وعدم الثقة، العملية الانتخابية من الطرفين المنافسين، لكن ترامب كان واضحا وحادا عندما عبر عن اعتقاده بأن العملية الانتخابية سيتم تزويرها.
ولم يستسلم المرشح الجمهوري للانتقادات الشديدة التي وجهتها وسائل إعلام له عندما ألمح أنه ربما لن يعترف بنتيجة الانتخابات إذا فازت كلينتون.
وقال في تغريدة غداة المناظرة الثالثة: "بالطبع هناك عمليات تزوير واسعة النطاق تحدث عشية ويوم الانتخابات".
وحسب مقال للكاتب أندرو غومبل في صحيفة الغارديان، فقد أظهر استطلاع رأي أن اتهامات ترامب بتزوير الانتخابات قد أصابت وترا حساسا، عندما وجد أن 41 ٪ من الناخبين يصدقونه في أن الانتخابات ستتم سرقتها.
ويعتقد ثلثا الجمهوريين أن كلينتون ستفوز بسبب التصويت غير القانوني أو تزوير الأصوات، حسب استطلاع آخر.
وحسب غومبل، فإن الادعاءات تلك "تعبر عن مزاج جمهوري لأكثر من عقد، يعزف على نغمة أن الانتخابات سيتم التلاعب فيها عبر استخدام أصوات "الموتى"، والمهاجرين غير الشرعيين وربما "الحيوانات المنزلية".
وقبل 8 أعوام من حديث ترامب عن التزوير، كان المرشح الجمهوري جون ماكين الذي نافس باراك أوباما حينها، متحدثا عن "أعظم عمليات تزوير في تاريخ البلاد" ستتم عبر منظمة أكرون التي تنظم عملية التصويت، لكن لم يتم إثبات ذلك.
أما داخل المعسكر الديمقراطي الذي قلما يلجأ إلى هذه الاتهامات، فلا تزال كتلة كبيرة من مناصري المرشح الخاسر في الانتخابات التمهيدية بالحزب الديمقراطي بيرني ساندرز، تعتقد أن السناتور عن فيرمونت تعرض لعملية خداع كبيرة، وأن قرار اختيار كلينتون كان معدّا سلفا، على الرغم من أن منافسته فاقته بثلاثة ملايين صوت.
ويقول غومبل، إن التاريخ الأمريكي لا يخلو من أمثلة التلاعب بالناخبين، خاصة في ولايات الجنوب في عهد الفصل العنصري. وينظر إلى النظام الانتخابي الأمريكي على أنه شاذ عن باقي الأنظمة الغربية، بسبب المشكلات المستمرة في مصداقية آلية التصويت وعدم وجود معايير موحدة من ولاية لأخرى، بالإضافة إلى الإقصاء الممنهج لأكثر من 6 ملايين من المساجين الحاليين أو السابقين، وميل مسؤولي الانتخابات إلى اعتماد القواعد التي تفيد حزبهم.