ولكن الحديث بقي غير مسموع حتى دخل السيد حسن عبد العظيم (المنسق العام لهيئة التنسيق الوطنية) على الخط بتصريحاته التي أعطاها لقناة "الميادين" الفضائية قبل أسبوع من الآن، والتي لم تتحدث عن مؤتمر وطني عام، بل عن مؤتمر للمعارضة. بعد ذلك تولى المسألة بشكل أساسي موقع "رأي اليوم" عبر رئيس تحريره عبد الباري عطوان، وعبر الصحفي كمال خلف، وذلك في سلسلة مقالات حول الموضوع.
مما أثار اللغط والالتباس، جملة تصريحات نفى أصحابها معرفتهم أو مشاركتهم في التحضيرات لمؤتمر للمعارضة. بين من أصدروا بيانات نفي رسمية: معاذ الخطيب، وقدري جميل، وأحمد الجربا، وجهاد مقدسي. أي أنّ الأسماء والكتل الأساسية التي يجري الحديث عن المؤتمر إنطلاقاً من اشتراكها قد نفت مثل هذا الاشتراك!
يمكن الاقتراب من جوهر المسألة بإستعراض ما انتهت إليه مادة عبد الباري عطوان الافتتاحية يوم 19 من الشهر الجاري، حيث يقول: "إن جميع الصيغ القديمة للعملية السياسية التفاوضية في غرف الإنعاش، إن لم تكن قد نفقت، وبات على المعارضات أن تراجع سياساتها ومواقفها، وتتأقلم مع الواقع الجديد، وتحاول الحصول على أكبر قدر ممكن من المكاسب قبل فوات الأوان". وكعادة السيد عطوان، فقد شفع هذا الرأي بالقول: "حسب اعتقاد الكثير من المراقبين". وهذه النتيجة تكاد تكون مكررة في مادة السيد خلف الموقعة بتاريخ التاسع عشر من الجاري وفي موقع رأي اليوم أيضاً، إذ يقول: "إذا لم يعقد مؤتمر دمشق لا شيء سيتغير في مسار ما يجري".
تلك هي المسألة على ما يبدو: "المراقبون" إياهم، يرون أن الوقت قد حان لكي تخفض المعارضة مطالبها، ولكي تجد حلاً للأزمة بعيداً عن جنيف وعن القرار 2254، الذي لاشك أنّه لا يروق لكثيرين.
بكلام آخر، يبدو أن هدف الضغط المحموم ليس عقد مؤتمر في دمشق، سواء كان للمعارضة أو كان وطنياً عاماً، فعلى الأغلب أنّه لن يعقد، كحال "الدمشقيات" التي سبقته، وذلك بالمناسبة رأي السيد عبد الباري عطوان أيضاً، وإنما الهدف هو إقتناص لحظة الفراغ الأمريكي بين إدارتين، التي تتوازى مع تقدم عسكري للجيش السوري ضد الإرهاب، للوصول إلى مسألتين: الأولى، تخفيض سقف مطالب المعارضة السورية، (وتحديداً تلك الأجزاء منها البعيدة عن الإئتلاف، فهذا الأخير بات يلفظ أنفاسه الأخيرة). والثانية هي زيادة تشتيت المعارضة السورية وضربها ببعضها بعضاً.
هل ستنجح هذه المساعي؟ وهل سيتمكن الواقفون في كواليسها من وأد القرار الدولي ووأد مؤتمر جنيف؟ (وهو هدف لا يجرؤ أحد على إعلانه، فحجر العثرة الأكبر في وجهه هو بحجم روسيا)، لننتظر ولنر.
ولكن هل يعتقد ويؤمن من دعا الى مثل هذه المبادرة بأن معارضات الخارج سيتم حصولها على إعتراف شعبي بوزنها السياسي في الداخل السوري؟
ويبقى السؤال مرهونا بموافقة المنصات المختلفة التي جاء على ذكرها قرار مجلس الامن " 2254"، على إيجاد أرضية مشتركة من شأنها إنجاح أي مؤتمر مزمع عقده حسب الرؤى المطروحة من مختلف الأطراف سواء أكانت مع أم ضد، في ظل الخلافات الجوهرية الإيديولوجية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية بين جميع هذه المنصات، بغض النظر عن الأجندات التي تحكم كل منصة.
يبقى في المخيلة أن هذا العرض يعتبر طوق النجاة الوحيد والمكافأة التي يستطيع الغرب تقديمها لتلك المكونات، التي وقفت معه لأكثر من خمس سنوات خلت.
الأيام القادمة كفيلة بالإجابة على هذه التساؤلات.
المقالة تعبر عن رأي كاتبها




