قبل أن تفكر كثيراً، بدأت أولغا من شيء صغير: فبينما كانت في إجازة أمومة، قررت أن تتعلم طهي الحلويات الفرنسية (French Macaroons).
"قالت أولغا في حديث مع "سبوتنيك": "أصبح الأمر شيئا رائعا جداً بالنسبة لي. لم أكن أعتقد أن فن الحلويات متنوع ومثير للاهتمام إلى هذه الدرجة!".
عندما كانت أولغا تمارس الركض، مرَت بجوار محل للكعك —"بطريق الخطأ"، ولم تكن ذات شعبية كبيرة. "كان أمر غير عادي تماماً وجديد بالنسبة لي. لذا رغبت في أن أعرف سر جمالها هذا — كان هذا حب من النظرة الأولى".
اجتهدت أولغا على مهاراتها للوصول إلى حيث هي الآن. اكتسبت الخبرة من أفضل المعلمين في روسيا والخارج. وأضافت: "لكن أنا لا أحب أن أكرر بعد عمل شخص ما. أردت أن أجد طريقتي الخاصة لجعل الكعك ذا أسلوب يحمل طبعي أنا، ويتم الاعتراف به من بين الآلاف الآخرين. وبدأت أجرب، وأخلط وأصنع. وأخيراً، وجدته — طلاء الوصفة المثالية التي جعلت بها كعكي فريد من نوعه ويغزو العالم كله!"
بالطبع، كانت هناك عدة محاولات غير ناجحة في المطبخ، وخاصة في بداية المرحلة. لكن أولغا لم تعتبرها أنها مشكلة أوعائق لها.
"إن طريقة "التجربة والخطأ" — هي الطريقة الوحيدة التي يمكن أن تكتشف شيئاً خاصاً تفاجئ به نفسك والآخرين. إن كل ما يحدث أثناء عمل الكعك هو العمل مع اللون والشكل والزينة. سواء كانت المحاولة ناجحة أم لا، فسوف تعود بفوائد وتصبح درساً. وأنا أحاول طالما يمكنني الوصول إلى درجة المثالية، لأنني متطلبة جداً، وأطلب من نفسي الكثير، فيما يخص إبداعاتي".
"كل كعكة أصنعها بحب، وحنان واهتمام. وفي بعض الأحيان، آخذ استراحة وأحاول الاسترخاء قليلاً، لأفرغ رأسي وأطلق العنان لأفكار جديدة. وبمجرد ظهورها، لا شيء بإمكانه أن يوقفها من أن تتحول من الخيال إلى واقع".
أصبحت أولغا معروفة لأول مرة في مايو/ آيار عام 2016، وذلك بعد أن عرضت وكالات الأنباء الكبرى أخباراً عن الكعك الخاص بها، واصفة إياها بـ"الأغذية الإباحية"، ومن ثم أثار ضجة على مواقع الإنترنت. حتى نجمة الـ"بوب" الشهيرة المغنية بريتني سبيرز كتبت على صفحتها على موقع "فيسبوك"، أن "كعك أولغا "جميل جداً لكي يؤكل!".
"بعد ذلك، استيقظتُ مشهورة في جميع أنحاء العالم. وخلال بضعة أيام، ارتفع عدد المتابعين لصفحتي الخاصة على "الإنستغرام" إلى 600 ألف شخص. لم أستطع أن أصدق ما حدث لي!".
قبل حادثة مايو/ آيار، كانت مبيعات أولغا مستقرة بما فيه الكفاية؛ كان هناك بعض الزبائن العاديين. ولكن بعد أن اكتسبت شعبيتها، أصبحت أولغا مشغولة تماما. الآن، لديها مساعد يعمل في الفريق.
ومع ذلك، فإن عملية صنع الكعك لم تتحول إلى إنتاج ضخم. اعتمادا على روحها المبدعة، تصنع أولغا من قطعة واحدة إلى 5-7 قطع في اليوم الواحد.
"أنا ليس لدي هدف لبيع أكبر قدر ممكن (من الكعك). بالنسبة لي، الأمر ذا أهمية أكبر من ذلك — خلق شيء فريد من نوعه وجلب الفرح والسعادة لزبائني".
تستقبل أولغا الكثير من الطلبات من مدن أخرى، وحتى من البلدان الأخرى. خدمة توصيل حلويات أولغا متاحة، ولكنها تبدو أشبه بـ"غارة القوات الخاصة" بسبب بعض الظروف المطلوبة للنقل.
"مئات الآلاف من الأشخاص حول العالم يكتبون لي أنهم يرغبون في تذوق حلوياتي. لدي الكثير من المتابعين على شبكات التواصل الاجتماعي: الانستغرام، وفيسبوك ويوتيوب، وأكثر من نصفهم يتابعونني من دول خارج روسيا: دول عربية، والولايات المتحدة، وإنجلترا، والبرتغال والبرازيل. لذا، أنا أخطط أن أطعم كل هؤلاء الراغبين في الكعك المثالي من أولغا نوسكوفا".
في العامين الماضيين، كونها صانع حلويات، أدركت أولغا أنها ليست مجرد وظيفة أوهواية بالنسبة لها، ولكنها فن حقيقي.
