سبوتنيك: السياسة الأمريكية هذه الأيام حافلة بالمواقف المفاجئة للجانب الإسرائيلي، وعلى نحو لم يعتده العربي أيضا، ما سرّ هذا الاختلاف في السياسات الأمريكية؟ وهل ثمة تنسيق فعلي بين الإدارة الأمريكية المنتهية ولايتها وبين السلطة الفلسطينية فيما يخص إدانة قرار الاستيطان الذي أقره مجلس الأمن قبل أيام، بحسب اتهامات نتنياهو بالأمس لإدارة أوباما عقب خطاب جون كيري، وبحسب تسريب بعض الصحف، لجدول لقاءات تم بالفعل بين قيادات فلسطينية وأمريكية رفيعة المستوى في واشنطن في الفترة ما بين 12 وحتى 15 من الشهر الجاري؟
عريقات: لا صحة لما يتم تداوله من أكاذيب حول اتفاق لنا مع أوباما، فالمسألة لا تتعلق بكون هناك تعاون فلسطيني أمريكي، أو تعاون فلسطيني روسي أو غيره، ولكن المسألة تتعلق بأن هناك حكومة إسرائيلية اعتادت على مخالفة القانون الدولي ومواثيقه وعلى الشرعية الدولية منذ خمسة عقود، وهذا ما يدفع المنطقة حكومة وشعوبا لمجابهة منبع الشر المتمثل في الاحتلال الإسرائيلي، وبالتالي فالأمر المستهجن وغير المسبوق هو العمى السياسي وغطرسة القوة التي يتمتع بها نتنياهو وحكومته.
ما فعلته الولايات المتحدة هو أنها صوتت لصالح قرار يعكس الواقع، ويؤيد حل الدولتين على حدود 1967، وتطبيق ميثاق جنيف على أراضي الضفة والأراضي الفلسطينية بما فيها القدس، وأقرت بمخالفة الاستيطان الإسرائيلي للقانون الدولي، وعدم شرعيته.
وما استفز نتنياهو الآن هو أن من قال لإسرائيل "كفى" هو حليفها الاستراتيجي، في حين أنه يرفض تلك الرسالة، وهو ما جاء في خطاب وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، ووصفه للممارسات الإسرائيلية، والاستيطان ومصادرة الأراضي، والعقوبات الجماعية، التي تقترفها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني على مدار خمسة عقود.
سبوتنيك: لماذا لم تبدر واشنطن بتلك الخطوات قبل 8 سنوات في فترة تولي أوباما؟ أو بمعنى آخر، لماذا تأخر الدعم الأمريكي للقضية الفلسطينية إلى الأيام الأخيرة التي تسبق رحيل أوباما عن البيت الأبيض؟
عريقات: نحن كطرف فلسطيني، حاولنا أكثر من مرة أن نمثل بقضيتنا أمام مجلس الأمن، فكان يواجهها الفيتو الأمريكي.
ولكن خطاب كيري بالأمس كان يوضح أن الولايات المتحدة قامت بوضع النقاط على الحروف، والمطلوب الآن من دول العالم أن تكف عن التعامل مع إسرائيل بموجب القانون، والمطلوب أيضا محاسبة إسرائيل ومحاسبتها وإنهاء الاحتلال.
سبوتنيك:هل السياسات التي يضعها أوباما حاليا ملزمة لـترامب؟ وما هي الضمانات التي أخذتموها لضمان استمرار الدعم الأمريكي بعد تولي ترامب، خاصة في ظل الدعم المعلن والواضح من ترامب للطرف الإسرائيلي والتوعد المعلن للطرف الفلسطيني الذي تحويه كلماته الموجهة لإسرائيل بحثّها على الصبر حتى يوم 20 من يناير المقبل ليتولى مهامه؟
عريقات: لم نلتق بترامب، ولا نعلم شيئا عن إدارته، والموقف الفلسطيني واضح ومحدد باستناده إلى القانون الدولي، والشرعية الدولية، ونحن نطلب من ترامب، إذا ما كان لزاما عليه أن يختار، فعليه اختيار الجانب الصحيح من التاريخ، والذي يمثل العدالة، والحق، والقانون الدولي، والشرعية الدولية، وما إذا كان وسيط سلام حقيقي فعليه أن يبتعد عن سياسات التأييد الأعمى للممارسات الإسرائيلية التي نسمعها حاليا منه، التي رأينا أولى أفعالها على أرض الواقع بتعيين ديفيد فريدمان سفيرا لدى إسرائيل، والذي يأبى أن يلفظ اسم فلسطين من الأساس ويريد نقل السفارة الأمريكية إلى القدس.
ما إذا كان ترامب جاد في حربه على الإرهاب فعليه أن يبدأ أولا بتجفيف منابع دولة الاحتلال الإسرائيلي، وأن يقيم الدولة الفلسطينية على حدود 1967، وعاصمتها القدس، فهذا هو السبيل الوحيد كي تعيش كل دول المنطقة في أمان وسلام.
سبوتنيك: ماهي الفرص المتاحة أمام ترامب لصد قرار مجلس الأمن بوقف الاستيطان وإدانته، بحسب ماجاء على لسان نتنياهو ردا على خطاب كيري بأن إسرائيل تتطلع للعمل مع الرئيس ترامب لصد قرار مجلس الأمن؟
عريقات: قرار مجلس الأمن ملزم، وهو قرار واضح ومحدد، ومؤكد لأسس ومعايير الحل ومستند لركائز القانون الدولي والشرعية الدولية، والمطلوب الآن هو فض سياسة الاستيطان الإسرائيلية، وأن توقف هذه الحكومة ممارساتها، المتمثلة في مد المستوطنات، واتخاذ القرارات الأحادية الجانب، وإذا ما اختار ترامب مخالفة القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن بتأييده الاحتلال فإنه يقود المنطقة الى أتون العنف، ومزيدا من إراقة الدماء.
سبوتنيك: حال عدم التزام إسرائيل بقرار مجلس الأمن بوقف الاستيطان، ماهو الإجراء المتخذ من قبل السلطة الفلسطينية ضد تعنت إسرائيل؟
عريقات: الخطوات واضحة، حيث أن المسائل الآن أصبحت تتعلق بالقانون الدولي، وقرار مجلس الأمن ينص على أن الاستيطان الإسرائيلي غير شرعي، وهو مخالفة فاضحة للقانون الدولي، مما يعني ارتكاب الحكومة الإسرائيلية لجريمة حرب تعرضها للمساءلة أمام المحكمة الجنائية الدولية التي لديها ملف فلسطيني عن الاستيطان لابد أن يتناوله قضاتها في هذه الحالة.
وبما أن قرار مجلس الأمن قد أكد على أن خيار حل الدولتين هو الحل الوحيد، فعلى مجلس الأمن أن ينظر بالطعون المقدمة من الطرف الفلسطيني بصفته عضو دائم في الأمم المتحدة ومنظمة حقوق الإنسان بكامل الوثائق والمستندات التي تثبت حقوقه.
أجرت الحوار: دارين مصطفى