وإليكم نص الحوار
سبوتنيك: أعلنت الرئاسة المصرية، صباح اليوم، أن موافقتها على تأجيل التصويت على مشروع قرار ضد الاستيطان الإسرائيلي في مجلس الأمن الدولي جاءت بعد اتصال تلقاه الرئيس عبد الفتاح السيسي من دونالد ترامب، يرى البعض أن الإدارة الأمريكية الجديدة وقبل توليها بدأت في فرض وصايتها على القرار المصري، وأنه لولا تدخل ترامب عن طريق اتصاله الهاتفي بالرئيس السيسي لمضى كل شيء كما كان متوقع له، كيف تقيم هذا الرأي؟
— هريدي: التأجيل تم بعد مشاورات دارت في نيويورك بين المجموعة العربية واتصالات تمت بين اللجنة الوزارية العربية المعنية بأزمة الشرق الأوسط في القاهرة في إطار الاجتماع الطارئ الذي عقده وزراء الخارجية العرب في الجامعة العربية منذ يومين وتم الاتفاق على تأجيل التصويت على مشروع القرار الخاص بالاستيطان في مجلس الأمن حتى تتضح الصورة حتى يتم تنصيب ترامب، وأعتقد ان اتفاق المجموعة العربية على تأجيل طرح المشروع قرار يتسم بالحكمة والموضوعية. وسنرى في المستقبل ما هو الإطار الذي سيتم من خلاله طرح هذا المشروع مجددا على مجلس الأمن.
سبوتنيك: هل تأجيل مصر للتصويت على المشروع هو في مصلحة نجاح التصويت عليه أم هي وسيلة ربما قد تعمل على إحباطه؟
— هريدي: تقديري أن تأجيل الطرح جاء بعد الاتفاق بين مصر والمجموعة العربية لضمان نجاح طرح مشروع القرار على مجلس الأمن، معيار نجاح طرح المشروع على مجلس الأمن أن تتم الموافقة عليه بدون استخدام أي دولة دائمة العضوية لحق النقد على القرار، بمعنى آخر إذا تم طرح هذا الموضع وتم الموافقة عليه بامتناع دولة كبرى أو دولة دائمة العضوية في مجلس الأمن ويتم تمرير مشروع القرار ويصبح قرارا صادرا عن مجلس الأمن هذا يعتبر هو المعيار الوحيد الذي استطيع استنادا اليه بالحكم على نجاحه او فشله.
سبوتنيك: ضيوف حلقتنا بالأمس وبعض الآراء المجمعة من المهتمين بهذا الشأن قالت إن ثمة خلافات حالية بين أوباما ونتنياهو هي من دفعت مسؤولون غربيون، إلى القول بأن إدارة أوباما، كانت تعتزم الامتناع عن التصويت في مجلس الأمن الدولي على مشروع القرار في إشارة إلى أن الإدارة الأمريكية قد تتخذ قرار التخلي عن الحماية الدبلوماسية الأمريكية طويلة الأمد لإسرائيل في الأمم المتحدة لماذا لم تستغل مصر الموقف الأمريكي الحالي من إسرائيل لدعم ولصالح تقوية موقف مشروعها أمام مجلس الأمن؟
— هريدي: طرح مشروع القرار الآن مع عدم ضمان تمريره أمام مجلس الأمن عن طريق امتناع أي دولة دائمة العضوية ممارسة حق النقض كان سيكون قرارا غير حكيم ومتسرعا وغير مدروس ، بالنسبة لإدارة أوباما كان هناك تكهنات عديدة بأن إدارة أوباما قبل أن تغادر البيت الأبيض ربما تتخذ موقفا مضادا لنتانياهو على صعيد أزمة الشرق الأوسط ومفاوضات السلام الإسرائيلية الفلسطينية، أنا لا أميل إن مصر كانت تدخل في هذه اللعبة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، ما يهم مصر وما تحرص عليه مصر أن يتم تمرير مثل هذا المشروع أمام مجلس الأمن وتعزيز موقف الفلسطينيين على الصعيد الأول في أي احتمال لاستئناف المفاوضات مع الإسرائيليين، وثانيا أمام المجتمع الدولي، لأن هزيمة مشروع القرار أو عدم تمريره في ظل الظروف الحالية كان سوف يعتبر انتكاسة خطيرة لحقوق الشعب الفلسطيني.