قالت أولغا: "كعكي هي القماش الذي أرسم وأخطط عليه، وأملأه بتجاربي، ومشاعري وخيالي. لا يوجد كعك يماثل الآخر؛ حتى ولو أخذت نفس الطلاء، وأنا أحصل دائماً على شيء جديد. وفي كل مرة، أسعى جاهدة لأصنع كعكاً جديداً ويكون أكثر مثالياً من سابقه".
هناك مجموعة متنوعة لمصادر إلهام التي لا حدود لها بالنسبة لأولغا: من الفنانين الإنطباعيين مثل فان غوغ، مونيه، غوغان وكوروفين إلى الطبيعة وقابليتها للتغير، ومن الكون وقوته إلى أهم الأحداث في العالم…
وأضافت: "أؤمن في قوة الكون والطاقة التي لا تنضب. الكون يساعدني دائماً، إذا لجأت إليه تسأل. بالنسبة لبعض الناس، قد يبدو هذا الأمر غريباً، لكنه ينجح معي. حتى إنني صنعت سلسلة من الكعك مخصصة لمواضيع الفضاء".
كان واحداً من أحدث كعك أولغا بعد أن علمت بترشيحها لجائزة "The Shortly Awards" ، والذي يعرّف الناس والشركات الأكثر شعبية وشهرة على الشبكات الاجتماعية.
"لأكون صادقة، في البداية لم أعط أي اهتمام لهذا الأمر. عندما وصلتني رسالة إلكترونية تتضمن ترشيحي للجائزة، اعتقدت أنها من رسائل "البريد المزعج" (سبام) ولكن عندما قرأتها بعناية، لم أستطع أن أصدق ذلك!"
"وقبل ذلك، كنت أتحدث إلى زملائي في فريق العمل وأشاركهم حلمي في أن أصل إلى نيويورك ذات يوم. وهاهو الكون سمعني! وتم ترشيح في الفئات الأخرى أشخاص مثل: أوبرا وصامويل جاكسون وشير وليدي غاغا وبريتني سبيرز — ربما ستتيح لي الفرصة للقائهم حقاً، وسيكون لي شرف كبير أن أمثّل روسيا ليس فقط كدولة من الفنانين الكبار والكتاب والرياضيين، بل أيضا كصانعة حلويات مشهورة".
وتابعت أولغا: "وبالمناسبة، أنا أخطط للتواصل مع بريتني سبيرز وأقدم كعكاً لها. وذلك لكي تحكم على الكعك الخاص بي بالفعل وليس فقط من خلال الصور".
أنت لا تحتاج إلى الكثير من الأدوات أو مكونات "غريبة" لصنع هذا الكعك في المنزل.
"كثير من المتابعين يرسلون لي صور الكعك الخاصة بهم، وتبدو جيدة. ولكن لتحقيق الصورة المثالية، لا يكفي أن تعلم وصفة واحدة فقط، ولكن يجب أن تصل بها إلى درجة المثالية (في صنع الكعك). فكل غرام مهم، لذلك لا يمكن أن تطبخ معتمداُ على العين فقط. هذا الصنف من الكعك "حساس للغاية"، وخاصة تلك التي لديها ملمس لامع — كل شيء يجب أن يكون سلس تماماً، دون أي فقاعات. إنه بمثابة علم الصواريخ!".
أولغا تفضل أفضل المكونات: الشوكولاته يجب أن تكون بلجيكية أو سويسرية، ويجب أن تكون الأصباغ فرنسية وطبيعية، وبطبيعة الحال، الفواكه يجب أن تكون طازجة — وهو أمر لا بد منه.
هناك تحيز على نطاق واسع حول أن الطهاة المحترفين لا يطهون الطعام في المنزل. لكن هذا ليس هو الحال بالنسبة لأولغا.
"أفراد عائلتي هم أهم النقّاد ذوي موضوعية بالنسبة لي. وهم أول من يتذوق الحشوات الجديدة ويحكمون عليها، ويخبرونني لو كانت لذيذة أم أن هناك شيئاً ما ينقصها. إن دعمهم ومشاركتهم مهمة جدا بالنسبة لي. ابني الصغير يحاول مساعدتي بالفعل. ففي يوم عيد ميلاده، عمل على تغطية الكعكة بنفسه".
إلى جانب الكعك، أولغا شغوفة بطهي الأطباق الباشكيرية والأوروبية.
في الوقت الحالي، لا تزال المفاوضات جارية حول افتتاح محل "أولغا للحلويات" في دبي وموسكو ولندن وشنغهاي وغيرها من المدن الكبيرة. وتشارك أولغا أيضاً، وبكل سرور، خبرتها ومعرفتها من خلال دروس الطهي، التي يقام أغلبها في الخارج.
"أحصل على العديد من الرسائل من جميع أنحاء العالم مطالبين بأن أشاركهم سر "اللمسة الزجاجية" على الكعك الخاص بي. في هذه اللحظة لا أستطيع الكشف عنها. لكنني أخطط لإطلاق دروس (حول ذلك) على الإنترنت قريباً، حيث سأشارككم كل أسراري في صنع كعكة مثالية".