وكان أهل دمشق يفخرون بحماماتهم إبان عهد الأمويين، وذكر أن الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك عندما بنى مسجد دمشق الكبير الأموي تحدث إلى أهل دمشق بقوله: "تفخرون على الناس بأربع خصال، تفخرون بمائكم وهوائكم وفاكهتكم وحماماتكم فأحببت أن يكون مسجدكم الخامسة".
الإقبال على الحمامات العامة في دمشق عاد إلى نشاطه خلال الأشهر القليلة بعد أن اعتزله رواده كونه كان يصنف ضمن كماليات الحياة ليعود كجزء من الحياة عند الكثير من الأشخاص الذين طالتهم أزمة المياه.
مواطن في دمشق، أبو عصام، يتحدث لوكالة "سبوتنيك" قائلاً: مصائب قوم عند قوم فوائد، كان الحمام في الماضي عبارة عن كماليات فلا يخطر في بالنا أن نقوم بزيارته لأننا نستحم في المنزل اليوم ومع انقطاع المياه في دمشق أصبح حمام السوق هو الحل الوحيد لمشكلتي وبدأت أذهب إلى حمام السوق مرة في الأسبوع.
ويتابع أبو عصام، نسكن في منطقة القنوات، حيث تأتي الكهرباء لساعة وتقنن لمدة أربع ساعات وبهذا الوقت القصير لا يمكن تعبئة المياه، لهذا السبب أصبحت أزور حمام السوق كل خميس واستمتع بالاستحمام بالماء الساخن وانتشار البخار في مختلف أروقة الحمام.
أما عبد الله، فتختلف أسباب زيارته لحمام السوق؛ فهو عريس جديد يقطن بسبب الأحداث مع عائلة زوجته المؤلفة من أكثر من خمسة عشر شخصاً، ولأنه لا يملك الوقت الكافي للاستمتاع في الحمام بسبب كثرة قاطني البيت، لم يرى حلاً إلا الذهاب إلى حمام السوق مرتين في الأسبوع والاستمتاع بحمام دافئ يتخلله الكثير من الرفاهية والتسلية مع الشباب المتواجد في الحمام، لاسيما أن تكلفته المنخفضة تشجع على زيارته.
محمد يأتي هو وطفله فيصل إلى حمام السوق كل يوم خميس فيعلق على الموضوع، لا يوجد ماء لدينا وليس من المعقول أن نبقى من دون استحمام، فكان الحل هو حمام السوق ويبين محمد نوفر المياه التي نعبئها للطبخ والتنظيف المنزل حتى أننا أصبحنا نرسل ملابسنا إلى الكوى لكي نغسلها، فالمياه هي الحياة ونحن اليوم بوضع حرب وعلينا أن نصبر من أجل بلدنا.
أبو الخير صاحب حمام التيروزي في منطقة باب السريجة بدمشق القديمة يتحدث لمراسل "سبوتنيك"، في الماضي كان الجميع يحضر إلى الحمام كنوع من السيران للاستمتاع بوقته للتسلية والفرح بالإضافة للاستحمام وحمامات البخار والسباحة بعيدا عن الهموم من جهة أخرى أما اليوم وبسبب عدم توافر المياه والكهرباء والمازوت ازداد رواد الحمامات من أجل الاستحمام فقط، ما لم يجعلنا نفقد الزبائن على عكس كثير من المهن الأخرى، مبيناً أن أسعار الحمامات لم ترتفع إلا بشكل بسيط،لارتفاع سعر المازوت.
ويقوم صاحب الحمام الذي يعود عمر بناءه إلى أكثر من 600 عام بتوفير المياه إلى الحارات المجاورة فهو يملك بئر بنفس الحمام، مما زاد من سهولة العمل ومساعدة الناس في تأمين المياه في الحارات القديمة.
فيديو خاص لسبوتنيك عن "حمام السوق" في دمشق يعود للحياة:
معاناة الناس…
وتستمر معاناة السكان، نتيجة انقطاع المياه عن مدن وأحياء العاصمة دمشق، بعد نحو خمسة عشر يوم من اعتداءات العصابات الإرهابية المسلحة على نبع الفيجة، ما أوقف تدفق مياه النبع عن دمشق للمرة الأولى منذ عام 1932، تاريخ تدشين المشروع.
وقالت المواطنة عبير لمراسل "سبوتنيك"، بصيص الأمل الباقي حتى الآن هو وجود المياه في بعض الحدائق العامة، وحيث تكون المياه تتجمع الحشود وتتزاحم؛ خشية انقطاعها عن الحدائق أيضًا، وبعد ستة أيام من انقطاعها عن جميع أحياء دمشق، جرى تزويد ‘الأحياء الراقية‘ بالمياه لمدّة ساعة ونصف الساعة فقط، دون أن تصل إلى باقي الأحياء".
وأضافت: "في حال استمرت أزمة المياه ستزيد من الأعباء المعاشية على الناس، ولا سيما أن تجار المياه، وجدوا في الأزمة فرصة لتحقيق الأرباح.