سبوتنيك: المخاوف المشتركة بين نتنياهو وترامب من أن أوباما كان يبحث إمكانية وضع معايير عامة للتوصل إلى حل أو السماح بتمرير قرار يوجه انتقادات لإسرائيل من خلال مجلس الأمن قبل أن يتنحى يرى محللون أن اقتناص تلك الفرصة من قبل مصر كان سيقوي الموقف الفلسطيني في مسألة حل النزاع العربي الإسرائيلي، خاصة وأن ترامب خلال حملته الانتخابية لم يخفِ دعمه لإسرائيل تعليقك على هذا الأمر؟
— هريدي: دعيني أطرح الموضوع بالطريقة التالية، دعينا نتخيل إنه تم طرح مشروع القرار المصري على التصويت في مجلس الأمن أمس، ودولة دائمة العضوية مثل الولايات المتحدة أو فرنسا أو بريطانيا اعترضت على مشروع القرار ولم يتم تمريره، أرى إنه في هذه الحالة كان ذلك سيمثل انتكاسة للقضية الفلسطينية وللسلطة الفلسطينية التي تعد حاليا في أضعف موقف منذ تأسيسها في عام 1993، وخصوصا إذا أخذنا في الاعتبار أن اتفاق الوحدة الوطنية وتفعيل اتفاق الوحدة الفلسطينية بين "حماس" والسلطة الفلسطينية لم يتم تكريسه على أرض الواقع حتى الآن، أتصور أنه في إطار المعطيات الحالية سواء داخل الولايات المتحدة الأمريكية أو الشرق الاوسط، سواء كنا نتحدث عندما كنا نثير موضوع الشرق الأوسط نتحدث عن القضية الفلسطينية أو مكافحة الإرهاب أو التطورات الأخرى سواء في سوريا أو في العراق أعتقد ان الوقت الراهن لم يكن مناسبا على الإطلاق لطرح مثل هذا المشروع أو محاولة انتزاع انتصارا دبلوماسيا يصب في صالح القضية الفلسطينية ـ أعتقد إن طرح مشروع القرار من الحكمة ان يتم تأجيله بعض الوقت لفترة شهر او شهرين من الآن ثم تقوم اللجنة الوزارية العربية بدراسة الموقف الدولي والموقف الأمريكي إزاء القضية الفلسطينية وتبدأ من هنا المجموعة العربية وجامعة الدول العربية وأعضاء اللجنة الوزارية العربية دراسة ما هو الأسلوب الأمثل للتحرك العربي لنصرة الشعب الفلسطينية والسلطة الفلسطينية أما التعنت الإسرائيلي.
سبوتنيك: اعذر سذاجة السؤال التالي معالي السفير ولكن اذا لم تكن اللجنة المشكلة من أعضاء عربية ومصرية واثقة من موقف الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن وموقفهم من التصويت على هذا القرار، لماذا عكفت إذا على دراسته لمدة 3 أشهر قبل طرحه للتصويت؟.
— هريدي: ليس عندي معلومات على هذا الصعيد، أنا افترض أن مثل هذه الأمور قبل طرح هذا الموضوع على مجلس الأمن أن ثمة اتصالات مكثفة مع جميع أعضاء مجلس الأمن سواء دول الدائمة العضوية أو الدول الأعضاء غير دائمي العضوية بحيث نضمن تمرير مشروع القرار.
سبوتنيك: هل تم التنسيق بين الطرف المصري والفلسطيني على التأجيل؟ وهل يقدّر الطرف الفلسطيني أو يتقبل الدوافع التي طلبت مصر من أجلها تأجيل التصويت على مشروع القرار؟
— هريدي: فلسطين هي عضو في اللجنة الوزارية العربية وأعتقد أنها كانت طرفا في الاتفاق على تأجيل طرح مشروع القرار.
سبوتنيك: أخيرا معالي السفير…المذكرة التي قدمتها الدول الأعضاء في مجلس الأمن لمصر والتي كان مضمونها أنه "في حال قررت مصر أنه لن يمكنها المضي في الدعوة لإجراء تصويت في 23 ديسمبر/ كانون الأول، أو إذا لم تقدم ردا قبل انقضاء ذلك الموعد، فإن هذه الوفود تحتفظ بالحق في تقديم المشروع، والتحرك لإجراء تصويت عليه بأسرع ما يمكن، الدول الأربع التي قامت بتقديم تلك المذكرة هي نيوزيلندا وفنزويلا وماليزيا والسنغال، أين الصوت العربي المناصر للقضية الفلسطينية داخل مجلس الأمن؟ وما هي الرسالة التي تود تلك الدول توجيهها إلى مصر من خلال مذكرتها؟ وما هو رد الفعل المصري تجاه التصويت على مشروع قرار قد تطرحه تلك الدول على خلفية ما جاء في مذكرتها؟
— هريدي: بداية، أي قرار في صالح القضية الفلسطينية مصر ستصوت لصالحه، سواء من قدم هذا القرار دولة عربية أو دولة غير عربية، من ناحية أخرى اتفاق الدول الأربع لتقديم مشروع القرار لمجلس الأمن، فأعتقد إذا اتخذوا هذه الخطوة الآن، تقديري إن الوقت سيكون غير ملائم ولا أعتقد أنه سيكون انتصارا للقضية الفلسطينية بل العكس سيمثل تراجعا كبيرا من قبل مجلس الأمن في هذا الشأن وأتمنى إن الدول الأربع قبل طرح هذا المشروع تنسق تحركاتها على هذا الصعيد مع جامعة الدول العربية.
أجرت الحوار: دارين مصطفى