ويبحث الوفد خلال زيارته لبغداد أوضاع الأقليات في العراق والمشاكل التي يتعرضون لها بسبب الإرهاب. واستقبل رئيس الوزراء حيدر العبادي الوفد السبت حيث جرى "مباركة الانتصارات المتحققة في العراق على الإرهاب والحفاظ على الأقليات والوضع في المنطقة"، حسب بيان لرئاسة الوزراء.
قضية الأقليات طفت على سطح الأحداث بالعراق في السنوات الأخيرة، ولا سيما بعد تأسيس مجلس الحكم في يوليو/ تموز 2003 على أساس محاصصة طائفية وعرقية، وكذلك بعد قيام تنظيم "داعش" باحتلال محافظة نينوى، والتي تظم الكثير من الأقليات وأهمها المسيحية والتركمان والأيزيدية والشبك والأكراد.
وقد تمكنت القوات المنخرطة في معركة استعادة مدينة الموصل من تنظيم "داعش" حتى الآن من طرد الإرهابيين من عدد من القرى المسيحية، إلا أن عودة هؤلاء إلى مناطقهم لا تبدو وشيكة بسبب حجم الدمار والخوف من المستقبل.
برنامج "الحقيقية" الذي يبث على أثير إذاعة "سبوتنيك" بحث هذا الموضوع بحوارين مع كل من الناشطة المدنية هناء أدور رئيسة منظمة "أمل" لحقوق الإنسان والنائب في البرلمان العراقي يونادم كنا، حيث يقول الأخير في معرض حديثه، ستكون هناك عودة للمكون المسيحي إلى الموصل، لكن قد تكون متأخرة لعدة أشهر، لأنه لحد الآن ورغم مرور ثلاثة أشهر على تحرير المنطقة التي يتواجد فيها المكون المسيحي في الموصل لم يعاد إعمارها ولم تتم إعادة الخدمات والبنى التحتية لها، ونحن نحاول ونضغط في كافة الاتجاهات من أجل عودة الحياة إلى المناطق المحررة، وكذلك نسعى إلى إعادة إعمار المساكن التي دمرت وحرقت ونهبت من قبل تنظيم "داعش" وبعض سكان المنطقة، وهذه المشاكل تؤدي إلى خيبة أمل المواطن المهجر".
وتبقى هناك شكوك في عودة جميع النازحين إلى مناطق سكناهم، وفي ذلك قالت أدور "نحن نتطلع إلى عودة جميع النازحين والمهجرين الى مناطقهم، لكن الوقائع أثبتت أن المهاجرين في تركهم لمناطقهم لا يعودون جميعهم، وهذا ما حصل بين عامي 2005 و2010، حيث عادت نسبة قليلة منهم إلى مناطقها".
وتحاول العديد من المنظمات الدولية مساعدة المكون المسيحي في محنته وحماية حقوقهم في ظل موجة التشدد الديني الراديكالي التي تهز المجتمع العراقي، ومن هذه المنظمات مجلس الكنائس العالمي في زيارته إلى بغداد، وفي ذلك يشير كنا" إن مشكلة الأقليات هي مشكلة وطنية داخلية في العراق، ولا يستطيع الأجنبي معالجتها، وإنما تتم معالجتها فيما بين العراقيين، ولكن هناك أحيانا بعض التوجيهات الدينية المتشددة من بعض الأفراد والمجموعات، وهذا يؤدي إلى خراب البلد، ويعود به إلى نقطة الصفر، ونحن نسعى في بناء الدولة المدنية ودولة المواطنة وتحقيق العدالة بين مكونات المجتمع بغض النظر عن الاتجاهات القومية والدينية ووفقا للدستور". وليس بعيد عن ذلك تجيب أدور" فيما يخص زيارة وفد الكنائس العالمي ، فإننا من جانبنا كل تحرك دولي يعزز من وحدة العراقيين فهو مطلوب بالظروف الحالية وكذلك معالجة قضايا النازحين وعودتهم ومشاركتهم في إعادة بناء مناطقهم وتعزيز عملية التعايش الاجتماعي بين الأطراف المختلفة فيما بينها، وكذلك التأكيد على وحدة العراق هي مسألة مطلوبة جدا في هذه الظروف، وقيام المجتمع الدولي في التأكيد على الجوانب السلمية يعد أمرا غاية في الأهمية وإجراء التقارب بين مختلف وجهات النظر".
وتفتقد إحصائيات رسمية عن أعداد المسيحيين اليوم في العراق، بسبب عدم وجود تعداد سكاني، حيث قالت أدور" لا توجد لدينا ولا لدى الحكومة إحصائية عن أعداد المسيحيين في العراق، فقط يمكن القول أن هذا المكون قد بدأ يختفي في المناطق الجنوبية، وحتى المكون الصابئي، وعليه يجب تعزيز التعددية والتنوع الموجود من خلال خلق برامج تهدف إلى تشجيعها على البقاء، ويبقى الوضع الاقتصادي يلعب دورا كبيرا أيضا، خصوصا وأن الشباب العراقي بوجه عام يبحث عن الهجرة إلى الخارج وهو وضع مقلق".