وجاء ذلك في الوقت الذي كانت ولا زالت تعتبر فيه، رؤوس الإرهاب، ليبيا مرتعاً خصباً لنمو أعمالها الإرهابية، وهو على ما يبدو الأمر الذي دفع بلحاح إلى التهديد بإثارة المشاكل واستجلاب للفوضى للجارتين لليبيا تونس والجزائر إذا استمرت العمليات العسكرية للجيش الوطني الليبي.
وأثارت تصريحات بلحاج، المطلوب في عدة دول عربية وأجنبية بتهمة الإرهاب، غضباً كبيراً في تونس، خاصة أن أطراف تونسية عديدة تؤكد مسؤوليته عن عدة عمليات إرهابية على أراضيها، وكان آخرها العملية الإرهابية في "بن قردان"، أما الطرف الجزائري فقد انتقد تهديدات بلحاج لا سيما أن الجزائر استقبلته من قبل، وربما بعد اكتشاف مخزن ضخم للسلاح والذخيرة على حدود الجزائر الجنوبية مع مالي.
وفي تصريح لـ"سبوتنيك" قال الخبير العسكري الجزائري اللواء المتقاعد عبد العزيز مجاهد "إن هذه التصريحات لا تصدر من إنسان عاقل وحكيم"، واصفاً موقف بلاده بالثابت الواضح منذ بداية الأزمة في ليبيا، مطالباً الأخوة الليبيين بإبعاد كل الأطراف الأجنبية التي "تتدخل في أزمتهم وتعمقها وتزيدها تعقيداً".
وأشار اللواء مجاهد إلى أن الجزائر استقبلت عدة لقاءات جمعت كل الأطراف والتيارات والشخصيات الليبية، بما فيهم بلحاج نفسه، "وأتعجب من تصريحاته، التي يجب أن يقولها لنفسه، ويعمل بها هو، ولا يخضع لتأثيرات خارجية، فحل مشكلتهم يبدأ بالتوافق الليبي، وبعد وصولهم لأرضية اتفاق، وتوحيد صفوفهم، من حقهم أن يطلبوا المساعدة فيما بعد، فهم أخوة وجيران، وعليهم أن ينظروا لليبيا وشعبها أولاً، ويبتعدوا عن الحزبية والطائفية والقبلية، التي لا تساعد في حل أزمتهم".
وأضاف: "التعامل مع تهديدات الإرهاب يخضع لقوانين دولية، وقوانين وطنية، والاتفاقات الدولية تلزم كل دول الأمم المتحدة التعاون فيما بينهم لمواجهة تلك الظاهرة، وبالنسبة للجزائريين، كل تهديد مهما كان مصدره، خاصة من الشرق، سيواجه بحزم، وسيتم القضاء عليه وبتره من الأساس".
بدوره قال الخبير التونسي في الجماعات الإرهابية باسل ترجمان لـ"سبوتنيك" إن "هي ليست تصريحات، ولكنها تهديدات تعكس كيف يفكر هؤلاء الإرهابيون، وحقيقة ما يضمرونه باتجاه كل الأطراف، وأن محاولات البعض في الفترات السابقة بالحديث عنهم بأنهم شخصيات معتدلة، وأنهم تحولوا فجأة من إرهابيين إلى ديمقراطيين، ويؤمنون بالعدالة والتبادل السلمي على السلطة، وبالديمقراطية، هو كذب وافتراء".
وتابع "هؤلاء رضعوا من حليب الإرهاب، وتربوا في أحضانه، لا يمكن أن يغيروا مواقفهم مهما كانت الظروف، فتصريحات الإرهابي بلحاج تعكس حالة الانهيار التي وصلت إليها الأوضاع في المناطق الغربية لليبيا، وخاصة طرابلس، والتي تعيش حالة فوضى وانهيار أمني مخيف جراء عجز حكومة فايز السراج على ضبط الأمن، وجراء انتشار مخيف للجماعات الإرهابية والعصابات المسلحة وعصابات الجريمة المنظمة بالمناطق الغربية في ليبيا".
وأضاف ترجمان "هناك حالة احتقان شعبي كبير في غرب ليبيا، وخاصة في العاصمة طرابلس، ومطالبات من الفريق خليفة حفتر بإنقاذ الأبرياء هناك من جرائم العصابات الإرهابية والجريمة المنظمة، التي تسيطر على الشارع، وأمام قناعة هؤلاء الإرهابيين بأن ما بقي لهم في غرب ليبيا هي مسألة وقت، فهم يريدون إيصال رسائل رعب للدول المجاورة لمحاولة الضغط على الأطراف الليبية الأخرى، لعدم التحرك عسكريا، لتطهير ليبيا منهم".
وأردف "التهديد الخطير الذي وجهه عبد الحكيم بلحاج، يجب أن تأخذه تونس والجزائر على محمل الجد، وبكثير من الانتباه والحذر، فهنالك اليوم إعادة تشكيل وترابط للجماعات الإرهابية، في الغرب الليبي، حيث بدا التحالف واضحاً بين مختار بلمختار وعلي الصلادي، مفتي الإرهاب في ليبيا، إضافة إلى التواجد الكثيف لـ "داعش" في صبراتة، وهو ما يشكل تهديدا خطيرا لأمن المنطقة برمتها".
وقال باسل ترجمان في نهاية تصريحه إن "هذا التهديد في مرحلته الحالية قد يمس مصر والجزائر، ولكن في مرحلة قادمة، قد تكون له ارتدادات في شمال المتوسط، ومناطق جنوب أوروبا، لأن هذه الجماعات تعتبر أن أي مساس بها سيدفعها لضرب كل ما يمكن أن يؤدي إلى انهيار الاستقرار في المناطق المحيطة بليبيا بلا استثناء، ويجب التعامل مع هذه التهديدات إقليميا بكل جدية، وفهم أنهم قد دخلوا مرحلة الاقتراب من اليأس، وفهم قدرتهم على إلحاق الأذى، وتهديد الأمن في كامل المنطقة، بدءاً بمصر وانتهاء بجنوب أوروبا".
يذكر ان بلحاج قائد المجلس العسكري في طرابلس بعد 2011 في ليبيا. ورئيس حزب الوطن الإسلامي، وكان أمير الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة المنحلة. تم اعتقاله في ماليزيا في فبراير 2004، عن طريق مكتب الجوازات والهجرة، بتدخل من المخابرات الأمريكية، ثم ترحيله إلى بانكوك للتحقيق معه من قبل وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، ثم ترحيله إلى ليبيا بتاريخ 8 مارس 2004. واتهم بعلاقته بالإرهاب لانتمائه الى تنظيم "القاعدة" خاصة وان شقيقه "أبو يحي الليبي" الرجل الثاني في التنظيم".