حول التحضيرات القائمة لعقد لقاء أستانا في ظل التطورات المحلية والإقليمية والدولية الراهنة، وإلى أي حد يمكن التعويل على خطوة لقاء أستانا كدافع حقيقي نحو الحل السياسي في سورية، كان لبرنامج "ماوراء الحدث " حواراً خاصاً بهذا الصدد مع مستشار وزير الإعلام السوري الدكتور علي الأحمد.
وإليكم نص الحوار:
سبوتنيك: قبل أن أدخل الحديث حول أستانا هناك الكثير من التشعبات التي شابت تصريحات الوزير لافروف أمس ولابد أن نعرج عليها في حورانا لهذا اليوم، لكن دكتور أحمد دعنا نبدأ بالحديث عن أستانا ومن بعدها نعود الى تصريح الوزير لافروف.
بما أن عقد اللقاء بات أمراً مسلماً به ما هو سر التكتم الإعلامي على تفاصيل اللقاء بالرغم من إعلان المبادىء الأساسية له وأهمها تثبيت وقف الأعمال القتالية ووضع خطة للبدء بالحل السياسي دون تغييب جنيف كما جاء في التصريحات الرسمية للجهات المعنية بهذا اللقاء سواء أكانت سورية أو حلفائها ؟
الأحمد: أنا سوف أتحدث من وجهة نظري الشخصية، التكتم الإعلامي من وجهة نظري سببه الحقيقي ليس الجانب المتعلق بالدولة السورية كجهة ممثلة في هذا اللقاء، وإنما سببه تعدد المرجعيات لدى الفصائل الإرهابية المسلحة، أو الفصائل المسلحة التي أرادت أن تترك السلاح وأن تدخل في إطار العملية السياسية الإقليمية والمحلية، حرص الجانب الروسي وحرص الأطراف الإقليمية الراعية لهذا اللقاء، وهنا أنا أعتقده لقائاً أكثر ماهو مؤتمراً، هو لقاء تاسيسي وهو لقاء توطئة لعقد لقاءات مرجعية قانونية ، طبعاً الآن موجودة المرجعية السياسية ، ولكن المرجعية القانونية النهائية عليها بعض إشارات التساؤل إن لم يكن إشارات إستفهام ، نحن نعرف أن المرجعية القانونية المحلية هي عندما يكون عليها إجماع شعبي ويكون له ترجمة على الأرض ، أما فيما يتعلق بالمرجعية الدولية فطالما لايوجد هناك قرارا دوليا مصادق عليه في مجلس الأمن الدولي ، أو قراراً من الأمم المتحدة كمرجعية نهائية الوضع يختلف ، فحتى اللحظة الإطار القانوني غير متوفر بشكله النهائي ، ومع ذلك هذا اللقاء له أهمية كبرى لأن المرجعية السياسية فيه ، وهنا علينا أن نفصل بين المرجعية القانونية والمرجعية السياسية ، المرجعية السياسية الآن حقيقة هي تحمل في طياتها التمثيل الحقيقي للجهات المتصارعة ، بمعنى أن التركي موجود ، والإيراني موجود ، والروسي موجود ، وسورية موجودة.
الأحمد: صحيح ، لاحظ معي صديقي ، أن الموضوع السوري وقد تحدثنا عدة مرات قبل اليوم أنه ليس موضوعاً سورياً ، والداخل ألسوري قد يكون هو أسهل المسائل على الرغم من تعقيداته ، أصعب الأشياء هي الأشتباك الإقليمي الذي هو واحد من مفردات الإشتباك الدولي ، لذلك يأتي اللقاء في أستانة كلقاء توطئة ، وهو عملياً يمثل القوى الإقليمية أكثر مما يمثل نفسه ، طبعاً هناك بعض الفصائل التي ألقت السلاح ودخلت عملية المصالحة في الداخل السوري أصبحت هي تمثل نفسها ، ولكن هناك فصائل أخرى حتى اللحظة لديها مرجعيات أخرى ، إن كانت هذه المرجعيات تركية أو قطرية أو سعودية على حد سواء، ويجب أن لا يغيب عن ذهننا بغض النظر عن الإدارة الأمريكية ،ومن هي الإدارة الأمريكية ؟ وحتى هذه اللحظة هناك مرجعيات في الولايات المتحدة الأمريكية قد تكون خارج قدرة الإدارة الأمريكية في السيطرة عليها بشكل مباشر.
