في عام 1995، صدر عن دار "الجديد اللبنانية" كتاب "صلاح الدين الأيوبي بين العباسيين والفاطميين والصليبيين" للكاتب حسن الأمين. وتحت عنوان "مع الناصر العباسي"، يقول "الأمين": عقب انتصاره في معركة حطين وتحرير القدس، رفض طلب الخليفة الناصر، بإرسال جيشه، للمشاركة في تحرير فلسطين كاملة. وعن السبب، أشار الأمين إلى أن صلاح الدين أدرك أنه في حال تحرير فلسطين كاملة، ستصبح ولاية خاضعة للخلافة، وبالتالي سيصبح هو الآخر أحد الولاة التابعين للخليفة.
ولفت الكاتب إلى أن صلاح الدين بدأ بعد ذلك التمهيد للصلح مع الصليبيين، والتسليم لما يحتلونه من أرض الوطن، فأرسل أخوه "العادل" للاتصال بالصليبيين، وفي نفس الوقت كان يُرسل رسائل إلى الخليفة يطمئنه فيها بأنه لم يستسلم للصليبيين.
وأكد "الأمين" أنه لو تعاون صلاح الدين مع الخليفة الناصر، لتم توحيد البلاد العربية في حكم واحد، لكن صلاح الدين أضاع كل ذلك ليظل مستقلًا بما في يده من بلاد.
من جهته قال الكاتب تقي الدين المقريزي في كتابه "خطط المقريزي": كان هناك عدد كبير من الأهرامات في منطقة الجيزة، هدمها صلاح الدين بأكملها وأخذ حجارتها ليبني بها قلعته المعروفة باسمه تحت سفح جبل المقطم، والسور المحيط بالقاهرة، ولم يتبق منها سوى أعظمها والمعروفة حالياً وهي التي لم يقو الزمن ولا صلاح الدين على تدميرها.
والأنكى من ذلك كله، قيام صلاح الدين بالاستيلاء على أموال الجامع الأزهر وحرق المكتبات، وتقول "المصري لايت": استولى صلاح الدين على ما في القصور من خزائن ودواوين وأموال ونفائس، وأباح بيع كل ما وجد في القصور، حتى أنه باع كل ما خرج منها لمدة 10 سنين، كما اقتطع أمراءه وخواصه ما كان للفاطميين من دور ورباع.
وهنا، فقدت القاهرة مكانتها كمركز للحكم وأخذت الأنشطة التجارية والحرفية تتسرب إليها، وتنتشر في موضع القصور الفاطمية حول الشارع الأعظم أو قصبة القاهرة. وتحول مركز المدينة القريب من الجامع الأزهر إلى منطقة تجارية.
وأدت التغييرات الاجتماعية والاقتصادية التي شهدتها القاهرة في العصر الأيوبي على إعادة تشكيل النسيج العمراني للمدينة، فشهدت هذه المنطقة مولد العديد من المدارس المذهبية مثل "السيوفية والكاملية والصالحية" وازدهرت في العصر المماليكي، والعديد من الأسواق النوعية حتى أصبح موضع بين القصرين سوقاً مبتذلاً بعد ما كان ملاذاً مبجلاً.
كما استولى صلاح الدين على ما بالجامع الأزهر من فضة قدر ثمنها بـ5 آلاف درهم، ثم استولى على كل ما وقعت عليه يداه من فضة في بقية المساجد، وبقي المسجد الأزهر معطلاً لا تقام فيه صلاة الجمعة مائة عام ولا تلقى فيه دروس العلم من باب أولى حتى أعادها الملك الظاهر بيبرس.
وقال منصور سرحان، مدير إدارة المكتبات العامة في البحرين: حرق الكتب وتدمير المكتبات يعد من بين أهم الكوارث التي واجهت الحضارة العربية الإسلامية منذ تاريخها الطويل وحتى يومنا هذا، كما أنها سبب رئيسي لتخلف الأمة العربية عن النهضة العلمية وسر ضعفها، وجعلها نهباً للمستعمر الأجنبي، وفقاً لصحيفة "الوسط" البحرينية.
وأضاف سرحان في محاضرة ألقاها عام 2007: "عندما تولى صلاح الدين الأيوبي حكم مصر قضى على البقية الباقية من المكتبة، وذلك إما بتوزيعها على رجاله وإما بعرضها للبيع بأي ثمن كان".
وتكثر الأمثلة التي نشرها "المصري لايت" حول أفعال السلطان صلاح الدين والتي كان لها نتائج كارثية على مختلف مناحي الحياة آنذاك وحتى يومنا هذا