ورغم أن الأمم المتحدة تعترف بالقدس الشرقية كأرض محتلة وتخضع لبنود معاهدة جنيف الرابعة، وترفض بذلك الاعتراف بالسيادة الاسرائيلية على القدس الشرقية، إلا أن إسرائيل استمرت في توسيع حدود القدس، رغم أن الأمم المتحدة اعتبرت ذلك عائقاً كبيراً أمام تحقيق سلام شامل، وعادل، ودائم في الشرق الأوسط.
ومع بداية التسريبات أن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب سيعلن بعد وقت قصير من تنصيبه في العشرين من الشهر الجاري عن نقل السفارة الأمريكية من تل ابيب إلى القدس، بدأ التخوف والتحرك الفلسطيني لوقف هذه الخطوة.
فعلى مدار الأعوام الماضية كانت الولايات المتحدة ترفض رسمياً، شأنها شأن باقي دول العالم، الاعتراف بالضم الإسرائيلي للقدس الشرقية المحتلة منذ 1967.
ويوقع رئيس الولايات المتحدة كل ستة شهور، قراراً بتعليق نقل السفارة من تل أبيب إلى القدس، وذلك بعد أن تبنى الكونغرس الأمريكي قراراً في العام 1995 بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، فأصبح القرار بيد الرئيس الأمريكي الذي بات يؤجله كل ستة شهور.
ويؤكد المحلل السياسي، ناجي شراب، أن الولايات المتحدة الأمريكية، تستطيع نقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس، بناءً على الوضع المتدهور الذي تمر به المنطقة العربية، وأيضًا عدم وجود تأثير دولي. ولفت إلى أن التداعيات السياسية لهذا الموضوع كبيرة، وأولها توسيع رقعة المواجهة العربية-الإسرائيلية لتصبح مواجهة عربية- إسرائيلية أمريكية.
لكن شراب يرى أن الدول العربية ليست في موقف قوي لاتخاذ قرار يعارض الموقف الأمريكي.
وتكمن خطورة الخطوة الأمريكية بحسب المحلل الفلسطيني في أن نقل السفارة لمدينة القدس يعد اعترافا نهائيا بدولة إسرائيل، وبالتالي أصبحت القدس عاصمة لإسرائيل ولا داعي لوضعها على طاولة المفاوضات، وفقًا للمنظور الأمريكي، وسيتم التعامل مع هذا الملف عالميًا وليس فقط أمريكيًا.
وتابع: "في هذه الحالة تنتهي عملية التسوية ولا يمكن أن تكون الولايات المتحدة وسيطًا نزيهًا فيها، وتسقط أمريكا بالنسبة للطرف الفلسطيني".
وكانت المفاوضات الفلسطينية-الإسرائيلية توقفت في أبريل/نيسان عام 2014، بعد رفض إسرائيل وقف الاستيطان، والإفراج عن المعتقلين القدامى في سجونها، والالتزام بحل الدولتين على أساس حدود 1967.
ويرى عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" محمد اشتية، إنه إذا تم الإعلان عن نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب للقدس فإن الفلسطينيون سيعيدون النظر بالاعتراف بدولة إسرائيل، وسينفذون خطوات احتجاجية أخرى متعلقة بكامل المسار السياسي. وأضاف، "أن الحديث عن نقل السفارة الأمريكية للقدس يعني نهاية حل الدولتين ويعني بالنسبة لنا انتهاء المسار التفاوضي وإغلاق الباب كليا أمام المفاوضات، وهذا غير مقبول بالنسبة لنا وبالنسبة للمجتمع الدولي الذي لن يقبل هذا الموضوع".
من جانبها حذرت الهيئة الإسلامية العُليا من خطورة نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى مدينة القدس. واعتبرت أن "نقل السفارة يعني اعتراف أمريكا رسمياً بأن القدس عاصمة للدولة اليهودية"، وتكون أمريكا قد أوقعت نفسها في تناقض واضح في المواقف؛ لأن أمريكا قد تولت رعاية المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وترتب على ذلك تأجيل البحث في موضوع القدس حتى المرحلة النهائية للمفاوضات، متسائلة "كيف تريد أمريكا الآن نقل السفارة للقدس؟.