سبوتنيك: دكتور وهنا تأكيد لبعض ماجاء في تصريحات لافروف حيث قال: أهمية اجتماع أستانا تكمن في أن المجموعات التي حملت السلاح وتملك سيطرة فعلية على الأرض ستجتمع لأول مرة ، بعكس الاجتماعات السابقة حيث كانت تجتمع وجوه سياسية ، تبين انها لا تملك اي سيطرة فعلية على هذه الجماعات، ولا تستطيع الالتزام بأي تعهدات لأنها في النهاية تنفذ اجندة مشغليها من خارج الحدود؟
الأحمد: هذا الكلام دقيق جداً سياسياً وعندما يكون هناك مظلات دولية حتى هذه اللحظة لم تتفق فيما بينها ، ولكنها وجدت نقاط مشتركة ، هذه النقاط المشتركة سببها الأداء الميداني للحلفاء وأقصد هنا بالحلفاء الدولة السورية ممثلة بالجيش السوري الذي صمد كل هذا الصمود ، والذي هو فعلاً صمود إسطوري وباقي الحلفاء وحزب الله وإيران ، وتوّج هذا الصراع بالتحالف الدولي ، وكما قلنا لأن أصل الصراع ليس صراعاً محلياً وليس صراع سورياً سورياً ، وانما هو صراع إقليمي بأجندات دولية ، لذلك كان لابد من مواجهة هذا الصراع ، أن تكون ايضاً المواجهة إقليمية لها مظلة دولية ، لذلك نرى هنا أن الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا هي التي توجت محاولة تفتيت الدولة السورية ، أما في المنقلب الآخر كانت روسيا والصين ومجموعة دول البريكس هي الدول التي توجت عدم السماح لهذه الدول الغربية بأن تفتت الدول السورية ، وهنا علينا أن نستسذكر الفيتويات الأولى في عام 2012 وماتلاها من فيتويات روسية صينية مشتركة.
الأحمد: أولاً يجب علينا أن لا نرفع السقف عالياً ونعتقد أنه سوف يوصلنا الى نهاية الطريق ، ولكن هو نقطة مفترق هامة جداً ، وكما قلت هو توطئة هامة جداً للإنتقال الى مرحلة أخرى ، لاحظ معي هنا أهمية هذا اللقاء ، أهمية هذ اللقاء بالدرجة الأولى في أنه لأول مرة هناك شعور بأنه تم الإحتواء نسبياً للدور التركي و أؤكد على كلمة نسبياً ، إذا ماتمكنا من إحتواءه كلياً ، وإذا ماتمكنا من تجميد الدور التركي في المحيدط عندها سوف يكون هناك إمكانية لعقد لقاءات سورية سورية بإمتياز، وأن يكون هناك حواراً سورياً سورياً يفضي لمصلحة سورية ، لان أصل المشكلة في سورية هي ليست من داخل سورية، وإنما في خارجها.
أصل المشكلة في سورية بالدرجة الأولى هي أن الخارج قد تمكن فعلياً من خلق إختراقات كبيرة بقوة كبيرة على مستوى السلاح ، وعلى مستوى التمويل ، ومده حتى بعناصر إرهابية ، وصل عددها الى أكثر من 265 ألف إرهابي ، دخلو في هذه الفترة الى سورية ، عدا عن الإرهابيين الإقليميين واالموجودين في المنطقة والإرهابيين السوريين بحد ذاتهم.
سبوتنيك: واضح دكتور، دعني إذاً أنتقل الى ما كنا قد تحدثنا عنه تحت الهواء حول تصريحات لافروف بما يخص أنه لولا التدخل الروسي لكانت سقطت دمشق، يعني هذا التصريح هو تصريح لوزير خارجية دولة كبرى وقفت الى جانب سورية، وعليه أن يوضح الأسباب لشعبه وعليه أن يواجه مجتمع دولي لم يترك مصيبة في العالم لم يلزقها بضهر روسيا كما جاء في بعض البوستات والتعليقات على الفيس بوك، ولكن هناك تهجمات كثيرة كانت على وزير الخارجية.
بالمقابل كانت هناك تصريحات من الجانب الإيراني على هامش زيارة رئيس الوزراء السوري الى طهران أن التعاون السوري الإيراني حمى سورية من السقوط، سورية تعرضت لإعتداءات لمدة أربع سنوات قبل حتى أن تدخل روسيا المعركة ، ولكن عندما تدخلت روسيا كانت سورية بالفعل في وضع صعب نتيجة الإتفاق والتحالف لعدد كبير من الدول وعلى رأسها أمريكا للإطاحة بالدولة السورية وبنظام الحكم في سورية ،كيف تعلق على ذلك حتى نوضح الأمر الى حد ما ، ولو أنه ليس مطلوب منا التوضيح لكن يستحق الأمر أن نعلق عليه ؟
الأحمد: أنا أشكرك، أولاً أنا لست في معرض الدفاع أو المهاجمة، وإنما أنا في معرض التحليل لهذا الموضوع، لاحظ معي صديقي كما أسلفنا أنه ليس التدخل الروسي كانت هي اللحظة التي هي منذ سنة ونصف بمعنى آزرت الجيش العربي السوري على المستوى العسكري ، وإنما حينها كانت قد أدركت روسيا خطورة هذا الموضوع ، روسيا كانت قد قدمت قبل ذلك الدعم على المستوى السياسي بالفيتويات ولم تكن فيتويات روسية محضة وإنما كانت روسية صينية مشتركة بمعنى أنه كان هناك إدارك عالمي بخطورة الوضع في سورية ونتائجه النهائية ، هذا من جانب ، ومن جانب آخر ، لا وزير خارجية روسيا ، ولاوزير خارجية سورية ، ولا وزير خارجية إيران ، ولا وزير خارجية أي من الدول المتحالفة بصدد تقاسم ووضع أولويات من الذي كان أكثر ومن الذي كان أقل. لكل جهة دورها ، الجيش العربي السوري والقوى المؤازرة له قد صمدت صموداً إسطورياً ، وهذ الصمود الأسطوري كان له إمداداته حتى الإمدادات اللوجستية ، القعل الأحادي هو عقل لايستوعب ، ونحن الآن لسنا بصدد أن يشد كل طرف اللحاف صوبه أكثر من الآخر ، كان لروسيا دوراً هاماً جداً ، وكان لإيران دوراً هاماً جداً ، الدور الرئيسي كان دائما هو لصمود الدولة السورية.
