أزاح شابان من ناحية القيارة في جنوب الموصل، بقايا الإرهاب وأفكاره الدموية من سور "روضة"، وغرسوا بديلا عنها الكرم والسعادة والدفء لكل الهاربين من سطوة "داعش"، والفرحين بانتصارات القوات العراقية التي حررت أجزاء واسعة من نينوى ومركزها الموصل.
وسمى الشابان "الكابتن خيري"، وهو أحد الناجين من سجون تنظيم "داعش" في نينوى، ورفيقه "مشتاق أحمد"، مؤسسا فريق ضع بصمتك الإنسانية، السور "حائط الروضة" التابع لدائرة التربية بالقيارة، بـ"حائط الخير…مجاناً…مجاناً" وعلى متنه علقوا شتى أنواع الثياب الجديدة والنظيفة للنازحين والمحتاجين، بعدما كان الحائط مثقلاً بظلام "الدواعش"، سابقا ً.
وتحدث الشاب مشتاق أحمد، لمراسلة "سبوتنيك" في العراق، عن مشروعهم لإعادة الحياة في القيارة، الناحية التي طالما نهبها تنظيم "داعش" ودمرها أشد تدمير بسفك أبارها النفطية وإشعالها لإزاحتها من مرتبة الأغنى في البلاد.
ويقول أحمد "كنت مهاجرا، وعدت إلى القيارة بعد تحريرها من سيطرة "داعش" على يد القوات العراقية العام الماضي، كان الحائط مشوه بعبارات التنظيم كونه يتخذ من الأبنية الواقعة خلفه، وهي التربية — روضة — ومستوصف صحي، كمقار له".
توجهنا إلى دائرة التربية، وطلبنا منهم أن يمنحوننا ستة أمتار فقط من عرض الحائط نخصصه لمشروعنا الإنساني الخيري.. وتمت الموافقة على ذلك، وباشرنا العمل عليه حديثا، زيناه بالعلم العراقي والورود بعدما محونا كل الشعارات التي خطها "داعش" عليه.
وأضاف أحمد، منحناه أسما جديدا هو "حائط الخير للنازحين والمحتاجين"، وكل ما نعلقه على السقيفة الصغيرة التي وضعناها عليه، من ثياب نصف كمياتها جديدة، والبقية مستعملة لكنها نظيفة من متبرعين، هي مجانية لكل المدنيين".
ووزع فريق "ضع بصمتك"، كميات من الثياب للنازحين الذين يهربون من مناطق العمليات العسكرية في الساحل الأيسر الذي حررته القوات العراقية بالكامل من مدينة الموصل، وكذلك العصائر والورد ابتهاجاً وفرحاً بالانتصارات المتحققة على تنظيم "داعش".
ولدى الفريق، كتب رسمية من التربية، والبلدية والناحية، والشرطة المحلية، لاستخدام الحائط كونه حكومي، لاستخدامه إنسانيا، ضمن المشاريع الخيرية التي تعكس طيب وكرم أهالي القيارة ونبل أبنائها وتهافتهم للعمل على ترميها وتطبيب آلامها التي طالتها أيدي "الدواعش" عند استيلائهم عليها ضمن نينوى في عام 2014.
وكشف أحمد، عن مشروع للفريق، يتمثل بتشجير القيارة بغرس كل أنواع النباتات والورود للتغلب على جوها المليء بدخان ولهيب الآبار النفطية التي أحرقها تنظيم "داعش" في الناحية عند بدء انهزامه فيها في تموز/ يوليو وآب/ أغسطس العام الماضي بتقدم القوات العراقية مع المقاتلين من أبناء العشائر وبدعم من التحالف الدولي ضد الإرهاب.
وتشهد نينوى، بالإضافة إلى العمليات العسكرية التي تحسمها القوات العراقية لصالحها بتكبيد تنظيم "داعش" الخسائر الفادحة، جهودا كبيرة للفرق الإنسانية التي تضم أبناء مناطقها من النازحين والناجين لإعادة بناء ما دمر وإنقاذ ما تبقى.