البداية كانت في 2008 مع شاب مصري يبلغ من العمر وقتها 18 عاماً اسمه زكي عبد المنعم سليمان أبو رحيم، وهو أبكم ولا يجيد القراءة ولا الكتابة ذهب خلف والدته التي كانت تزور شقيقته في قريتهم كفر شهالة مركز أبو حمص بمحافظة البحيرة شمال البلاد، وهناك اختفى ولم يعد له أثر.
سارع جميع أقارب الشاب بالبحث عنه من دون جدوى. ذهبوا إلى جميع القرى المجاورة فلم يدلهم أحد أو يخبرهم بالتعرف عليه، حتى تسرب اليأس لنفوسهم وفقدوا الأمل نهائياً في العثور عليه.
مرت سنوات، ومن حين لآخر لم تفقد الأم الصابرة ثقتها في عودة ابنها إليها وكانت تخبر أقاربها أن الله لن يخذلها وأن زكي سيعود.
بدران عجاج، ابن خال الشاب، يروي باقي تفاصيل القصة المثيرة قائلاً: إنه فوجئ في أحد الأيام وهو يتصفح "فيسبوك" بصفحة اسمها "صفحة المفقودين" وبها تدوينة لأحد المغردين من محافظة الشرقية ناشراً صورة زكي قائلاً إنها لأحد المفقودين.
وأضاف: "تعرفنا على الصورة وتأكدنا أنه زكي ابن عمتنا وعلى الفور تواصلنا مع الشخص صاحب التدوينة واسمه السيد أحمد، وأخبرنا أن زكي موجود لدى جزار في قرية كفر الحوت التابعة لمركز فاقوس محافظة الشرقية".
وتابع عجاج: "ذهبنا للعنوان الذي حصلنا عليه وقابلنا الجزار حيث صدمنا بمفاجاة أخرى، وهي أن زكي اختفى منذ 20 يوماً"، مؤكّداً أنّه كان يعمل لديه منذ سنوات وكان مثالاً للأمانه ونظافة اليد.
وأكّد الجزار لأقارب زكي أنّه عثر على الطفل حينها هائماً على وجهه في طرقات القرية، ولا يعرف شيئاً عن أهله، لذا عطف عليه وقام بإيوائه وتشغيله وكان عوناً له بالفعل.
وقال بدران إن والدة زكي كانت معهم خلال تلك المقابلة ولم تفقد إيمانها وثقتها في العثور على ابنها رغم أنه كان قاب قوسين أو أدنى منها وقالت لهم إن قلبها يخبرها بقرب العثور عليه.
وتدخل في الحوار فارس علوان، وهو من جيران زكي بالقرية، قائلاً: إنه بعد ذلك بشهور قرأوا تدوينة أخرى لمواطن من الفيوم يؤكد وجود شاب تائه لديهم في القرية التابعة لمركز أبشواي، وعندما نشر الصورة تأكدوا أنّه زكي، وعلى الفور تواصلوا معه وطلبوا منه أن يتحفظ بزكي حتى يصلوا إليه.
وأضاف علوان: "ذهبنا للفيوم ومعنا والد ووالدة زكي وهناك كانت اللحظة المؤثرة التي أبكت الجميع فعندما شاهد زكي والدته ارتمى في أحضانها وظل يصرخ وكأنه يعاتبهم على تركهم له طوال هذه السنوات وبكينا جميعاً من شدّة الفرح وبكت والدته وشكرت الله على كرمه لها بعودة ابنها، وخلال ثوان فؤجئنا بزكي يقفز في السيارة التي كانت معنا ويشير لنا بسرعة الركوب والعودة للقرية، وهو ما حدث حيث عدنا جميعا وكان في انتظارنا جميع الأهل والأقارب الذين أقاموا الأفراح والاحتفالات ابتهاجاً بعودة ابنهم بعد غياب 10 سنوات كاملة".
وقال سامي عبد المنعم، شقيق زكي، إنّه سعيد بعودة شقيقه، مؤكّداً أنه فور دخوله لمنزله ظل يصرخ ويبكي من شدة الفرح ويعانق كل الأشياء في المنزل. وأضاف إنّ "الأسرة قررت تكليف أفرادها بالتناوب على ملاصقة زكي كظله، وأن يقوم كل فرد فيها بتخصيص ساعات من وقته لملازمته".
المصدر: الأنباء الكويتية