سبوتنيك: فعلاً بطبيعة الحال هناك دور رئيس لصمود الدولة السورية والشعب السوري والجيش السوري
الأحمد: تماماً ، وبالتالي هنا أهمية الدور الروسي أنه واجه القوى الدولية ، وقد واجه الولايات المتحدة الأمريكية
سبوتنيك: والتي يصعب على الدولة والشعب والجيش السوري أن يواجهونها لوحدهم وهنا يكمن المعنى
الأحمد: نعم بموازين القوى المباشرة
سبوتنيك: نعم قصدت هنا تماماً موازين القوى
الأحمد: نعم ، وبالقدرة و التمكن من الحفاظ على الدولة السورية ،يعني إذا كانت هناك على المدى الطويل هناك حرب شوراع بيننا وبين الغزاة والى آخرة فنحن طبعاً نستطيع ، ولكن بالحفاظ على مقومات الدولة السورية ، كان هناك نوع من أنواع التناغم كبير بين كل هذه القوى ، وهنا لسنا بهذا الصدد على الإطلاق ، لكن على المستمع أن يسمع ويفهم الرسائل غير الموجهة إليه.
في بعض الأحيان وزراء الخارجية يوجهون رسائل قد لاتكون للداخل السوري وإنما يمكن أن تكون الى الداخل الروسي ، أو الى العالم بمعنى أنه لولا أننا نحن في روسيا مافعلنا هذا فكان الإرهاب قد ضربكم ، أو لو سقطت دمشق لا سمح الله لكان الإرهاب وتنظيم القاعدة قد ضربكم.
سبوتنيك: نعم كانت الولايات المتحدة تجهز نفسها لقصف دمشق ، كما فعلت في تلة الثردة على مستوى مثال بسيط في دير الزور لتنهك الجيش السوري ، لتفعلها فيما بعد على مستوى أوسع من خلال الدعم التركي السعودي والمجموعات الإرهابية والى ماهنالك ، بطبيعة الحال سيكون الوضع صعب هنا فيما لو نجحت ؟
الأحمد: نعم: طبعاً ، طبعاً ، أي تصريح لخطاب سياسي نموذجي بمثل هذا المستوى ،يجب أن يؤخذ بأبعاده كلها ، و لايجوز أن يؤخذ بشكله الأحادي ، ويجب أن لايعتقد شخص أو أشخاص بأنه موجه لهم أو موجه للإستهانة بالقوى ، بالعكس يعني هذا السياق منذ اللحظة الأولى حتى عندما زارنا وزير الخارجية روسيا كان قد إستقبل إستقبال الرجال الأوائل وهذه اللحظة نحن نتذكرها جميعاً وأنا تحدث عن عام 2012 ، لذلك يجب أن يؤخذ بسياق محدد ، ويجب أيضاً أن يؤخذ بالسياق المرتبط بتصريحات الرئيس بوتين عندما تحدث عن أهمية الجيش العربي السوري وإمكانياته.
يجب أن لايقتطع أي كلام لأي أحد ، ولا أتحدث هنا فقط عن وزير خارجية روسيا ، وإنما أتحدث أيضاً عندما يقتطع من سياق مواقف لان الأصل هي المواقف وليس فقط التصريحات ، المواقف كانت كلها متناغمة متكاملة مع بعضها ولكل دوره حسب إمكانياته ، بمعنى أن روسيا كان لها إمكانية المواجهة الدولية ، والمواجهة الإقليمية كانت لنا ولإيران.
سبوتنيك: يعني تتحدث عن تكامل حقيقي في المواجهة.
الأحمد: تماماً إذاً كان هناك حد أدنى من المنطق.
سبوتنيك: لايمكن تحقيق هذه النتائج بدون هذا التكامل.
الأحمد: طبعاً.
سبوتنيك: شكراً لكم جزيلا دكتورعلى هذا التعليق ،ونحن هنا كنا قد طرحنا عليكم أسئلة جاد بها أبناء الشعب السوري على مختلف مشاربهم نتمنى أن نكون الى حد ما قد وضحنا هذه الفكرة.
شكرا جزيلاً لكم دكتور.
الأحمد: لكم كل المحبة شكراً.
أجرى الحوار: نواف إبراهيم