محمد الغز ذاك هو الطفل الذي يبيع الجرائد على مفترقات الطرق عله يكسب قوت يومه ويعيل أسرته التي أرهقها الفقر، وضاقت بها السبل.
ولم يكن يعرف الطفل محمد أن أبواب السماء ستكون مفتوحة عندما قابلته صحفية أثناء بيعه للجرائد، وسألته عن أمنياته للعام القادم، فصدمها وقال إنه يتمنى الموت.
وبعد أيام قليلة كان محمد على موعد مع أمنيته، فقد تحققت بكل أسف، ولعل محمد هو الشخص الوحيد في غزة الذي تمنى شيئاً وتحقق، كما تقول الصحفية، هاجر حرب، التي أجرت المقابلة مع الطفل قبل وفاته.
وتقول حرب لـ"سبوتنيك" لقد صدمت مرتين، الأولى عندما أجريت المقابلة، وقال لي إن أمنيته أن يموت، فلم أكن أتوقع في يوم من الأيام أن يكون الموت أمنية لطفل لم يتجاوز العاشرة من العمر.
وتضيف:
صدمت مرة ثانية، عندما اتصل بي والده وأخبرني أن محمد قد توفي جراء سقوطه من فوق المنزل.
وتؤكد الصحفية الفلسطينية أنها كانت تتمنى أن تحسب لنفسها إنجازا في عام 2016، عبر محاولتها تغيير حياة الطفل محمد، من خلال عودته للمدرسة، ولكن للأسف كان القدر أسرع".
وتفرض إسرائيل حصارا على قطاع غزة، منذ نحو عشر سنوات بعد نجاح حركة "حماس" في الانتخابات التشريعية في يناير/كانون الثاني 2006، وشدّدته في منتصف يونيو/حزيران 2007.
وتظهر دراسة أجريت مؤخراً في غزة أن مستقبل الأسرة الفلسطينية في خطر حقيقي، في ظل استمرار الحصار الإسرائيلي الذي تسبّب في رفع درجة التوتر واليأس وعدم الاطمئنان للمستقبل لدى المواطنين.
وسجلت الدراسة مؤشرات سلبية خاصة على الأطفال والمرضى والطلبة والعاطلين عن العمل بما انعكس على سلوكهم.
ولعل حياة الطفل محمد تتشابه مع كثير من الأطفال الغزيين الذين أجبرتهم ظروف الحياة على النزول للعمل مبكراً بسبب الظروف الصعبة التي تعاني منها عائلاتهم.
وتعتبر عمالة الأطفال مخالفة لحقوق الطفل التي نص عليها إعلان جنيف لعام 1924، والإعلان الذي اعتمدته الجمعية العامة، وقوانين العمل الفلسطينية.
وبحسب منظمات دولية، تسبب الحصار الإسرائيلي بارتفاع كبير في نسب الفقر والبطالة في القطاع.
ويقول نضال غبن مدير مركز الديمقراطية وحقوق العاملين إن السبب الرئيسي لعمالة الأطفال هو الوضع الاقتصادي، المتمثل في انعدام فرص العمل، وارتفاع معدلات البطالة، وازدياد نسبة الفقر، والحصار والإغلاق.
ويؤكد غبن أنه يجب توفير الحماية الاجتماعية لأهالي الأطفال إذا لم يجدوا عملا، حتى يتمكنوا من تربية أطفالهم تربية صحيحة، مشيراً إلى أن المجتمع بحاجة إلى إدارة اقتصادية صحيحة، تأخذ بعين الاعتبار موضوع التنمية والإنتاج، والعمل على إنعاش المصانع.