وينضوي هذا تحت عنوان "الإرهاب الاقتصادي الدولي"، خاصة إذا ما كان يتعارض مع القوانين والأعراف الدولية والدبلوماسية، طالما أن هذا كان قسريا ومؤذيا، ويؤثر على شرائح عريضة من الناس بمن فيهم النساء والأطفال والشيوخ؛ لما له من آثار الحصار الاقتصادي، والعقوبات الاقتصادية لا تقل إيلاما عما تسببه تلك الأنواع المقيتة الأخرى من الإرهاب.
قديمة وجديدة
لم يبدأ الحصار والعقوبات الاقتصادية على سوريا مع بدء الأزمة الراهنة، بحسب ما أكده الدكتورعابد فضلية أستاذ الاقتصاد في جامعة دمشق لـ"سبوتنيك" بل يعود بشكل أساسي إلى عهد جورج بوش، رداً على مواقف سوريا السياسية المبدئية تجاه أحداث المنطقة آنذاك، وقام حينها باستصدار "قانون محاسبة سورية" عام 2003 ليزيد عقوبات جديدة على أخرى سابقة غير مباشرة كانت قد اتخذت قبل ذلك بسنوات طويلة.
وأضاف فضلية، أن العقوبات التي اتخذت منذ عام 2011 بدأت بالعقوبات الأمريكية التي تتعلق بتوقيف التعاملات المصرفية وحظر توريد الأسلحة ومنع استيراد النفط والغاز وتجميد أصول حكومية، ومنع السفر عن شخصيات سورية، في حين كان لعقوبات الاتحاد الأوربي التأثير الأكبر كون الاتحاد الأوروبي كان الشريك الأكبر في مجال التجارة الخارجية، وأصيبت العديد من المجالات والقطاعات منها إيقاف شراء السندات السورية والتعاون المالي ومنع البنوك السورية من فتح فروع لها في أوربا، وتجميد إمكانية الاستفادة من تسهيلات بنك الاستثمار الأوروبي.
وتابع فضلية، أن عقوبات جامعة الدول العربية وتضمنت التعاون في السلع غير الضرورية ووقف التعاملات المالية مع المصرف المركزي وجميع التعاملات المالية ووقف تمويل المشروعات الاستثمارية، أما العقوبات التركية تجسدت في عقوبات مالية وتجارية وتجميد الأصول السورية ووقف التعاون مع المصرف المركزي وتجميد أحكام اتفاقية التجارة الحرة الثنائية.
حصار التجارة
وأشار فضلية، إلى أن الآثار الاقتصادية للعقوبات والحصار الاقتصادي على سوريا سببت في انخفاض حجم التجارة الخارجية خلال سنوات الأزمة ليصل حالياً إلى ما بين "25 و35 %"، بالمقارنة مع سنوات ما قبل الأزمة، كما تغيرت وجهة الصادرات والمصدر الجغرافي للواردات، فتراجعت الواردات من الدول العربية ومن دول الاتحاد الأوربي مقابل ازديادها من الصين وبلدان آسيا الأخرى، وكذلك إعاقة التحويلات المالية الخارجية، ورفع تكلفتها بسبب اضطرار الفعاليات الاقتصادية إلى اللجوء إلى فريق ثالث وأحيانا رابع وخامس لإتمام الصفقات التجارية من استيراد وتصدير.
كما ارتفعت تكاليف الشحن وبوالص التأمين للواردات والصادرات، مما رفع أسعار المستوردات على المنتج والمستهلك السوري، وقلل بالتالي من تنافسية الصادرات السورية، ورفع من جهة أخرى نسب التضخم وتكلفة وأسعار المنتجات المنتجة والمحلية، وأضعف من القوة الشرائية للمستهلك وخاصة العاطل عن العمل والضعيف ومحدود الدخل، والذين بمجملهم يشكلون أكثر من 80% من الشعب السوري، إضافة إلى إضعاف الثقة بإمكانية التعامل مع المستورد والمصدر السوري، وتأجيج نسب ومعدلات التضخم بما في ذلك "كسبب ونتيجة" ارتفاع أسعار القطع الأجنبي، وانخفاض قيمة العملة الوطنية، وبالتالي تراجع مستوى المعيشة والقوة الشرائية ومستوى المعيشة للشرائح العريضة والضعيفة من المواطنين السوريين.
لجم الهيمنة
من جهته يرى المحامي ماهر العطار اختصاص قانون الدولي أنه يجب على الأقطار والدول والشعوب الحرة المستقلة وأحزابها ومنظماتها ومؤسساتها الاقتصادية وغير الاقتصادية أن تغير وتطور وتعدل في سياساتها الداخلية والخارجية، وتسن قوانينها وتشريعاتها الوطنية والثنائية والإقليمية والقومية التي تجسد بحق مصالح شعوبها وتحمي حقوقها في مواجهة الصلف الغربي والإرهاب الدولي بمختلف صوره وأشكاله ، العسكري والاقتصادي والسياسي والفكري والدبلوماسي والإعلامي.
وبين العطار لـ"سبوتنيك" ضرورة قيام المنظمات والمؤسسات الدولية والعربية بوضع التعاريف الواضحة لأنواع الإرهاب وأشكاله وأنواعه بما في ذلك الإرهاب الاقتصادي ، وإيقاف سياسات الهيمنة في العلاقات الدولية، ولجم ممارسات وسياسات الهيمنة والضغط والترهيب والترغيب في العلاقات والمصالح الدولية، بما فيها أساليب المقاطعة والحصار والعقوبات الاقتصادية، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول والشعوب.